علاء اللامي *
حظيت اتفاقية «إعلان مبادئ لعلاقة تعاون وصداقة طويلة الأمد بين جمهورية العراق والولايات المتحدة الأمريكية» باهتمام خاص ومتابعة دائبة من لدن أغلب المواقع العراقية على شبكة الإنترنت، وقد تراوحت مضامين ما نشر عليها من مقالات وتقارير وبيانات بين مواقف التأييد والدعم أو العرض الإخباري المحايد، مسهَباً أو مختصَراً، والنقد، إذ وُصفت تلك الاتفاقية في بعض المواقع ذات التوجهات المناهضة للاحتلال وحكم المحاصصة الطائفية باتفاقية «العار» و«الانتداب» أو «الوصاية الجديدة»، وتلك مصطلحات سياسية عراقية سادت في فترات تاريخية سابقة يعود بعضها للعهد الملكي.
• فمن المواقف المؤيدة، نقرأ تقريراً إخبارياً في موقع «أصوات العراق»، وهو موقع يعرِّف نفسه بـ«وكالة الأنباء المستقلة»، مع أنه لا يختلف كثيراً عن أية وكالة أنباء حكومية في الأنظمة الشمولية في العالم الثالث. نقرأ في هذا الموقع تحت عنوان «جبهة التوافق: مضمون اتفاقية الصداقة العراقية الأمريكية يتماشى مع المصلحة الوطنية»، تقريراً يخبرنا بأن نائبة من جبهة التوافق، هي أزهار السامرائي أعلنت أن جبهتها «تنظر للاتفاق نظرة إيجابية... نحن في جبهة التوافق نعتقد بأن إقرار بنود الاتفاق مع الجانب الأمريكي كان إيجابياً والشعب العراقي بات بأمس الحاجة له». ولا ينسى الموقع أن يذكِّر قراءه في تضاعيف المقال بحقيقة حاول البعض إخفاءها وتقول: «وكان الرئيس الأمريكي جورج بوش ورئيس الوزراء نوري المالكي قد وقعا على اتفاق مبدئي للشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، يسمح بوجود عسكري أمريكي طويل الأمد في العراق، لحمايته من تهديدات خارجية، والعمل على استقراره الداخلي».
www.aswataliraq.info
• ومن المواقف التي حاولت تسويق وجهة نظر محايدة شكلاً أو مشككة على وجل، نقرأ في صحيفة «الرأي» الإلكترونية، التي تعرِّف نفسها أيضاً بالسياسية المستقلة، تحليلاً إخبارياً تحت عنوان «إعلان النوايا بين بغداد ـــــ واشنطن.. تخويف الجيران أم طمأنتهم؟»، وفيه يصف الكاتب الاتفاقية موضوع الحديث بـ«الخطوة الأولى على طريق مسافة الألف ميل بين العراق والولايات المتحدة الأميركية»، محاولاً في موضع آخر ترويج التطمينات الحكومية، فيقول: «وطبقاً لتصريحات أدلى بها للصحافة أحد مستشاري المالكي، وصف ما حصل بأنه مجرد وثيقة للمبادئ، ويمكن عدها خريطة طريق لتنظيم علاقة التعاون والصداقة بين الولايات المتحدة والعراق»، مشيراً إلى أن الالتزامات الأمنية في الاتفاقية أو جزء منها «إنما هو موجه إلى بعض دول الجوار العراقي، وفي مقدمة هؤلاء الجيران إيران. ذلك أن باقي جيران العراق، ما عدا سوريا، هم جزء من المنظومة الدفاعية والأمنية الأمريكية، مثل السعودية والأردن والكويت وتركيا»، مسجلاً على لسان مستشار المالكي أن «رئيس الوزراء حرص على إشراك جميع المؤسسات الدستورية العراقية في الحوار والاطلاع على هذا الإعلان، وعلى حد علمي، فليس هناك أحد اعترض على وثيقة إعلان النوايا من ناحية المبدأ». وفي نهاية التقرير، نقرأ خلاصة غريبة يقول المحرر فيها: «إن الاتفاقية الاستراتيجية بين العراق والولايات المتحدة تكون قد دخلت حيز التنفيذ، حيث لم يعد ثمة حاجة لقوات تحت اسم متعددة الجنسيات وتحت ولاية مجلس الأمن، بل سيتم ذلك في إطار اتفاق ثنائي بين بلدين سياديين هما الولايات المتحدة والعراق». والواضح أن هذه الخلاصة (الجريئة) تنزع تماماً بضربة واحدة مزاعم الحياد والاستقلالية عن الكاتب وموقعه، حين تساوي بين بلد محتل ومنزوع السيادة وآخر يحتله ويلغي استقلاله الوطني.
