أسعد أبو خليل *
أتوا زرافاتٍ زرافاتٍ. عرب الممانعة وعرب الانصياع استُدعوا إلى أنابوليس فأتوا على عجل. لم يجرؤوا على التخلّف. تسارعت التحليلات والتعليقات في الصحف الأميركيّة. منها من تحدّث عن خوف عربي من إيران أدّى إلى هذا الحضور العربي الكثيف، ومنها من تحدّث عن إيمان بقدرات عجائبيّة للرئيس الأميركي، فهرع إلى الحضور مخافة تفويت فرصة السلام ـــــ بالتعريف الإسرائيلي ـــــ التي كان الملك حسين يتحدّث عنها دوريّاً، ويكرّرها برتابة ابنه من بعده بالرغم من انهماك الأخير بصفقات شراء الأراضي بمساعدة بهاء الحريري ـــــ ابن فذّ آخر لرفيق الحريري ـــــ وإيّاكم أن تنسوا النجم الصاعد نادر الحريري.
لكنّ السبب الحقيقي للركض العربي الرسمي يُبطل العجب: أتوا لأنّ بوش أمرهم، وهم على السمع والطاعة. هو يأمر، وهم يطبّقون. حتى الدولة التي تزهو بممانعتها (وهي هنا بديل للمقاومة لا مكمّل لها) أرسلت ممثّلاً وحضرت، وإن عادت وانتقدت.
والموقف السوري بالنسبة للمؤتمر كان واضحاً وساطعاً: فالنظام في سوريا كان مع المؤتمر وضدّه في آن، وهو يذكّر بموقف ياسر عرفات من القرار 242. من لاحظ أنّ 49 دولة أتت إلى أنابوليس، حتّى سلوفينيا والسنيغال والبرازيل حضرت؟ لم نكن نعلم أنّ مسحة من سلوفينيا كانت كافية لإنهاء الصراع العربي ـــــ الإسرائيلي.
وصحيفة «نيويورك تايمز» ركّزت على الموقف السعودي، وهي سُرَّت لحضور الأمير السعودي، وإن كانت قد عبّرت عن خيبة أمل من عدم حصول مصافحة بين الوزير السعودي ورئيس الوزراء الإسرائيلي (الذي أصبح في الاعلام الغربي والسعودي مثالاً يُحتذى في الاعتدال). والسعودية، منذ مبادرتها السيئة الذكر، والتي أعدّها توماس فريدمان لخادم المصالح الأميركية الأمين، تستجدي إسرائيل لكي تعطيها تطبيعاً وحباً ووئاماً، وإن رفضت إسرائيل محاولات التقرّب.
كانت الصور من أنابوليس كافية لـ«كشف المخبأ»، كما قال الشدياق في واحد من عناوين كتبه (تمنع كتب الأدب المقرّر في لبنان ذكر ما قاله الشدياق في الإكليروس وكتاب «الساق على الساق» الفذّ لم يصدر في طبعة كاملة منذ طبعة القاهرة في العشرينيات). كان الأميركي والإسرائيلي يعاملان أبا مازن كأنّه طفل بحاجة إلى رعاية.
هكذا كان المستعمرون الصهاينة الأوائل يقولون عن العرب. بن غوريون (كما جاء في سيرة شبتاي تفث له) قال إنّ عرب فلسطين ذكّروه بالأطفال عندما حطّ رحاله في أرض لم تطأها قدماه من قبل، قبل أن يصبح مسيّراً لمقدّراتها. وشاشات الإعلام العربي (حتى الجزيرة التي أصبحت أكثر طواعية بعد حصول التقارب بين السعودية وقطر، وقد يأتي يوم ليس ببعيد تصبح فيه الجزيرة مماثلة لـ «العربية» وخاصة في ترويجها لعقيدة بوش، وقد يصبح ايلي ناكوزي مذيعاً في محطّة الجزيرة وهو يبدو أكثر الاعلاميّين حماسةً لبوش وقد أدار في برامجه حملات إياد علاوي الانتخابية) تعاملت مع مؤتمر أنابوليس وكأنّ صدور كلام بوش عن دولة فلسطين هو تشريع لوجود فلسطين. لم يحتج الشعب الفلسطيني إلى بوش لتدليله على وجود فلسطين. وقد تكلّم أبو مازن عن اللاجئين بكلام مُستعار من القرار 242. لم يجرؤ على لفظ عبارة «حقّ العودة».
