إلى وسائل الإعلام المرئية بكلّ محبة
  • روز زيـادة

    الصورة والكلمة تعطيان صداهما الذي نتوخاه بحسب الأوضاع العامة، وبحسب ما هو مشاع من الاطمئنان الأمني والازدهار الاقتصادي. أما والحالة الحاضرة من التشنّجات، فلا بأس إن خفّفنا بعض الشيء من برامج (الحكي) وتهاونّا بعض الشيء بالأحكام على النوايا. يا ليت ... وأقول يا ليت تستبدل جميع برامج (الحكي) بحلقات تثقيفية، بحكايا أسطورية، بمسلسلات من أيام الخبز، بأفلام الكرتون. رؤوسنا لم تعد تتسع لكل المبارزات الكلامية، وأعصابنا لم تعد تتحمل صدى (غلقة باب قوية).
    ارحمونا، نطلب منكم ذلك لأننا نعاني كثرة التراشق الكلامي الذي يسقط على أفكارنا مثل السموم. لا نريد أن نعيش مراحل المخاض الطويل لأننا نخاف أن يكون مخاض الجبل....
    سنتان من الاتهامات العقيمة... سنتان من القصاص المميت على البطيء... سنتان من (الهاشلة بربارة) في الطرقات والساحات، سلاحنا سوء الظن، والمفاضلة بالوطنية، والتبجّح بالآدمية... وبعدين... وبعدين...
    أملنا أن يأتي يوم نكون فيه مواطنين لبنانيين فقط. أن ننظر إلى حاجة هذا اللبنان ليحتضن جميع أبنائه. أن لا يكون هناك مفاضلة بين مواطن وآخر. أن لا يرعبنا (زمّور) شرطي السير عندما يكون أمام موكب أحدهم، فننزل في الجورة أو نسقط من على حافة طريق.
    نرجوكم، بكل محبة، أوقفوا برامجكم المقابلتية، والتحليلية، والتنويرية السياسية، الصباحية والمسائية وقبل منتصف الليل. تكفينا نشرات الأخبار، فهي كافية لتثقيفنا سياسياً، وإطلاعنا على أهم الأحداث علماً بأنها تهتم بالذي زار هذا الزعيم وذاك الكليم، إنما تبقى أخف وقع.


    فلسطين

  • سرجون القنطار

    إنّ الخطّة اليهوديّة لم تكن أقرب إلى تحقيق غايتها كما هي الآن منذ قيام دولة «إسرائيل». فقيام دولة «إسرائيل» شكل الخطوة الأعظم في مشروع الحركة الصهيونية على مرّ التاريخ، واهباً اليهود الذين لم يشكّلوا دولة في تاريخهم، دولة في قلب واحدة من أعظم وأرقى أمم الحياة. كما إن اليهود لم ينجحوا في تأسيس دولتهم على أساس المهارة والذكاء اليهودي بقدر ما نجحوا بفضل التفسخ الروحي الذي اجتاح الأمة وشرذمتها، فأهلكها وضربها بعضاً ببعض، بالإضافة إلى عوامل دولية قسرية تقاطعت ــ كما فعلت دائماً وتفعل الآن ــ مع مصالح اليهود ودولتهم غير الطبيعية. فإن تقدم اليهود على محور الأمة مجدداً، بعد هزائم فاضحة على ميدان الضفة الغربية وجنوب لبنان وغزة (وحتى في الموصل والفلوجة)، مردّه مجدداً الى هذا التفسخ الروحي وضياع الهوية القومية والمصلحة القومية وتقاتل الأمراض النفسية الاجتماعية داخل حلبة فلسطين.
    نعم، إن الاقتتال الفلسطيني الداخلي هو أجرم من قيام إسرائيل بحد ذاته، بل هو أفظع من كفر قاسم وبيت حانون ودير ياسين... هو أشدّ تعذيباً من سجون نفحة وهداريم والنقب، وهو أفتك من قصف الضفة بالنابالم قبل بعض سنوات. هو إعادة تصفية إيمان حجو ومحمد الدّرة وعبد العزيز الرنتيسي وفتحي الشقاقي وأبو جهاد الوزير...
    لقد شهدت فلسطين على كابوس المفارقات الثلاث: قتلوا بعضهم في غزة على مسمع من قهقهات وضحك القوات الإسرائيلية التي دخلت ودمرت رام الله في اليوم نفسه. ضحك الإسرائيليون دهشةً «لسحر» ما يفعله الفلسطينيون ببعضهم بعضاً، وحزنوا أنهم منعوهم «بالحياء» من نقل أحداث غزة الى قلب رام الله فانسحبوا «لعل وعسى»، كان ذلك الشاهد الملك في «محاكمة» المناضلين المسجونين في سجن عوفر الذي يقع جنوب ذات الرام الله...
    فلسطين صبراً، فإن تعبئة بعض العملاء العلنية للاقتتال تحت شعارات «التصدي» و«منع التطاول» و«حفظ الكرامة» و«إحباط الفتنة» و«حماية الشرعية» و«الدفاع عن الخطوط الحمراء» وغيرها من آداب رجولتهم الفلسطينية الثائرة، ستموت حتماً أمام دعوات وصلوات المعتقلين الذين نطق باسمهم ـ وباسم ضمير فلسطين ـ سجينا عوفر: النائب عن حركة حماس الشيخ حسن يوسف وقائد قوات حرس الرئاسة الفلسطينية (أمن 17) العميد محمود ضمرة اللذان دعَوَا، في اليوم نفسه وفي ذات قاعة «المحكمة» باسم الأحد عشر ألف أسير، كل شعبنا في فلسطين وخاصة أنصار الحكومة والرئاسة إلى أقصى درجة من المسؤولية والوطنية والبعد عن الاقتتال الداخلي وتوجيه البندقية ضد العدو فقط...