صابر الطيب *
حقّاً إنّ الغريق يتعلّق بقشّة، فكيف بشعب أنهكته السباحة في بحر السياسة بكلّ ما فيها من أمواج وتيارات؟
لا أحد ينكر أن الشعب اللبناني بكلّ أطيافه، موالاة ومعارضة، قد أنهكه الوضع الراهن والوضع الاقتصادي شدّ وثاقه على خناق الجميع حيث وصلنا إلى مرحلة نكاد نلتقط فيها الأنفاس. وهكذا توالت الآمال بالانفراج الموعود وتعاقبت المبادرات عقب بعضها، وفي كل مرة خيبة أمل حتى أضحى الناس يشكّون بأنفسهم.
وأخيراً، أُطلقت المبادرة العربية. ولئن تأتي متأخّراً خير من أن لا تأتي أبداً. أتت المبادرة الأخيرة ونتمنّى ألّا تكون الأخيرة إلا إذا استطاعت أن تضع حلاً لعقدة الأزمة في لبنان.
تأتي المبادرة، وبعد الترحيب بالتوافق على العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية تدعو إلى انتخابه فوراً وفقاً للأصول الدستورية. وهنا نسأل كيف سيتم الانتخاب دون توافق على تعديل الدستور وأعني التوافق على آلية التعديل؟ ونعتقد أن لهذا الموضوع مخرجاً ورئاسة الجمهورية لم تعد العقدة الرئيسة المانعة للحل.
أما البند الثاني وهنا محط الرحال فهو تأليف حكومة وحدة وطنية. ونستطيع أن نخترع لها اسماً آخر في حال رفض أي طرف من الأطراف الأساسية الانخراط في الحكومة، وممكن أن نسمّيها حكومة الإنقاذ أو التوافق الوطني. وما أسهل التسمية، ولكن العقدة كامنة في المضمون.
المقابلة التلفزيونية الأخيرة لسماحة السيد حسن نصر الله قد رفعت من وتيرة تسارع وزراء الخارجية العرب لعقد جلستهم الطارئة، ولا سيما أنّ سيد المقاومة قد بدا ضائق الذرع، فاقد الثقة بنيات حسنة لحل لدى الطرف الموالي، معلناً حدوث شيء ما خلال عشرة أيام ودون تهديد ووعيد كما حاول أن يصوّر البعض.
أما العماد ميشال عون المعهود عنه عدم التراجع عن المواقف، فيعلن فهمه للحل وحكومة الوحدة الوطنية 14 + 11+ +5 ولا يرى حلاً آخر. ومن ناحية أخرى، الرئيس السنيورة الذي أضحى لاعباً أساسياً في الملعب اللبناني بعيداً عن تيار المستقبل يقول لا مكان في لبنان إلا لصيغة لا غالب ولا مغلوب، وبالتالي يقول إنني طرف ولاعب أساسي، وصيغة لا غالب ولا مغلوب تقضي ببقائي في سدة رئاسة الوزراء.
أمام الأمين العام لجامعة الدول العربية عقد كثيرة وقطب مخفية أكثر من المعلن عنها يحتاج إلى قواميس في اللغة العربية للشرح والتفصيل والتأويل. هذا إذا كان النص في الأساس عربي الكتابة وليس معرّباً عن لغة أخرى.
وعلينا أن نسأل أنفسنا: هل المبادرة حقاً عربية؟ وهل يستطيع العرب سحب المبادرة من يد الأجنبي وسحب ورقة الاستئثار بالسلطة منه؟ هل سيرضى بعض الأطراف بحسم هوية لبنان العربية، ناهيك عن اتفاق على قانون الانتخابات وشكله والسلاح المنتشر ولم يعد سلاح المقاومة فقط. ولماذا لم تلحظ المبادرة بنداً يتعلق بضرورة الحوار الوطني على القضايا العالقة (سلاح المقاومة، الوضع الفلطسيني وسلاحه)؟
* مقدّم برامج إذاعيّة