لم يكن ليُسمح له. استُدعيَ لغرض، وأدّى المهمّة بنجاح، من وجهة النظر الإسرائيليّة. كان أبو مازن شديد الحرص على إسعاد مضيفه إلى درجة أن خطاب رئيس الوزراء الاسرائيلي تضمّن كلاماً عن اللاجئين (كلاماً سيئاً ومغرضاً طبعاً) يفوق ما جاء في إشارة عابرة في خطاب أبي مازنوتهافت العرب: وسفير سوريا في واشنطن تحدّث بحبور عن مصافحة رايس لأعضاء الوفد السوري. أصبحت مصافحة الاميركي مصدر إعجاب وزهو. تحدّث السفير السوري عن «لغة جسد» ايجابية. هل هي لغة رقصة الجسد على أجساد مخيم جنين وقرى جنوب لبنان؟ وإذا كنّا نتحدّث عن دبلوماسية «لغة الجسد» فلنرسل راقصاً أو راقصة لتفتح مكتباً للجامعة العربية في قلب العاصمة واشنطن.
لكن لماذا لا يكون البديل العودة إلى لاءات الخرطوم: لا صلح، لا تفاوض، لا اعتراف. ما العيب في ذلك وخاصة أنّ نار الثورة الفلسطينية أخمدها مؤقتاً ياسر عرفات، ومن خَلَفه. وهذا بديل حقيقي وفعّال بعد أن ألغت الأنظمة العربية الخيار العسكري وبعد أن قدّم ياسر عرفات البندقية الفلسطينية هدية للمحتلّ الإسرائيلي. وكان الصهاينة يقولون في الستينيات إنّ عدم الاعتراف العربي بإسرائيل لا يعني شيئاً لهم، ولا هو يقدّم أو يؤخّر ـــــ زعموا كاذبين وكاذبات.
كانت تلك من الكذبات الصهيونية العديدة التي صدّقها العرب. تخلّى العرب عن أغلى الأسلحة وأبخسها في الصراع مع إسرائيل. لم يُبقوا شيئاً بحوزتهم. بدأ السادات، ولحقه فهد بن عبد العزيز (ملك التُّقى والورع) وتبعه عرفات. (نشرت مكتبة نيكسون أخيراً وثيقة من السبعينيات تُظهر المدى الذي كان فيه الملك فيصل يستخدم المال النفطي لخدمة الأغراض الأميركية في الضغط على حركة «فتح»، تماماً كما يفعل اليوم الملك عبد الله).
الاعتراف بإسرائيل ليس كافياً للصهيونية: إسرائيل تطالب العرب اليوم بالاعتراف بها دولة ذات أكثرية يهودية وإلى الأبد. وهذا الاعتراف، كاد أبو مازن أن يقدّمه مجاناً لأولمرت، يعني أنّ لإسرائيل الحقّ برمي أيّ مولود فلسطيني إذا ما أدّت ولادته إلى الإخلال بالأكثرية اليهودية القسرية.
ولم تكن الأنظمة العربية جدّية في تبنّيها للاءات الخرطوم. قبلت بها على مضض. (هذا ما تؤكّده مذكرات أحمد الشقيري، وهو كتب سلسلة من المذكّرات). كان الرجل يجد صعوبة في التوقّف عن الكلام، وعن الانتقال من موقف الى آخر. ناصر الحكم السعودي، قبل أن يناصر عبد الناصر ويصبح أداة له (راجع مذكرات فيصل الحوراني هنا وشفيق الحوت في هذا الصدد، إرضاءً للرأي العام الفسطيني).
