نقابة الصحافة اللبنانية شاخت كما شاخ آخر نقبائها محمد البعلبكي (94 سنة) الذي دامت ولايته 33 سنة. هذه النقابة انتهت، او هي على هذا الطريق، ليس بسبب آخر انتخابات مزورة جرت فيها، بل لأنها لم تعد تملك مقوّمات الاستمرار. وعندما نقول انتخابات مزورة فنعني ذلك لأننا نملك جميع الوثائق التي تؤكد هذا التزوير. إذ استغلّ بعضهم الوضع الصحي للنقيب السابق لأخذ توقيعه على مخالفات كثيرة وكبيرة أدت الى فوز مجلس النقابة الجديد بأكثرية ضئيلة جداً. اذ ان «فوز» مجلس النقابة الجديد كان بأكثرية ستة اصوات، اربعة من اصحابها صوّتوا وهم خارج البلاد، وثلاثة الى خمسة اسماء أضيفت الى جدول الناخبين من دون أي حق قانوني وفي آخر لحظة!
قد يكون مجلس النقابة الجديد هو آخر مجلس لأن عدد اعضاء الجمعية العمومية لهذه النقابة يبلغ 110 مطبوعات سياسية (59 يومية و51 اسبوعية)، وهم يتمثلون بمجلس كبير جداً مؤلف من 17 عضواً (12 لليوميات و5 للاسبوعيات). أما عدد المطبوعات التي تصدر يومياً واسبوعياً حسب القانون فلا يتعدى الـ 20 مطبوعة منها 12 يومية و8 اسبوعية، والباقي متوقف عن الصدور منذ سنوات برغم ان القانون يطلب من وزارة الاعلام الغاء ترخيص كل مطبوعة تتوقف عن الصدور مدة ستة اشهر، وفي حال تطبيق هذا النص القانوني يكون عدد المطبوعات السياسية المطلوب الغاء تراخيصها حوالي 90 مطبوعة لتبقى المطبوعات التي تصدر حسب منطوق ترخيصها حوالي 20 فقط!
وينص قانون المطبوعات ايضاً على ان نقابة الصحافة هي نقابة «مالكي» المطبوعات الصحافية، وعندما تأسست هذه النقابة كان اصحاب المطبوعات صحافيين كباراً. ولكن مع مرور الوقت، اصبحت معظم صحف هؤلاء مملوكة من الغير حتى بات عدد المطبوعات المملوكة من صحافيين في آخر جدول نقابي لا يتعدى اصابع اليد الواحدة، فيما لا يوجد في مجلس النقابة الجديد اي مطبوعة مملوكة من صحافي سوى مطبوعة «الشرق» التي يملكها النقيب الجديد عوني الكعكي، فيما باقي اعضاء المجلس ممثلون لمطبوعات مملوكة من شركات ومعظمها متوقف عن الصدور منذ سنوات، اي ان صفة نقابة «مالكي المطبوعات» لم تعد موفّرة لهذه النقابة بعد ان اصبحت عملياً نقابة «ممثلي المطبوعات».
مقاطعة عدد من الصحف اليومية التي تصدر حالياً للانتخابات الأخيرة تعني ان المجلس يمثل سبع مطبوعات يومية من اصل 12 تصدر قانونيا ومطبوعتين اسبوعيتين من اصل ثمان. وبما انه ليست هناك اي جريدة او مجلة مملوكة من صحافي مسجل سوى خمس تقريباً والباقي مملوك من شركات، فان مجلس النقابة «المنتخب» حديثاً ضم 16 عضواً من اصل 17 يحملون صفة الممثل وليس صفة المالك، وتحت عنوان مدير مسؤول او رئيس تحرير او مدير تجاري، علماً ان عدة صحف تمثلت في هذا المجلس متوقفة عن الصدور وليس لها مدير مسؤول، ومن الطبيعي ان لا يكون لها رئيس تحرير فعلي او مدير تجاري كونها متوقفة عن الصدور!
بناء على ما تقدم، يمكن القول ان نقابة الصحافة، او بالاحرى «نقابة مالكي المطبوعات الصحافية»، لم تعد مؤهلة لأن تكون نقابة الاعلام المكتوب طالما ان عدد الصحف والمجلات التي تصدر يومياً واسبوعياً لا يتعدى العشرين، وهذا يعني ان قانوناً يجب ان يصدر لانشاء نقابة جديدة ، بدل نقابة الصحافة الحالية، تمثل المالكين في الاعلام المكتوب وكذلك المرئي والمسموع والالكتروني ويكون عدد اعضاء مجلسها 12 عضواً فقط على ان تقوم بجانبها نقابة للعاملين في الاعلام المكتوب والمرئي والمسموع والالكتروني بدل نقابة المحررين الحالية.
لا نكتب هذا الكلام لأننا خسرنا في الانتخابات النقابية الاخيرة. فقد قلنا في اكثر من تقرير سابق وفي اجتماعات لجنة الاعلام النيابية ان نقابة مالكي المطبوعات الصحافية فقدت مقومات وجودها بعد ان اصبح عدد اعضاء مجلسها يتساوى تقريباً مع عدد اعضاء جمعيتها العمومية. ولهذا نناشد رئيس لجنة الاعلام النائب حسن فضل الله إعادة فتح ملف نقابة مالكي وسائل الاعلام والعمل على انشاء نقابة جديدة تمثل جميع مالكي هذه الوسائل الاعلامية مع نقابة اخرى تمثل جميع العاملين في هذه الوسائل.

حسين قطيش
عضو سابق في مجلس نقابة الصحافة