يبدو الملك سلمان بن عبد العزيز عازماً على انتهاج استراتيجيات وتكتيكات سعودية جديدة تختلف عن منهج سلفه الراحل الملك عبد الله، سواء في ما يتعلق بالداخل السعودي أو على صعيد السياسات الخارجية، والتي يتوقع أن تنتج قواعد جديدة للعبة
التحالف الإجباري والتهديد الإيراني

كشفت تقارير صحافية كواليس القمة المصرية ـــ السعودية الخاطفة التي عقدت مؤخراً في الرياض بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والملك سلمان، مؤكدة أن المصالحة مع تركيا وقطر كانت محور المحادثات، بخاصة في ظل تزامن زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع زيارة الرئيس المصري.

وأشارت وكالة «الأسوشيتدبرس» الأميركية إلى رفض السيسي المصالحة رغم الضغط السعودي الذي يأتي في إطار تصريحات سلمان بأن بلاده تسعى إلى تنقية الأجواء العربية والإسلامية.
ونقلت عن مسؤولين مصريين قولهم إن السيسي أبلغ سلمان صراحة بأن سياسات قطر وتركيا تساعد في نشر العنف والإرهاب في منطقة الشرق الأوسط.
وقال الرئيس المصري، في تصريحات لقناة «العربية»: «أقول للأشقاء في السعودية: تخيلوا لو أن هناك من يحاول تدمير دولة يوجد بها 90 مليون شخص، ماذا سيكون رد فعل الشعب»، وذلك في إشارة واضحة إلى قطر وتركيا الداعمتين لـ«الإخوان».
وتميل السياسية الخارجية السعودية بقيادة الملك سلمان إلى التقارب مع تركيا وقطر، لأن الرياض ترى أن الخطر الأكبر الذي يواجهها حالياً يأتي من إيران و«القاعدة» و«داعش»، ويمكن للدوحة وأنقرة أن تلعبا دوراً إيجابياً في احتواء تلك المخاطر.
لم تكن زيارة أوباما إلى السعودية للتعزية بعبد الله بمعزل عن بلورة التحالفات الجديدة في المنطقة

وتسعى السعودية إلى تشكيل تحالف سني واسع لمواجهة النفوذ الإيراني المتزايد ولمحاولة السيطرة على الأوضاع المتدهورة في عدد من ساحات المواجهة مع الجمهورية الإيرانية، ويبدو أن هذا التحالف سيتشكل بصنع تقارب مصري ــ تركي كون القاهرة وأنقرة أبرز أضلاع التحالف الجديد.
وتأتي تلك الخطوة بعدما كرر القائد العام للحرس الثوري الإيراني الجنرال محمد جعفري التهديدات التي لطالما أطلقها قادة النظام الإيراني منذ ثلاثة عقود كلما اشتدت الأزمات في المنطقة أو تعرضت طهران لضغوط دولية بشأن ملفها النووي المثير للجدل، قائلاً إن بلاده «بلغت قوة فريدة لا تريد أن تدخلها حيز التجربة العملية»، مهدداً بسيطرة القوة البحرية الإيرانية على الخليج العربي ومضيق هرمز وبحر عمان «من دون أدنى شك»، وذلك على هامش مناورة بحرية جوية للقوات الإيرانية في الخليج العربي.

مؤشرات تتجاوز التلميحات

وربطت تقارير صحافية بين غياب السيسي ووزير الدفاع الإماراتي ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد عن مراسم تشييع جنازة الملك عبد الله، والحسابات الجديدة للمملكة في عهد سلمان، بخاصة مع تصدر أردوغان وأمير قطر تميم بن حمد للجنازة. لكن المؤشرات تتجاوز التلميحات حول مستقبل علاقة القوتين الأكثر تأثيراً عربياً.
تبدو السياسة السعودية الجديدة متصادمة مع تطلعات القاهرة في حربها على الإرهاب وسعيها للقضاء على ما تبقى من مقاومة لجماعة «الإخوان» بعد ثورة 30 يونيو، حيث أن حسابات الملك وولي عهده محمد بن نايف تضع في أوليات أجندتها المواجهة «السنية - الشيعية» بين محوري الرياض وطهران، والجولات المباشرة بينهما في لبنان الذي يعاني فراغاً سياسياً بسبب حالة الشد والجذب حول ترتيبات اختيار الرئيس، واليمن الذي سيطر عليه الحوثيون قبيل ساعات من إعلان وفاة عبد الله في ما بدا وكأنه تحرك استباقي لفرض الأمر الواقع على الأرض مع غياب الملك، والعراق حيث انتصرت إيران بالضربة القاضية. تلك الجبهات حققت فيها الجمهورية الإسلامية نصراً واضحاً، فيما تعاني مملكة البحرين من اضطرابات بين الحين والآخر تتصدى لها السعودية من خلال درع الجزيرة لتثبيت الأوضاع في مواجهة النفوذ الإيراني في المملكة، بينما يبدو في معادلة سوريا صعباً التكهن بنتائجها رغم صمود نظام الرئيس بشار الأسد بفضل الدعم الإيراني الواسع إلا أن المعارضة المسلحة التي تحظى بدعم السعودية تحقق انجازات على الأرض، ما يجعل النتائج مجهولة.

