إيلي نجم
استباق الحروب من أجل نظام دولي جديد أقلّ عنفاً

مؤلّف هذا الكتاب أندريا ريكّاردي، وهو مؤسّس جماعة سانت إجيديو Sant’ Egidio ورئيسها. عملت هذه الجماعة (وهي تضمّ أكثر من خمسين ألف عضو ينشطون في سبعين بلداً) وما زالت على إحلال السلام في العالم، ولا سيّما في الموزامبيق (1992).
في هذا الكتاب، يقابل ريكّاردي بين الرغبة في السلام الذي يَنشده الجميع وواقع الحرب. وبعد أن يلاحظ أنّ الناس يرفضون الحرب ويتطلّعون إلى عالم أفضل، يواجه هو مشروع «الحرب الوقائيّة» من طريق العمل من أجل «السلام الوقائي».
الواقع أنّ على الجميع العمل كلّ يوم من أجل السلام بين البشر. والسلام قِوامه العدل، وهو «أساس الملك»، كما يقولون. وفي الإسلام «العدل» من أسماء الله الحسنى. والعدل يرسي السلام ويوصله إلى جوهره حين يوفّر للناس الأمان. أمّا أصحاب المذهب الإنسانيّ ودُعاته، فإنّهم مطالَبون باعتبار السلام قِوام «الحكمة» التي يَنشدونها ويسعون إلى بلوغها.
على صعيدٍ آخر، يقول ريكّاردي إنّ بعضهم رأى في نهاية «الحرب الباردة» (1989) أملاً في إمكان قيام نظامٍ عالميّ جديد أقلّ عنفاً من ذلك الذي كان سائداً بين الدول. لكنّ هذا الأمل قد خاب. بل إنّ الحرب لم تعد حكراً على الدول، بحسب ما يلاحِظ، فقد أصبحت بمتناول الأفراد والجماعات وبعض الدول «المارقة» (كما يصفها الأميركيّون) التي تأوي هؤلاء الأفراد وتدفعهم إلى مواجهة الحاكم من طريق «إرهاب» المحكوم. يستدلّ ريكاردي على ما يذهب إليه بما شهدناه في أميركا (11 / 9 / 2001) وإسبانيا (11 / 3 / 2004) والمملكة المتّحدة (7 / 7 / 2005). لكن ما الذي يميز هذه الحرب من سابقاتها؟
إنّها حرب إعلاميّة بامتياز. فمَن منّا لا يذكر صورة برجي نيويورك؟ ثمّ إنّها حربٌ تصيب المدنيّين بالدرجة الأولى أكثر ممّا تصيب العسكريّين.
أمّا بشأن الموزامبيق، فيروي ريكاردي أنّ الحرب بدأت في هذه البلاد في عام 1976 ودامت 16 سنة، فحصدت نحو مليون ضحيّة ودفعت إلى الخارج أكثر من مليون شخص، كما شتّتت في الداخل أربعة ملايين من المواطنين.
وكانت أطراف النِزاع قد تكوّنت، من جهة أولى، من الحكومة الاشتراكيّة (FRELIMO) المدعومة من دول أوروبا الشرقيّة آنذاك، ومن جهة ثانية، من منظمّة (RENAMO) المدعومة في البداية من الخارج (دولة جنوب أفريقيا العنصريّة بقيادة يان سميث) ولاحقاً من الداخل. إنّها حرب بالوكالة كما يبدو أنّه حاصل اليوم في لبنان. إلاّ أنّ ريكاردي رأى أنّ الحلّ يبقى داخليّاً بالدرجة الأولى. وعلى هذا الأساس كان اللقاء الأوّل (تمّوز 1990) بين الفريقين المتقاتلين (بسعي من جماعة سانت إجيديو ومن ريكاردي شخصيّاً) اللذين بقيا يتحاوران حتّى الرابع من تشرين الأوّل من عام 1992. في هذا اليوم الذي غدا عيداً وطنيّاً في الموزامبيق، جرى توقيع معاهدة السلام التي وضعت حدًّا للحرب.
* كاتب لبناني





العنوان الأصلي
La Paix Préventive
Raisons d’espérer dans un monde de conflits
الكاتب:
أندريا ريكّاردي
الناشر
سالفاتور ــ باريس