ناصر الجمال
التفت إلي قائلاً: من رأى تلك الحرب في لبنان يعتقد أنها لن تخطر على بال أحد بعد. ثم ارتسمت علامة تعجب على وجهه وقال: في الفترة التي سبقت الحرب (قبل ١٩٧٥) لم يبق أحد في العالم إلا زار لبنان محاولاً التهدئة. ثم أنهى الحديث بقوله: «أيُعقل ما يحدث الأن».
حقّاً أنا لا أعرف ماذا أراد ذاك الرجل المسنّ من هذه العناوين دون أي تعليق على ما هو جارٍ هذه الأيام، بعدها أدركت أنه يتصرّف كمن يسرد قصة فيلم شاهده في أيام خلت.
هو غادر ليمارس رياضة المشي، وأنا لم أعر كلامه بالغ أهمية.
ثمّ لم يمرّ وقت طويل حتى بدأت أشعر بأن مخرجي هذا الجيل، حتى هذه اللحظة لم يستطيعوا أن يغيروا الكثير في أحداث هذا الفيلم، اللهم إلا بعض الأسماء والتحالفات والتظاهرات المليونية حتى لا يشعر الجمهور بالملل.
ثم علا الصياح أكثر في الساحات، وخُيِّل إليَّ أن المشهد غير المنتظر قد انتهى من تصويره، وأنه أصبح جاهزاً للعرض عندما تسمح دور العرض (لا سمح الله أن تسمح). فهل هي آتية؟ هذا ليس تشاؤماً، ولكنه علم وخبر لكلّ من يشارك في دوامة الحرب. علم وخبر أيضاً لكل من أراد أن يخفي الحق بقوله إنها حرب الآخرين على أرض لبنان. إنه كمن يقول: عندما تبدأ الحرب سيكون لدينا الجواب الشافي بأن لبنان بخير والحرب عند الأخرين.
إذا كانت حرب الأخرين كما يوهمنا البعض، فليثبت اللبنانيون للآخرين أن من يريد أن يحارب فليفعل على أرضه، وليدع بلد الأحبة بسلام.