أولويات سعودية جديدة

الخسائر السعودية الكبيرة على الأرض أمام إيران في عهد الملك عبد الله تحمل الملك الجديد ورجاله مسؤولية كبيرة في استعادة زمام الأمور أو على أقل تقدير العمل على تحسين شروط التفاوض في تلك الساحات المفتوحة وفرض تسويات مرضية، وهو ما يعزز من فرص تراجع الرياض عن الدعم المطلق لأهداف القاهرة في حربها على الإرهاب ومساعيها لسحق جماعة «الإخوان».
وتدخل الإدارة الأميركية على الخط في تلك المعادلة بخاصة أن مخططها في مصر راهن على جماعة «الإخوان» المسلمين بعدما أقنعت الجماعة إدارة باراك أوباما بأنها الأقوى على الأرض والأكثر سيطرة على الشارع، قبل أن تسقط في 30 يونيو بثورة شعبية، لتختلط أوراق الإدارة الأميركية التي حاولت بشتى الطرق والأدوات الضغط على الإدارة المصرية الموقتة لضمان وضعية أفضل للحليف الإخواني من دون جدوى، وهو ما تصادم مع رؤية عبد الله. ويبدو الملك الجديد وولي عهده متوافقين مع الأولويات الأميركية سواء في العمل على محاصرة النفوذ الإيراني أو إيجاد أرضية مشتركة بين «الإخوان» وبلدان الربيع العربي على غرار النموذج التونسي.

الرقم الصعب

تركيا الحليف السني القوي للسعودية في خط المواجهة مع إيران تشكل الرقم الصعب الجديد في المعادلة، بعدما أدى إعلان أردوغان انحيازه التام لجماعة «الإخوان المسلمين» ورفضه الإطاحة بهم من سدة الحكم في القاهرة وهجومه الدائم على النظام المصري الجديد، إلى قطيعة تامة مع القاهرة، وهو ما تعامل معه الملك عبد الله بحكمة فلم يتخذ أي خطوات تصعيدية ضد تركيا بل استمرت العلاقات الاقتصادية الجيدة بين البلدين على حالها. ودعمت المملكة القاهرة علناً وبحسم في مواجهة التصعيد الأميركي والتركي والأوروبي. لكن العلاقة التي تجمع ولي ولي العهد محمد بن نايف مع أردوغان تنذر بتغير كبير في المعادلة.
وتبدو صداقة الملك الجديد مع أمير قطر أحد المتغيرات الجديدة في موازين القوى الإقليمية بخاصة مع عودة شبكة «الجزيرة»، الذراع الإعلامية للحكومة القطرية، إلى سيرتها الأولى في الهجوم على النظام المصري بسبب ما تصفه «الانقلاب العسكري»، إضافة إلى تلميحات قيادات إخوانية إلى عودة الدعم القطري للجماعة.
ولم تكن زيارة أوباما إلى المملكة لتقديم واجب العزاء بالملك الراحل بمعزل عن بلورة التحالفات الجديدة في الشرق الأوسط والتي تلعب المملكة فيها دوراً رئيسياً، حيث يعتبر الملك الجديد حليفاً قوياً للولايات المتحدة ويتوقع أن يعيد العلاقات إلى الدفء الذي كانت عليه بعدما توترت كثيراً خلال السنوات الأخيرة من حكم الملك عبد الله خصوصاً في ما يتعلق بالأوضاع في مصر، وهو ما دعا الملك الراحل إلى إصدار بيان شديد اللهجة ضد الضغوط التي تمارس على مصر عقب عزل «الإخوان».

