هبة محسن
تستيقظ عند الرابعة فجراً. تتوجّه مسرعاً نحو جهاز الكومبيوتر. تتفقّد الجرائد اليومية، ها هي أمامك أخبار الصباح، والحال على حاله.
تطفئ الجهاز وتتوجّه نحو المطبخ. تنتقي ركوة وتصطحبها نحو الغاز. تشعل النار، تحضّر لنفسك كوباً من الشاي ومن ثمّ تعود إلى سريرك الدافئ الذي يخبّئ، وبحرص شديد، أحاسيسك الباردة.
ينقطع التيار الكهربائي ويعود أكثر من مئة مرة بسب حالة من الجنون تعصف خارج جدران منزلك.
أضواء تلمع في السماء، أصوات مرعبة. ما هو هذا؟ هل هو حفلة تقيمها جماعةٌ ما؟ ما هي هذه الطقوس يا ترى؟
أظنّها حفلةٌ تقام في الخارج يقرّر فيها الموتى النهوض من قبورهم ليغتسلوا بمطر هابط من السماء. تعود إلى نفسك.
ترى أنّك ما زلت تجلس على سريرك، تحتمي بثياب كثيرة ظنّاً منك أنّ البرد الذي يعصف في الخارج ليس لديه القدرة لأن يخترق كل هذه الطبقات القطنية ويسرقك دون أن تدري.
حفلة الخارج أنت غير آبه بها. فأنت تحبّ المطر، تنتظره دوماً، وتعشقه. ولكنه لم يكن هو هذا المطر الذي تراه اليوم. حفلة الخارج تمنّعت كثيراًَ ولم تشارك بها فأنت تكره الرقص، والموتى يرقصون في الخارج.
لم تقبل الدعوة، و لم تحضر الحفل. ولكن، ما بك؟ كيف لك أن ترفض حفلة دعاك إليها البرد وكل محبّيه؟ انظر!
حدّق جيداً... فأنت ترى يد البرد تمسك بباب غرفتك. البرد مقيم حفلة الموتى. يتلصّص عليك، يفكّر بأن يفتح باب الغرفة في أي وقت شاء.
تحاول أن تشعره بأنك غير مكترث لوجوده. تستمع إلى موسيقى «كانت إيام» لشربل روحانا... موسيقى جميلة تعود بذاكرتك إلى أيام مضت ولن تعود كما تدرك.
كوب الشاي انتهى... تتسامران... تعلقان في كلمات صعبة، تلجآن معاً إلى قاموس اللغة. تحاولان فهم اللغة باللغة!
أخيراً تعد اللغة بأنّك لن تفارقها، وتعود لتنام...