روز زيادة
الشاعر والفيلسوف اللبناني الأستاذ سعيد عقل قال مرّة في إحدى الحلقات التلفزيونية: «معتّر هيدا الغني، هوّي عم بيفقّر ألف زلمي لحتّى يصير غني».
وشعوراً منّي بعمق هذا التعبير الذي (لا أعرف إن كان في بلد الفيلسوف مَن يفهم معنى الإنسانية بما قاله، وخاصة الذين يقطعون أرزاق الناس بحجة المحافظة على مستواهم المادي)، أقول للسادة واضعي العصيّ في عجلات سير الحياة الطبيعية في لبنان «معتّرين إنتو»، لأنّ المواقف التي تبنون عليها زعامتكم تتسبّب بتدهور بلد كامل بكل قطاعاته.
في إحدى مسرحيّات الأخوين رحباني جملة «يلّي بيروح مش لازم يرجع. نامولو بفرشتو وقعدولو عاكرستو وأكلولو بصحنو». ولكن أنتم يا سادة عدتم لتخريب ما بقي عند الإنسان اللبناني بعد الحروب العبثية من عمره المشوّه. كل شيء يعوّض إلا الإنسان الذي دفنتموه في التراب والذي حرقتم عمره بنزواتكم وتحجّر آرائكم. منذ عدّة أشهر طلبت منكم برنامجاً عن بنود خلافكم، ولكنكم لم تجيبوا، ربما لأنّكم أشنع ممّا نراه منكم، أو لأنه فعلاً أنتم مرتهنون ونحن رهائنكم. رسائل ورسائل كتبناها ونكتبها وقد عجزت جميعها عن دفعكم للعودة إلى لغة العقل والإنسانية، لم تشعركم بـ«تشّة برد» تجري في بدنكم ونحن نحثّ ضمائركم على اليقظة! غريب، كيف يمكننا تحمّل فاقدي الحسّ وهم يفاوضون في مصيرنا ومصير أولادنا؟ أنتم عدتم يا حضرات السادة لتهدموا كل الشرائع ولتجعلوا الفوضى عصب الحياة الإنسانية.
صباح يوم الأربعاء، شاهدت عرضاً على شاشة تلفزيونية، أحد القادة النقابيّين يعلّق على عودة وزير العمل. قال: «يريدون كل شيء من لون واحد». فأنا ... المرأة المناضلة في العمل النقابي منذ زمن بعيد إلى أن حلّ مكانه بفضلكم كل النشاطات إلا العمل النقابي، فأنا أرفض أن يكون عند أفراد الشعب اللبناني هذا التعبير الذي حتماً يردّدونه من وراء «التعتير» الذي رميتمونا به أيّها العائدون. الاختلاف في الرأي ثروة عند كلّ المجتمعات، وأنتم تُعلّمون الناس كيف يحوّلونه نقمة. مرفوض على أيّ إنسان يقدّم نفسه على أنه يشغل منصباً وطنياً أن يتكلّم بصيغة التفرقة. وليعلم الجميع بأن تذكرة الهوية التي أحملها أنا، يحملها كلّ إنسان لبناني. إذاً مَن يعطيني حقّ المزايدة على لبناني آخر؟ هل هو رأيه، مركزه الاجتماعي، فقره، مَن؟ هذه القضايا بالمزايدات آتية منكم يا سادة، يا محاورين حوار الطرشان.
مللناكم! نرتكب كل يوم مئة خطيئة لأننا لا نتمنى لكم سوى الزوال. ثقوا بما أقوله. نحن أبناء الشعب نرفضكم لأنكم سبّبتم لنا الحياة بالجحيم من كلّ أنواعه. فنحن نترك لعدالة الله أن تخلّصنا منكم جميعاً لأنكم تضعون روح التفرقة بين أبناء البلد الواحد. لا أراكم الله خيراً.