حتّى عبد الناصر لم يكن جدياً في تبنّيه، وهو ما لبث أن نبذ اللاءات في تبنّيه لمبادرة روجرز. وكان عبد الناصر قد دخل في مفاوضات سرية مع إسرائيل، كما أثبت المؤرّخ آفي شلايم.
لا تفاوض، لا صلح، لا اعتراف. رفض الصلح موقف مبدئي من وجود الكيان الصهيوني من أساسه على أرض فلسطين. وهو موقف من الدولة العنصريّة، لا من اليهود بصفتهم يهوداً. ورفض الصلح هو رفض الاستيلاء بالقوّة على أرض فلسطين، وما تبعها من إجراءات ومن مضاعفات. وقانونياً، الصلح مع إسرائيل يلغي الموقف العربي (الشعبي) الرافض لاحتلال فلسطين. أي أنّ القبول بتشريع طرد الشعب الفلسطيني وسرقة الأرض (وفق قرارات اعتباطية من الدولة الجديدة في 1948 وفق قانون المالك الغائب)، تترتّب على الصلح مع إسرائيل.
ويتماشى مع موقف رفض الصلح، موقف رفض الاعتراف. إنّ الاعتراف بإسرائيل يتضمّن الاعتراف بشرعية الاحتلالات الإسرائيليّة للأراضي العربيّة، كما أنّ الاعتراف يتضمّن قبولاً بالعنصرية المتحكّمة بالدولة اليهودية. ورفض التفاوض هو الموقف المنطقي لمن يرفض أيّة صيغة للاعتراف بإسرائيل. صحيح أنّ اللاءات أتت بعد الهزيمة العربية الماحقة في 1967، لكن لهذا دلالات أخرى. إذ إنّ سلاح الموقف، كما يسمّيه سليم الحص، كان آخر ما بقي من الأسلحة بعد أن فرّطت الأنظمة بالأسلحة الأخرى. لم نكن مضطرّين (ومضطرات) للوصول إلى هذا الدرك. الهزيمة كانت مسؤولة، وهذه مسؤولية يتحمّل النظام الناصري مسؤوليّتها الكبرى، بصرف النظر عن قصور الحكم البعثي في دمشق، وعن التعامل الهاشمي.
عبد الناصر سلّم مقدّرات إدارة الصراع مع إسرائيل إلى صديقه الشخصي الذي كان مشغولاً بجلسات الكيف. هي الشللية. كما تسلّم مصطفى طلاس، العليم بشؤون التراث الرحباني والزهور والتغزّل بالمرأة، وزارة الدفاع في سوريا.
ولاءات الخرطوم كرّست سلاح المقاطعة الاقتصادية المخروقة اليوم في كلّ البلدان العربية، ودبي فتحت أسواقها أخيراً لشركة إسرائيليّة. والولايات المتّحدة تعظ العرب بعدم جواز المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل في الوقت الذي تفرض الحكومة الأميركية عقوبات اقتصادية على أكثر من 100 دولة في العالم. والمناطق الصناعية التي ينعم بها الكونغرس الاميركي على الدول العربية المُطبّعة، تفرض شراكة مع شركات إسرائيلية. أي أنّ المنتوجات الإسرائيلية تدخل أسواقنا بشارات صنع مصرية وأردنية وقريباً اسرائيلية. وقد يُتاح لآل الحريري أن يفعلوا الشيء ذاته في لبنان لو قُدّر لهم. قل إنّها ضرورات التجارة الحرّة وتعميم منافع «الربيع» ـــــ «أدي الربيع» كما غنّى فريد الاطرش.
طبعاً. يخجل عرب الإعلام السعودي من لاءات الخرطوم اليوم. هي تذكّرهم بمرحلة يودّون أن يمحوها من الذاكرة. أيّام كان يخاف فيها النظام الشخبوطي من بيانات صوت العرب. لهذا فهم اليوم يسخرون يومياً من أحمد سعيد (وهو يستحقّ السخرية) كأنّ بديله إيلي ناكوزي أو فارس خشّان هو نموذج الصحافة الرصينة.