القاهرة على خط النار

هذا التحالف الجديد الذي يزعج القاهرة يبدو أنه أصبح واقعاً تتعامل معه وهو ما دفعها لتوطيد العلاقات مع الدب الروسي لا سيما مع الزيارة التاريخية لفلاديمير بوتين إلى القاهرة والاستقبال الأسطوري له، والذي تبعها تسلم مصر منظومة صواريخ «إس – 300 بي إم» الروسية المضادة للصواريخ الباليستية، في ما يعد رسالة من القاهرة مفادها «لسنا وحدنا».
ويساهم الدعم المطلق من الإمارات وتحديداً ولي عهد أبو ظبي وزير الدفاع محمد بن زايد لـ«مصر السيسي» في تخفيف الضغوط السعودية المتوقعة على مصر من أجل تهيئة الأجواء للمصالحة مع «الإخوان»، مع ربط المساعدات المالية التي على ما يبدو ستتحول إلى قروض بالاستقرار السياسي والاقتصادي في مصر.
وتتصدر الحرب على «داعش» أولويات «واشنطن- الرياض» والتي يقدر خبراء أن تستمر ما بين 5-10 سنوات، وبعدها الحرب في سوريا، والأزمة اليمنية، وهي الجبهات التي لم يتم حسمها بعد، وهو ما يستوجب تشكيلاً جديداً للقوى الإقليمية تتصدره السعودية وتركيا بشراكة أميركية.
ولا يغيب عن المشهد اللقاءات السرية لممثلي جماعة «الإخوان» المسلمين الهاربين من مصر بممثلين للجناح السديري الحاكم في السعودية قبل وفاة الملك عبد الله بشهر على الأقل. وتزامنت تلك الاجتماعات مع استقبال الخارجية الأميركية وفداً إخوانياً مصرياً للشكوى من النظام المصري ومحاولة تأليب إدارة أوباما على نظام السيسي في ما بدا كأنه استشراف للمستقبل الذي أصبح واقعاً الآن.

الإمارات والحرب الباردة

وتساهم الرواسب في العلاقات بين الإمارات والسعودية في زيادة الفجوة بين القاهرة والرياض في ظل دعم أبو ظبي غير المشروط للقاهرة، حيث أن محمد بن زايد دائم الانتقاد للمملكة. وتكشف وثيقة منشورة عبر موقع «ويكيليكس» يعود تاريخها إلى نيسان 2008 انتقاد بن زايد للسعودية في اجتماع مع قائد العمليات البحرية الأميركية يوم 16 نيسان من العام ذاته ، قائلاً «العالم تغير، والإمارات ستظل متفائلة على الرغم من وجودها في منطقة يغلب عليها التخلف، فالسعودية التي لا يستطيع 52% من سكانها قيادة السيارة...».
وتكشف وثيقة أخرى بتاريخ 24 كانون الثاني 2007 أن محمد بن زايد قال لمساعد وزير الخارجية الأميركية نيكولاس بيرنز: «عندما زرت السعودية التقيت بقادة تتراوح أعمارهم بين 80 و85 سنة، وهؤلاء لم يسمعوا بالانترنت إلا بعد أن جاوزوا السبعين عاماً... هناك فجوة كبيرة في السعودية».
وفي وثيقة يعود تاريخها إلى 21 تموز 2006 تنقل السفارة الأميركية في أبو ظبي إلى واشنطن وجهة نظر ولي عهد أبو ظبي بشأن السعودية، والتي قال فيها إن «الإمارات وقطر خاضتا حروباً ضد السعوديين، والإمارات وحدها خاضت 57 معركة ضد السعودية خلال الـ250 سنة الماضية، السعوديون ليسوا أصدقائي الأعزاء وإنما نحتاج لأن نتفاهم معهم فقط».
ولن ينسى محمد بن نايف الإساءة البالغة التي وجهها محمد بن زايد إلى والده ولي العهد السعودي الراحل نايف بن عبد العزيز وتشبيهه بــ«القرد». وهو ما كشفت عنه وثيقة منشورة عبر موقع «ويكيليكس» تحمل تاريخ 10 كانون الثاني 2003 وكشفت عن نص الحوار بين بن زايد ومدير مجلس العلاقات الخارجية الأميركي في حينه ريتشارد هاس. قال بن زايد، في هذا اللقاء، إن «أخلاقياته (لنايف) أثبتت أن نظرية داروين صحيحة» في إشارة إلى نظرية عالم الأنثربيولوجيا داروين التي يزعم فيها أن الإنسان كان قرداَ في الأصل ثم تطور.
ويبدو كسر الملك سلمان القواعد البروتوكولية واستقباله لمحمد بن زايد في زيارته للمملكة وكأنه محاولة لنفي وجود خلاف وتأكيد تماسك مجلس التعاون الخليجي وترابط قادته، ولكن المبالغة في هذا الأمر تبدو محاولة لإخفاء الحقيقة.

