طارق علي
ماذا فعلت بنازير بوتو، التي فاقها مشرّف براعة في اصطناع المناورات، عندما شاهدت «خطاب الطوارئ» الذي ألقاه مشرّف على شاشة التلفاز في ملاذها في دبي؟ كانت أوّل ردّة فعل لها قولها إنّها صُدمت، وهو كلام مخادع قليلاً. فحتى لو لم تُبلَّغ مسبقاً أنّ حالة طوارئ ستُعلن، لم يكن الأمر خافياً على أحد، لأنّ كوندوليزا رايس دعت مشرف علانية إلى عدم اتخاذ هذه الخطوة. ومع ذلك، بقيت 24 ساعة غير قادرة على إعطاء جواب واضح. وفي لحظة من اللحظات، قامت حتى بانتقاد كبير القضاة، واصفة إياه بالاستفزازي جداً.

التنديد الخجول بحالة الطوارئ

أقنعتها الاستخبارات من باكستان بالعودة إلى كراتشي، فأبقت السلطات طائرتها منتظرة على الإسفلت لتحجيمها. وعندما بلغت قاعة الشرف أخيراً، أعلمها زملاؤها في حزب الشعب الباكستاني أنّ انشقاقاً سيحدث داخل الحزب، ما لم تندّد بإعلان حالة الطوارئ. فلم تستطع المجازفة بفقدان وجوه أساسية في حزبها بعدما فاقها مشرف دهاء وتخلّى عنها. ندّدت بحالة الطوارئ وبمعلنها، وأقامت اتصالات مع المعارضة المطوّقة، وكما لو كانت تضع أحمر شفاه جديداً، أعلنت أنها ستقود النضال للتخلص من الديكتاتور. حاولت الاتصال بكبير القضاة للتعبير عن تعاطفها معه، لكن لم يُسمح لها بالاقتراب من دارته.
كان باستطاعتها أن تتبع مثال زميلها المسجون اعتزاز إحسان، لكنها كانت تشعر بالغيرة منه: فقد صار يتمتع بشعبية واسعة جداً في باكستان. حتى إنّه جرؤ على الذهاب إلى واشنطن، حيث استُقبل باحترام، واعتُبر بديلاً محتملاً إذا ساءت الأمور. ولم تصدر رسالة واحدة من بريدها الإلكتروني لتهنئته على الانتصارات التي حققها في نضاله لإعادة تثبيت كبير القضاة في منصبه. لقد نصحها إحسان بعدم عقد أي اتفاق مع مشرف، وقال إنّه أبلغها أنّ الجنرالات يلجأون إلى إجراءات يائسة وغير عقلانية عندما يكونون في وضع حرج. لكنّ سواه ممّن قدّموا نصيحة مشابهة، لكن بلغة ألطف، أُبعدوا أيضاً. فقد كانت رئيسة حزب الشعب الباكستاني لمدى الحياة، وهي لا تطيق أي رأي مخالف لرأيها. وازداد غضبها لأنّ إحسان كان على حقّ. لقد تمّ التخلي منذ زمن بعيد عن أي مفهوم للأخلاقية السياسية، واعتُبرت فكرة حزب يتمتّع بمجموعة متماسكة من المعتقدات السخيفة التي تخطّاها الزمن.
لقد أصبح إحسان بأمان في السجن الآن، بعيداً عن الحشود المسعورة المؤلفة من الصحافيّين الغربيّين الذين استقبلتهم بأسلوب مميز خلال الأيام القليلة التي أمضتها في بيتها حيث خضعت للإقامة الجبرية. وبعد ذلك، أطلقت بعض الصرخات المهذبة حول سجنه، لكن لا أكثروصل الوسيط من واشنطن في خلال فترة قصيرة. أمضى نيغروبونتي بعض الوقت مع مشرف، وكلّم بنازير، وكان لا يزال يلحّ على مصالحتهما ومتابعة الاتفاق. في الحال، خفّفت بنازير من انتقاداتها، لكن الجنرال كان قاسياً جداً، وقال علناً إنّه لا يمكنها، بأي شكل من الأشكال، الفوز بالانتخابات التي حدد موعدها في كانون الثاني. لا شكّ في أنّ جهاز الاستخبارات سيتلاعب بالنتائج بأسلوب مميز. لو بقيت وفية له لكانت ربما قد فقدت الدعم الشعبي، لكنه كان سيضمن لها وجوداً قوياً في البرلمان الجديد. وربما كان استعجال مشرّف الذهاب للحجّ في مكة محاولة منه لضمان الوساطة السعودية في حال اضطراره لعقد اتفاق مع أشقّاء شريف ـــــ الذين كانوا يعيشون في المنفى في المملكة العربية السعودية. وشريف عاد إلى باكستان بمباركة سعودية وسيارة كاديلاك مصفّحة كهدية خاصة من الملك.
مع استمرار البلد في حالة طوارئ ورفض أكبر شبكة وسائل إعلام التوقيع على قسم الولاء الذي يسمح لها بمعاودة البث، لن يكون الاقتراع الذي حُدِّد موعده في كانون الثاني إلا انتخاباً للجنرال. وليس سراً أنّ جهاز الاستخبارات والبيروقراطية المدنية سيقرران مَن يفوز وأين؛ فبعض أحزاب المعارضة في المقاطعة يفكرون في مقاطعة الانتخابات، وهو تفكير حكيم. وقد أعلم نواز شريف الإعلام أنه تحدث مطولاً عبر الهاتف مع بنازير وفشل في إقناعها بالمشاركة في المقاطعة، ما يجعل العملية باطلة ومعدومة القيمة منذ البداية. لكن الآن وقد عاد إلى البلد، ليس واضحاً إذا ما كان سيستمر بالمقاطعة أو يحاول التفاوض على عدد معين من المقاعد مع الشودريّين في إقليم كجرات الذين خانوه عبر إنشاء حزب منشق عن الرابطة الإسلامية الباكستانية لدعم مشرف. فقد تجمعهم معاً من جديد نوبة مشتركة من فقدان الذاكرة.