www.alraynews.com
• من المواقف الرافضة والناقدة للاتفاقية موقع «البديل العراقي»، ويعرّف نفسه بـ«الموقع الوطني الديموقراطي المستقل»، ونقرأ فيه مقالة لأحمد الناصري تحت عنوان «الاحتلال والاتفاق معه من منظور وطني». يبدأ الناصري مقالته بسلسلة تساؤلات ذات مذاق تهكمي، منها: «هل يوجد احتلال وسيادة على أرض وطنية واحدة في الوقت نفسه وعلى المكان نفسه؟ هل يمكن تسمية الغزو والعدوان والاحتلال تسميات أخرى؟ وهل يجوز لطرف داخلي محلي (وطني) أن يتفق مع محتل خارجي ويمنحه ما لا يملك من حقوق وطنية عامة وليست خاصة؟ وهل هناك تجارب ناجحة من هذا النوع؟ ماذا يترتب على اتفاق كهذا من الناحية السياسية الوطنية والقانونية؟ هل نجحت المعاهدات الاسترقاقية في تأمين بقاء الاحتلال البريطاني والفرنسي في منطقتنا العربية؟ ولماذا يحتاج المحتل إلى معاهدات؟ وهل تستطيع قوى محلية معينة أن تمنح شرعية حقيقية للمحتل بالاتفاق معه؟ وهل يحق لها أصلاً القيام بهذا العمل من منظور وطني؟». ويختم الكاتب بالخلاصة القائلة إن «محاولة شرعنة الاحتلال الزائفة من أطراف محلية هي الجريمة التي لا يمكن السكوت عنها أو نسيانها أو غفرانها تحت كل الظروف والاعتبارات، لأنها تجاوز وتهديد لكل القيم والمصالح الوطنية ومساهمة بائسة أخرى في تثبيت الاحتلال وإطالة عمره مقابل ثمن معلوم وصفقات مشينة». وكان هذا الموقع قد وجه نداءً إلى من سمّاهم «الأقلام الوطنية»، ناشدهم فيه إطلاق حملة جديدة من الكتابات النقدية عن الاتفاقية المذكورة بعدما كادت أخبارها تتلاشى ويطويها النسيان في خضم الأحداث اليومية، متعهداً نشر الآراء التي تصل إليه كما هي، ودون تدخل من محرريه، مشيراً إلى أن «وضع هذه الاتفاقية على طاولة النقد والتشريح والتفكيك من الأقلام الوطنية واجب ومهمة سياسية وأخلاقية كبرى، وإن من الواجب عدم نسيان أو إهمال هذا الشأن الخطير، فأصحاب الاتفاقية سيعودون إليها عاجلاً أو آجلاً، لكن على الصعيد التطبيقي هذه المرة لتحويلها إلى واقع قائم».
www.albadeeliraq.com
• أما في موقع «الحوار المتمدن»، وهو موقع يساري علماني ينشر غالباً مقالات للمؤيدين للاحتلال وعمليته السياسية، وأحياناً للمناهضين له، فنقرأ لصائب خليل مقالة بعنوان «صراع الكلمات مع «فرق القوة» في إعلان مبادئ التعاون بين أميركا والعراق»، وفيها التفاتة مهمة وردت في تحليل الكاتب النقدي لعدد من مواد الاتفاقية، ومنها على الخصوص المادة الأولى والثانية، حيث يكتب خليل: «المادتان تعطيان القوة الأمريكية صلاحية التدخل لحماية الحكومة العراقية من أية محاولات من أيٍّ كان لتغييرها. أي الشعب أيضاً! وبما أن الحكم على ما هو خطر على النظام الديموقراطي يعود للقوي، فإن الاتفاقية تتيح للأميركان ضرب أية قوة تراها غير مناسبة في العراق باعتبارها تهديداً للديموقراطية».
www.ahewar.org
• وفي موقع «هيئة علماء المسلمين» يطالعنا بيان رسمي للهيئة عن الاتفاقية، يرى أن «الرئيس الأمريكي بهذه الخطوة يُحيي الخراب في البلاد، ويدعم مؤسسات التدمير، ويصنع لهؤلاء الذين أتى بهم ديكتاتورية يباركها لهم بترسيخ وجودها وتقديم الدعم لها والاعتراف بها جهةً ممثلةً لشعب سحق جنوده كل معاني الحرية فيه، وغُيبت قواه الحقيقية المعبرة عن إرادته صدقاً، ويبيع العراق بيع مسود لسيد، لا هم له إلا أن يبقى في السلطة، وهو مستعد ليفرّط في سبيل ذلك بكل البلاد ثمناً ما دام يفرط بما ليس له، ويبيع ما لا يملك». ويركز البيان على الجانب السلطوي في الاتفاقية وينتقد تضمينها «دعم الحكومة الحالية وأجهزتها الأمنية المتورطة في قتل أبناء الشعب العراقي وتعذيبهم»، وفي ختامه تعلن الهيئة أنها «إذ تدين هذه الوثيقة وتعدها باطلة لا قيمة لها ولا تساوي الحبر الذي كتبت به، فإنها تؤكد أن الشعب العراقي بكل قواه الوطنية ومقاومته الشرعية وفئات شعبه الرافضة للاحتلال الأميركي لن يعترف بأي اتفاق يبرم في ظل الاحتلال يمس سيادة العراق ومصالحه العليا».
www.iraq-amsi.org
• كما نشير إلى المحور الذي افتتحه موقع «ثوابت» حول موضوع الاتفاقية، وتضمن إضافة إلى مقالة أحمد الناصري سابقة الذكر في موقع آخر، مقالة للكاتب جمال محمد تقي وأخرى لكاظم محمد، وغيرهم، إضافة إلى النص الكامل لتلك الاتفاقية :
www.thawabit.com
• وانفرد موقع «الدار العراقية» بنشر صورة لنسخة من الاتفاقية المذكورة، وقد وقع عليها أقطاب حكم المحاصصة الطائفية والإثنية، حيث نرى في الصورة إضافة إلى توقيع جورج بوش، تواقيع كل من مسعود البرزاني وجلال الطالباني ونوري المالكي وعبد العزيز الحكيم وطارق الهاشمي ومحمود المشهداني. وقد أعاد موقع «البديل العراقي» سالف الذكر نشر الجزء المتضمن للتواقيع في اليوم ذاته.
www.iraq-ina.com
* كاتب وصحافي عراقي