اختلاط الأوراق

العلاقة المصرية ـــ السعودية غير متكافئة على الإطلاق في ظل غياب الندية على مدار العقود الخمسة الأخيرة على الأقل مع لعب المملكة الدور الإقليمي الأبرز في ظل تراجع الدور المصري لأبعد مدى على المستويات كافة حتى وصل إلى القضية الفلسطينية التي لم تعد القاهرة اللاعب الأبرز في ساحتها.
ويمكن النظر إلى الإطاحة برئيس الديوان الملكي خالد التويجري من منصبه بتلك السرعة وتعيين محمد بن سلمان على أنها رسالة إلى القاهرة بأن قواعد اللعبة تغيرت حيث أنه كان مهندس العلاقات السعودية ــ المصرية وصاحب الرأي والمشورة ووصلت الحال إلى وصفه بملك الظل.
وجاء هجوم الإعلامي الشهير إبراهيم عيسى والمقرب من الرئيس المصري خلال برنامجه 25/30 عبر قناة «أون تي في» على سلمان بعد أيام من وصف صحيفة «الفجر» المقربة من النظام المصري لقرارات الملك السعودي بأنها «انقلاب»، ليعطي مؤشراً إضافياً على التكهنات بشأن مستقبل العلاقات بين القاهرة والرياض.
ودشن عدد من النشطاء السعوديين هاشتاغ عبر «تويتر» بعنوان #الإعلام_المصري_يهاجم_السعودية مبدين غضبهم من الهجوم الإعلامي على نظام الحكم الجديد في المملكة، مذكرين بهجوم الإعلامي يوسف الحسيني على الملك سلمان وابنه قبيل رحيل الملك عبد الله في ما بدا وكأنه تمهيد للإطاحة بولي العهد آنذاك سلمان لصالح مقرن بن عبد العزيز ليتم تصعيد متعب بن عبد الله إلى منصب ولي ولي العهد. كما تبعه هجوم جديد من الحسيني على الملك سلمان مطالباً السيسي بعلاقات كاملة مع إيران والحوثيين في مقابل العلاقات السعودية مع اسطنبول والدوحة.
واتهم بعض النشطاء، الإعلاميين المقربين من النظام المصري بالهجوم على السعودية للضغط عليها من أجل أن تتراجع المملكة عن الدعم المادي للقاهرة، بالإضافة إلى الفتور الواضح في علاقات النظام الجديد للرياض مع مصر.
وجاء الرد السعودي سريعاً بإيقاف برنامجي «الحدث المصري» و«الشارع المصري» ورفعهما من خريطة برامج قناة «العربية» السعودية، في رسالة تحذيرية واضحة إلى القاهرة بأن قواعد اللعبة تغيرت تماماً.
وبعدها بأيام أذاعت القنوات والمواقع الإلكترونية الإخوانية تسريبات من مكتب الرئيس السيسي وقت كان وزيراً للدفاع خلال الفترة الانتقالية بعد عزل الرئيس محمد مرسي، والتي تحدث فيها عن الخليج بشكل يبدو مهيناً وصادماً وتضمن عبارات قاسية بحق بعض الدول الخليجية. ورغم نفي رئيس الوزراء ابراهيم محلب لها، وتلميح السيسي نفسه إلى أنها مفبركة خلال كلمة تلفزيونية، إلا أن الفريق ضاحي خلفان، القائد العام السابق لشرطة دبي، ألمح إلى أنها قد تكون صحيحة وأن اختراقاً ما يحدث في الدائرة القريبة من السيسي وذلك في مداخلة هاتفية مع الإعلامي وائل الإبراشي في برنامج العاشرة مساءً على فضائية دريم المصرية.
الى ان جاء هجوم الكاتب والإعلامي السعودي جمال خاشقجي على مصر في مقال له بصحيفة «الحياة اللندنية» بعنوان «حتى لا تسقط مصر في فخ داعش» عقب الضربة الجوية التي قامت بها القوات الجوية المصرية رداً على ذبح 21 مصرياً على يد التنظيم الإرهابي.