وصيّة ذو الفقار

الوصية الأخيرة لذو الفقار علي بوتو كُتبت بطريقة غرامشي، لكن المعنى لم يفت زملاءه:
«أدرك تماماً أن شعب باكستان لن يسمح بالهيمنة الخارجية. وانطلاقاً من المنطق ذاته، لن يوافق شعب باكستان أبداً على الهيمنة الداخلية. والهيمنتان تكملان بعضهما. إذا خضع شعبنا بخنوع للهيمنة الداخلية، فمن البديهي أن يضطر للخضوع للهيمنة الخارجية. ذلك لأنّ قوة الهيمنة الخارجية وسلطتها أقوى بكثير من الهيمنة الداخلية. إذا كان الشعب خائفاً جداً من مقاومة القوة الأضعف، فهو يعجز عن مقاومة القوة الأقوى. إنّ قبول الهيمنة الداخلية أو الإذعان لها يعني الخضوع للهيمنة الخارجية».
بعد شنقه في نيسان عام 1979، اكتسب النص موقعاً شبه مقدس بين مؤيديه. لكن عندما كان بوتو الأب في الحكم، فشل في بلورة أي استراتيجية لمواجهة الهيمنة، غير دستور عام 1973 الذي وضع مسودته المحامي المتمرّس المتخصص بالحقوق المدنية محمد علي كاسوري (الذي كان ابنه خورشيد وزيراً للخارجية حتى موعد قريب). واتبع نمط حكم أوتوقراطي، أدّى إلى إضعاف روح الحزب، وتشجيع أصحاب المصالح الشخصية. كما أنّه، أخيراً، عبّد الطريق أمام خصومه. وقع بوتو ضحية ظلم كبير؛ فمحا موته كل عيوبه وحوّله إلى شهيد. وتفجّع على موته أكثر من نصف شعب البلاد، ولا سيما الفقراء.

