حسام كنفاني
بماذا اعترف الشيخ أحمد ياسين للاستخبارات الإسرائيلية؟

قد تكون قصّة نشوء حركة «حماس» عام 1987 ممجوجة في الكتب التي تناولت بداية هذه الحركة الإسلامية، لكن ما قدّمه الصحافي الفلسطيني زكي شهاب في كتابه «حماس من الداخل» جاء تعريفاً شاملاً بالحركة منذ نشأتها عام 1987حتى تحقيقها الانتصار الانتخابي الكبير في كانون الأول 2005.
المثير في كتاب شهاب أنّه استند في الجزء الأكبر منه إلى روايات للشخصيات القيادية في الحركة عن الظروف التي رافقت النشأة، إضافة إلى وثيقة نادرة تضمّنت اعتراف الزعيم الروحي لـ«حماس» الشهيد الشيخ أحمد ياسين للاستخبارات الإسرائيلية بتفاصيل الاجتماعات التي سبقت إطلاق الحركة والتشكيل الأوّلي لها عبر ما أطلق عليه حينها اسم «المجمّع الإسلامي» مع أسماء النواة الأولى لهذا التنظيم الذي خرج من رحم «الإخوان المسلمين» الدولي.
وفي هذا السياق، يتطرّق الكتاب، إلى تفاصيل الانفصال التنظيمي بين الحركة و«الإخوان»، الذي لم يكن يتبنّى العمل المسلّح وسيلة لتحقيق أغراضه، وهو ما لم تستطع «حماس» البقاء في إطاره، ولا سيما بعدما اشتدّ عودها وانغمست في المواجهات مع الإسرائيليّين خلال الانتفاضة الأولى عام 1987.
ويرصد شهاب أجزاءً من كتابه لعرض تفاصيل التشكيل الأولي للجناح المسلّح للحركة، وكيفية اختيار اسم «عزّ الدين القسّام». ويقدّم واقعاً سردياً لعمليات جمع الأسلحة، التي اقتصرت في الفترة الأولى على بندقية ومسدّس، وكيفية انتقال الحركة من مواجهات الحجر إلى المواجهة المسلّحة.
وفي السياق السردي، اختار شهاب أسماء أبرز قادة الحركة الإسلامية، أمثال الشهيدين يحيى عياش وصلاح شحادة، ليقدّم رواية صعودهم وإنجازاتهم خلال مرحلة انتفاضة الأقصى، وعمليات التخفي التي كانوا يقومون بها، لدرجة أن شمعون بيريز خلال خطاب أمام الكنيست أبدى خشيته من أن يكون عياش بين الحاضرين.
ولاستشهادهم قصّة أخرى في الكتاب، الذي يورد تفاصيل تحضيرات عمليات الاغتيال مع تجنيد العملاء الذين قاموا بها، ولا سيما مع عيّاش وكيفية تزويده بالهاتف المفخخ، الذي أودى بحياته.
وخلال سرده للمسار السياسي للحركة الإسلامية، يورد شهاب معلومات تخالف ما نشر خلال الانتصار الانتخابي لـ«حماس» عام 2005، فينقل عن قادة في الحركة، بينهم محمود الزهار، تأكيدهم أن «حماس» لم تفاجأ بالنصر الانتخابي، بل كانت تعدّ له جيداً. ويورد أنها عمدت إلى الطلب من أنصارها عدم الإفصاح عن نياتهم في انتخاب الحركة خلال الاستطلاعات التي سبقت عمليات الاقتراع، وهو ما يفسّر أن غالبية الاستطلاعات أعطت «فتح» الغالبية في المجلس التشريعي.
وينقل عن مسؤولين في «حماس» أيضاً أن الحركة أنفقت 3 ملايين دولار على الحملات الانتخابية في ذلك الحين، على عكس ما راج عن إنفاق 15 مليون دولار. لينتقل إلى الحديث عن موارد الحركة وعلاقاتها الخارجية، ولا سيما مع إيران وسوريا.
وفي هذا السياق، يفنّد الكتاب ارتباط القضية الفلسطينية بإيران بعد الثورة الإسلامية، والعلاقة التي جمعت طهران بالزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وحال البرودة التي اعترت العلاقات بعد حادث احتجاز الرهائن في السفارة الأميركية في طهران وتدخّل عرفات للوساطة، وصولاً إلى القطيعة التامّة بعد اتفاق أوسلو، ما فتح الباب أمام «حماس»، التي كانت تعيش حالاً من التوتّر مع «فتح» وبعض الدول العربية، في مقدّمتها الأردن ومصر.
ولم يفت الكاتب الحديث عن العلاقة الإشكالية بين «حماس» وتنظيم «القاعدة»، فرغم النفي الدائم للحركة للعلاقة بهذا التنظيم الدولي، إلا أنّ الكتاب يورد حوادث أظهرت ارتباط بعض أفراد الحركة بخلايا التنظيم، ولا سيما في صحراء سيناء المصرية، والعمليات التي استهدفت المنتجعات السياحية هناك.
* من أسرة الأخبار



العنوان الأصلي
حماس من الداخل
الكاتب:
زكي شهاب
الناشر
الدار العربية للعلوم ناشرون