روز زيادة
عادةً الإنسان المعدم يلجأ إلى التسوّل، إلى مدّ يده للآخرين علّه يؤمّن ما يساعده على البقاء على قيد الحياة لأنّ ظروفه لم تساعده على العمل.
نحن في لبنان، متسوّلون ولكن! مثقّفون، موظّفون. من روّاد السينما والمسرح والمعارض. البعض «قبضايات» إنما يتكلّمون بشكل لبق. وهناك قسم يجلّله النبوغ في السياسة والحقوق والاقتصاد والطبابة. قسم آخر من أبناء البلد متخرّج من جامعات، وحقل اختباره الهجرة. أمّا القسم الكبير من المتسوّلين فهم ناس عاديّون يتأثّرون بالفراغات الدستوريّة، بالاهتزازات الأمنيّة، بتلاعب سعر صرف الليرة، بالتعامل بالدولار في مشترياتهم اليومية. أيّ اختلال في ميزان الاستهلاك يكشف ستر عيشهم.
هؤلاء، يا حاملي همّ الوطن، هم المتسوّلون في لبنان. أجل نحن نتسوّل أمناً، نتسوّل استقراراً ونتسوّل اقتصاداً. منذ سنوات وسنوات ونحن نمدّ يدنا عند كلّ مفصل في بلدنا، ولكن لم تعيرونا انتباهكم، ولم تشحذونا من بنات أفكاركم وضمائركم وحثّكم الوطني مادّة واحدة تخصّنا وتساعدنا على البقاء على قيد الحياة.
المال الذي شحذتموه في باريس على جميع أرقامها لم يصل إلى إيجاد أيّ من القضايا المطلوبة للناس العاديّين. تخطّيت تسمية «الشعب» لأنّ هناك من بينكم من لا يفهمون معنى كلمة «شعب». أرجو أن تفهموا كلمة الناس العاديّين. قلنا: الناس العاديّون هم علّة وجودكم حيث أنتم. إنما أنتم سبب تعاستهم. فيا أصحابي المستزعمين. إمّا أن تحلّوا المشكلات التي أوقعتمونا بها، وإمّا اتركوا الخبز لخبّازيه. والبقية تعرفونها.