«ابنة الشرق»

وأدت المأساة إلى اعتبار حزب الشعب الباكستاني إرثاً عائلياً، الأمر الذي أضر بالبلد وبالعائلة. فقد أمّن لعائلة بوتو بنكاً من الأصوات واحتياطات كبيرة. لكن تجربة محاكمة الأب وموته جعلا الابنة راديكالية وسيّسها. وقد قالت لي في ذلك الحين إنّها كانت تفضل أن تكون دبلوماسية. أما شقيقاها، مرتضى وشهنواز، فقد كانا في لندن بعدما منعهما أبوهما المسجون من العودة إلى البلاد. ووقع عبء محاولة إنقاذ حياة الأب على كتفي بنازير وأمها، نورسات، فأكسبتهما الشجاعة التي أظهرتاها احترام الأكثرية الخائفة الصامتة. فقد رفضتا الاستسلام لديكتاتورية الجنرال ضياء الحق العسكرية الذي استنجد بالإسلام لإلغاء الحقوق التي اكتسبتها النساء على مر العقود المنصرمة، هذا بالإضافة إلى كل الأعمال الأخرى التي قام بها. أوقفت بنازير ونورسات وأطلق سراحهما مرات عدة. وبدأ ذلك ينعكس على صحتيهما. فسُمح لنورسات بمغادرة البلاد لطلب المشورة الطبية في عام 1982. وأُطلق سراح بنازير بعد أكثر من سنة بقليل، جزئياً بفضل الضغوط الأميركية التي أحدثها صديقها القديم في هارفرد بيتر غالبرايث. وقد وصفت هذه الفترة لاحقاً في مذكراتها التي حملت عنوان ابنة الشرق (1988)، وتضمنت شروحاً للصور مثل: «بعد مدة قصيرة من ثناء الرئيس ريغان على النظام لقيامه بـ«خطوات كبيرة نحو الديموقراطية»، أطلق رجال ضياء الحق النار على متظاهرين مسالمين يوم عيد الاستقلال في الباكستان. وقد تعاملت الشرطة بوحشية مشابهة مع المحتجّين على الهجوم الذي تعرّضت له سيارتي الجيب في كانون الثاني عام 1987».