يسخرون ويتندّرون على «اللغة الخشبية». ظهر فالح عبد الجبار ـــــ وهو زعم أنّه ختم القرآن في سن الخامسة ـــــ أخيراً على قناة سعودية ليسخر من ماركسيّته السابقة ومن إتقانه السابق للغة الخشبية. فسّر ذلك بأنّه كان أسيراً، وفق نظرية استشراق علي الوردي المبتذلة ـــــ للتنويم المغنطيسي. (وهناك محاولة لإحياء كتابات علي الوردي لتحميل الشعب العراقي ما تعرّض له العراق من تفجير وتفكيك ودمار).
لمَ العجب. نظرية التنويم المغنطيسي لا تختلف البتّة عن نظرية الغشاوة التي صرّح بها وليد جنبلاط.
وما ضير الاستعانة باللغة الخشبية؟ اللغة الخشبية ابتذلها النظام الناصري والأنظمة البعثيّة (قلما يُذكر أنّ للنظام البعثي إنجازات يُفتخَر بها. من ينكر على النظام البعثي مثلاً أنّه ابتدع أساليب مبتكرة في التعذيب؟ وقد يكون تعذيب الدولاب ابتكاراً بعثياً بالرغم من الضحالة الفكرية لتلك العقيدة التي أنجبت نظامين متوحّشين)، لكن للغة الخشبية بحدّ ذاتها فضائل. اللغة الخشبية كانت تتحدّث عن فلسطين، واليوم يتحدّث العرب عن شروط التطبيع مع إسرائيل. اللغة الخشبية كانت تسمّي الأشياء بأسمائها بالنسبة للأعداء. اليوم، يتحدّث الاعلام العربي عن «راعي السلام الاميركي». كان الإعلام العربي يتحدّث عن الامبريالية الاميركية، أمّا اليوم فتشير قناة الجزيرة إلى وجود أكثر من 160000 جندي أميركي في العراق بـ«قوات التحالف». لعلّ قناة الجزيرة تفعل ذلك احتراماً لجهود الـ 48 جندياً منغولياً في بلاد الرافدين.
كانت اللغة الخشبية تتحّدث عن العمّال والفلاحين وقوى الشعب العامل، أمّا إعلام اليوم «العصري» فهو مُصاب بهوس بثروات الأمير الوليد وشيخ إمارة دبي، وزوجاته. كانت اللغة الخشبية تسخر من الانظمة الرجعية المصابة بحنين إلى فكر القرون الوسطى، أمّا في لغة الليبرالية العصرية فتقرأ مقالات يومية أشبه بمدائح بأمراء النفط، حتى أنّه كُتب مديح في مدير المخابرات السعودي. كانت اللغة الخشبية تسخر من استغلال الدين على يد أنظمة موغلة في الرجعية وفي قمع المرأة، واللغة العصرية اليوم تجد في زيجات أمراء النفط الملوّث تحريراً للمرأة.
كانت اللغة الخشبية تهتزّ لإصابة أيّ فلسطيني بأذى، أمّا اللغة العصرية فهي هتفت للجيش اللبناني عندما دمّر مخيّم نهر البارد، وهي تتجاهل ـــــ مثلها مثل الإعلام الاميركي ـــــ معاناة شعب فلسطين اليومية.
الإعلام السعودي يرى أنّ العقبة الوحيدة أمام تحرير فلسطين هي في استيلاء «حماس» الأحمق على غزّة. كانت اللغة الخشبية تتحدّث عن الاشتراكية وعن توزيع الثروة، أمّا إعلام العصر فهو يسخر من معاناة الفقراء، وازداد عنصرية بعد استيراد خدم ورقيق من آسيا.
كانت اللغة الخشبية تتحدّث عن وحدة العرب، أمّا إعلام اليوم فهو مشغول بتقسيم العراق الى دوائر طائفية، ويودّ أن يجعل الدائرة الانتخابية أشبه بالحارة في النظام الانتخابي في لبنان.