الشقيقان بوتو وخطف الطائرات

تحولت شقتها الصغيرة في لندن إلى مركز لمعارضة الديكتاتورية، وهناك غالباً ما ناقشنا حملة نشنها على الجنرالات. كانت بنازير قد بنت مكانتها بمقاومة العسكر بثبات وسلمية، وبالرد على كل افتراء بحجة معاكسة حاسمة. أما شقيقاها، فكانا يتصرفان على مستوى مختلف. فقد أسسا مجموعة مسلحة، هي «مجموعة ذو الفقار» التي كان هدفها المعلن مضايقة النظام وإضعافه عبر استهداف «خونة تعاملوا مع ضياء الحق». جُنِّد أبرز المتطوعين داخل الباكستان، وفي عام 1980، أُمنت لهم قاعدة في أفغانستان، حيث كان الشيوعيون الموالون لموسكو قد استولوا على السلطة قبل ثلاث سنوات. إنها قصة حزينة، فيها قدر لا بأس به من الانشقاق، والمحاكمات العلنية والمنافسات الضيقة والنزوات من كل الأنواع، والموت لأعضاء المجموعة الأقل حظاً.
وفي آذار من عام 1981، دُوِّن اسما مرتضى وشهنواز بوتو على لائحة أكثر الأسماء المطلوبة من وكالة التحقيقات الفدرالية (أف بي آي)؛ فقد قاما بخطف طائرة باكستانية تعمل على الخطوط الدولية بعد إقلاعها من كراتشي بمدة قصيرة (أدى انقطاع في التيار الكهربائي إلى تعطيل آلات الأشعة السينية، ما مكّن الخاطفين من نقل أسلحتهما إلى متن الطائرة)؛ حُوِّلت رحلتها إلى كابول. هنا تولّى مرتضى زمام الأمور وطلب إطلاق سراح سجناء سياسيين. وقُتل ضابط عسكري شاب كان على متن الرحلة. تزوّدت الطائرة بالوقود من جديد وانطلقت إلى دمشق، حيث تولى المسؤول عن الاستخبارات السورية الجنرال خولي زمام الأمور، وأكد عدم سقوط المزيد من القتلى. كان لوجود ركاب أميركيين على متن الطائرة أهمية كبيرة بالنسبة إلى الجنرالات، لهذا السبب فقط أُطلق سراح السجناء في باكستان ونُقلوا إلى طرابلس.
وجد حزب الشعب الباكستاني العملية نصراً، ورحب بها على هذا الأساس. وللمرة الأولى بدأت المجموعة تؤخذ على محمل الجد. وكان الهدف الأساسي داخل البلاد مولي مشتاق حسين، كبير القضاة في المحكمة العليا في لاهور الذي حكم على ذو الفقار علي بوتو بالموت عام 1978، والذي صدم تصرفه في المحكمة حتى أولئك المعادين لحزب الشعب الباكستاني. (من بين تهم أخرى وجهها إلى بوتو، اتهمه بأنه «يدّعي أنّه مسلم»، كانت أمه مهتدية من الهندوسيين). كان مشتاق في سيارة صديق يقوده إلى بيته في المنطقة النموذجية في لاهور عندما فتح عليه النار مسلحون تابعون لذو الفقار. نجا القاضي من الموت، لكن صديقه والسائق توفيا. كان صديقه إحدى الشخصيات المعروفة في كرجات: الشودري زاهور إلهي، وهو رجل أعمال مخادع، طلب من الجنرال ضياء الحق بتفاخر أن يهديه «القلم المقدس» الذي وقّع به حكم الإعدام على بوتو. فأصبح القلم من الإرث العائلي. ربما لم يكن زاهور إلهي الهدف، لكن ذو الفقار، الذي ارتبك لأنه أخطأ القاضي، زعم أنّه كان أيضاً على لائحتهم، وقد يكون ذلك صحيحاً. الجيل التالي من الشودريين هو الذي أمّن لمشرّف الثقل المدني: فقد نظّم ابن زاهور إلهي، شوجات، الانشقاق عن نواز شريف وأنشأ حزباً منشقاً عن الرابطة الإسلامية الباكستانية، بهدف التخفيف من الضغوط المتزايدة التي يتعرض لها النظام الجديد.
ولا يزال حتى الآن يدير الأمور، وأراد فرض حالة الطوارئ في وقت أبكر بكثير من أجل تطويق الاتفاق مع بنازير. وسيؤدي الآن دور العقل المدبر في انتخابات الجنرال. نسيبه، برويز إلهي يشغل منصب الوزير الأول في إقليم بنجاب؛ أما ابنه فهو بدوره منهمك بمتابعة تقاليد العائلة التي تقضي بطرد المستأجرين وشراء كل الأراضي على أطراف لاهور. لم يُكشف أيّ فرد من العائلة يحتفظ بالقلم المقدس.