اللغة الخشبية تحدّثت عن رفض الاحتلال ومقاومة الاستعمار، أمّا اللغة العصرية فهي تزخر بالحنين للاستعمار. انظروا كيف يستقبل أهل لبنان كوشنير، وأهل الجزائر ساركوزي، وهو يرفض مجرد الاعتذار عن الاستعمار الفرنسي (من هو ذلك السخيف الذي اقترح فكرة اعتذار المستعمر عن استعماره؟ لا نريد اعتذاراً، بل تعويضاً، فالرجل الأبيض لا يفهم الا تلك اللغة. وساركوزي أمر الشعب الجزائري أثناء زيارته بالعطف على إسرائيل).
مرحلة اللغة الخشبية ضجّت بأغان عن فلسطين وعن أم كلثوم طالبة أن يأخذوها إلى فلسطين، أما اليوم فالأمّة تزحف على بطونها لتقبيل «الواوا» (من الإنصاف الاعتراف بأنّ تلك المرحلة تضمنّت أيضاً أغاني من طراز «الطشت قلّي» و«العتبة قزاز»).
يُراد لنا أن نغيّر لغتنا بكاملها وأن نتكلم لغة يستسيغها الرجل الأبيض. يغيّرون المناهج واللغة حتى نصبح أمامهم صاغرين مثل حكّامنا. يتأفّف الليبرالي العربي واليساري السابق عندما يسمع عبارة «تحرير فلسطين». يخجلون من تلك اللغة، ويخافون من ردّ فعل الرجل الأبيض.
هم حضاريون، ما أمقتها تلك المحاولة لتشرّب الحضارة الغربية بانتقاء مقزز! لا يستوردون إلّا الرجعية والاستسلام أمام إسرائيل، ويسمّون ما يفعلون «النضال الحضاري». شاهدنا السنيورة يناضل حضارياً، ولم نُعجب. وحده الرجل الأبيض والزرقاوي وأتباعه أُعجبوا.
اللغة الخشبية واللغة العصرية تتشابهان في بعض الأوجه: كانت اللغة الخشبية تتحدّث عن الحريات فيما هي تُخرَق من الأصوات نفسها التي تتحدّث عنها، بينما تتحدّث اللغة العصرية عن الحريات وهي مُنتَج سعودي وهّابي. اللغتان ارتهنتهما أنظمة قالت ما لم تَعنِ، وعنت ما قالت في اجتماعات مغلقة. كانت اللغة الخشبية في نموذجها المبتذَل تصدح في إذاعة صوت العرب، فيما تملأ اللغة العصرية الاعلام السعودي ـــــ الحريري.
اللغة الخشبيّة أقرب الى المزاج العام من مقالات عادل درويش وعلي سالم ودعاة التطبيع في الإعلام العربي. ونُحاة اللغة العصرية، خرّيجو مدرسة الشخبوطية في الكلام والبيان، يسخرون من اللغة الخشبية في كلّ مناسبة. والسخرية من اللغة الخشبية هي سخرية غير مبطنة من الفقراء ومن تحرير فلسطين. ويساري «ديمورقراطي» ـــــ واليساري الديموقراطي هو الاسم الحركي لليساري السابق ـــــ يؤكّد في جريدة «النهار» التي تفتح صفحاتها لليساريّين السابقين (يا لحريّة الاعلام في وطن الفتّوش) أنّ الحكمة السياسية نادرة في لبنان هذه الأيام، لكنّها تتجسّد عند صولانج الجميّل. نسي أن يطري على الأطباق الشهية التي كانت تعدّها بنفسها لأرييل شارون كما ذكر هو في مذكراته. والعودة إلى شعارات مرحلة غابرة هي أضعف أشكال النضال. لكنّ النضال، باستثناء دموع السنيورة المهراقة، لم يعد حضارياً. ألم يُفتِ يساري عربي سابق بأنّ الطامّة الكبرى تكمن في المقاومة؟ استسلموا ليعمّ الخير الوفير. اجثوا على ركابكم أمام «أبو فادي»، كما تسمّيه جيزيل خوري. الباطل، الباطل، يقولون لكم.
* أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة كاليفورنيا
(موقعه على الإنترنت: www.angryarab.blogspot.com