حياة خاصّة صاخبة

في هذه الأثناء، أزعجت عملية الخطف موسكو، فطلب النظام في أفغانستان من الشقيقين بوتو تدبير ملجأ آخر لهما. وعندما كانا في كابول، تزوجا شقيقتين أفغانيتين، فوزية ورِيحانة فاسيهودين، وهما ابنتا مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأفغانية. غادرا البلاد مع زوجتَيهما، وبعد إقامة في سوريا، وربما في ليبيا انتهى بهما المطاف في أوروبا. وانعقد اجتماع مع أختهما في الريفييرا الفرنسية سنة 1985، وهو مكان يلائم نمط حياة الإخوة الثلاثة.
خشي الشابان عملاء الجنرال ضياء الحق، وكان لكلّ واحد منهما ابنة صغيرة. سكن شهنواز شقة في مدينة كان. كان مسؤولاً عن «الجهاز العسكري»، وفرضت عليه الحياة في كابول متطلبات أثقل، فاتصف بالانفعالية وبالمزاج العصبي. كانت العلاقة مع زوجته عاصفة، وأعلم أخته أنّه يحضر للطلاق منها، فكان جواب بنازير وفق مذكراتها «لم يحدث قط أي طلاق في العائلة. ولم يكن زواجك حتى زواجاً مدبراً... أنت اخترت الزواج من رِيحانة، وعليك أن تتعايش مع الوضع». ومن ثم وُجد شهنواز ميتاً في شقته. زعمت زوجته أنّه شرب السم، لكن لا أحد في العائلة صدق قصتها وفقاً لبنازير؛ فقد وقع اشتباك عنيف في الغرفة، وبُعثرت أوراقه. وبدت ريحانة بريئة للغاية، ما أزعج العائلة، فسُجنت مدة ثلاثة أشهر وفقاً لقانون «السامري الصالح» لعدم تقديمها المساعدة لشخص يحتضر. بعد إطلاق سراحها، استقرت في الولايات المتحدة. وتساءلت بنازير عما جرى قائلة: «هل قتلته وكالة الاستخبارات الأميركية خدمة ودية تؤديها لديكتاتورها المفضل؟»، كما أثارت أسئلة أخرى أيضاً: هل أصبحت الأختان عميلتين في جهاز الاستخبارات الباكستانية؟ لا تزال الحقيقة غامضة. بعد ذلك بمدة قصيرة طلّق مرتضى فوزية، لكنه احتفظ بحق رعاية ابنتهما فاطمة البالغة من العمر ثلاث سنوات، وانتقل إلى دمشق. هنا حظي بمتسع من الوقت للتفكير، وأخبر أصدقاء له أنّ أخطاء كثيرة ارتكبت. عام 1986، التقى غنوة عيتاوي، وهي معلمة شابة هربت من لبنان بعد الاجتياح الإسرائيلي سنة 1982. فأمنت له الهدوء وتولت تربية فاطمة. فتزوجا عام 1989 ورزقا ابناً يُدعى ذو الفقار في السنة التالية.
عادت بنازير إلى باكستان عام 1986، واستقبلتها حشود كبيرة أتت لتُظهر لها عاطفتها واستياءها من النظام. فقامت بجولة في كل أرجاء البلاد، وشعرت بشكل متزايد بأنّ امرأة شابة غير متزوجة ليست مقبولة كزعيمة بالنسبة إلى بعض الأشخاص الأكثر تديناً، فكيف تستطيع زيارة المملكة العربية السعودية من دون زوج؟ عندئذ قبلت عرض زواج تقدمت به عائلة زرداري، وتزوجت عاصف عام 1987. قلقت من أن يستصعب أي زوج تحمل فترات الافتراق التي تفرضها عليها حياتها السياسية الدائمة الترحال، لكن زرداري كان قادراً تماماً على إشغال نفسه.
بعد سنة انفجرت طائرة الجنرال ضياء الحق في وسط الجو. وفي الانتخابات التالية، فاز حزب الشعب الباكستاني بأكبر عدد من المقاعد، فتولّت بنازير رئاسة الوزراء، لكنها كانت مطوقة من الجيش من جهة، ومن جهة ثانية من الرئيس غلام إسحق خان، وهو البيروقراطي المفضل لدى الجيش. أخبرتني في تلك المرحلة أنها كانت تشعر بعجزها عن التحرك. لم يسمحوا لها بالقيام بأي عمل. وكانت نصيحتي لها: «أخبري الشعب. أخبريهم لم لا تستطيعين الوفاء بوعودك بتأمين التعليم المجاني، وتعزيز الصحة العامة بالشكل المناسب، والمياه النظيفة والخدمات الصحية لتحسين معدل موت الأطفال المرتفع». لم تخبرهم؛ في الواقع، لم تقم بأي عمل غير توظيف عدد من مؤيديها. وقد بدا أنّ وجودها في السلطة كان مصدر رضى كافٍ بالنسبة إليها. وبدأت بزيارات رسمية: التقت بالسيدة تاتشر وأعجبت بها، ولاحقاً جرّت معها زوجها الجديد إلى السعودية حيث استقبلها العاهل السعودي. في هذه الأثناء، كانت مؤامرات أخرى تُحاك. كانت المعارضة تشتري، بالمعنى الحرفي للكلمة، عدداً من أعضاء البرلمان الموالين لها. وفي آب من عام 1990، أقيلت حكومتها بموجب مرسوم رئاسي صادر عن أتباع ضياء الحق، وعاد الإخوة شريف إلى السلطة.
(التتمة غداً)
عن «لندن ريفيو أوف بوكس»
ترجمة جورجيت فرشخ فرنجيّة



الجزء الأول | الجزء الثاني | الجزء الثالث