ألمح خاشقجي – المقرب من دائرة صنع القرار السعودية- إلى أن الخليج اصطف خلف قطر ضد الاتهامات المصرية لها بدعم الإرهاب، مشيراً من طرف خفي إلى المصالحة مع «الإخوان»، ومنبهاً إلى أن الأزمة الداخلية في العراق مكنت «داعش»، وأن الخليج لا يرغب بتكرار الخطأ، مشيراً إلى أن «أحداً في الخليج لا يرغب بسقوط جيش مصر في فخ حرب العصابات»، وأن الخليج لا يتمنى «نكسة» جديدة لمصر.
وظهر جلياً تغير الموقف الخليجي من مصر، وبخاصة من قبل السعودية، في البيان الصادر عن الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي الذي أكد دعم موقف قطر في مواجهة اتهامات مندوب مصر لدى الجامعة العربية لها بدعم الإرهاب، والذي تم سحبه وتصحيحه مساء ذات اليوم. تضمن السحب تأكيداً على عدم وجود خلافات مصرية ـــ خليجية من دون نفي دعم قطر في مواجهة مصر.
بدوره، أكد الكاتب السعودي خالد الدخيل المقرب من دوائر صناعة القرار السعودية التغير السعودي الحاد بالسياسة الخارجية في مقال في «الحياة» بعنوان «التحول السعودي والقلق المصري» اشار فيه إلى التوجس المصري من توجهات سلمان وربط الدعم بحزمة سياسية جديدة، متهماً الإعلام المصري بأنه لا يزال رهينة خطاب خمسينيات القرن الماضي وستينياته. آنذاك كانت اللغة النابية، والتهديد المبطن، والضرب تحت الحزام، وسائل يقصد منها الضغط والابتزاز.
ورأى أن الخيار الذي اتخذته الدولة المصرية، والذي سماه انقلاب 30 يونيو، أكثر هشاشة مما يبدو عليه، موضحاً أن «هذا الأمر مثير للقلق فعلاً لأن استقرار مصر، وقبلها وبعدها استقرار السعودية، لم يعد في الظروف المضطربة عربياً مصلحة استراتيجية لكل منهما وحسب، بل مصلحة استراتيجية للعالم العربي أجمع، وللنظام الدولي». كما أكد أن التقارب السعودي التركي ليس تعاطفاً مع «الإخوان» لأن «علاقات الدول لا تقوم على الرؤية العاطفية»، مشيراً إلى أن «السعودية تتعامل مع الإخوان كقضية محلية مصرية وأن تقاربها من زاوية تأثيرها على استقرار مصر أولاً، ثم تداعيات ذلك إقليمياً، وبالتالي عليها ثانياً. من الزاوية ذاتها، فإن استمرار السعودية في الابتعاد عن تركيا، كما يريد البعض في مصر، لا يخدم التوازنات الإقليمية في هذه المرحلة، وهذه التوازنات هي الأساس الأول لاستقرار المنطقة، وبالتالي استقرار مصر». وختم بالتوضح بأن «مصر لم تقبل أن تصف تركيا ما حصل فيها في 30 يونيو 2013 بأنه انقلاب عسكري. لكن أغلب دول العالم يعتبر أن ما حصل كان انقلاباً. هل يعني هذا أنه تنبغي مقاطعة هذه الدول؟ وإذا كان يهم مصر أن يعترف العالم بأن ما حصل فيها آنذاك كان ثورة، وهذا حقها، فعليها أن توفر ما يدعم ذلك سياسياً ودستورياً في الداخل قبل الخارج».
كلها مؤشرات وأسناد إذا برهنت على شيء فعلى وجود معطيات جديدة في العلاقات المصرية ــــ الخليجية عموماً والسعودية خصوصاً، وأن القواعد الجديدة للعبة أصبحت فرضاً على الجميع.
* كاتب مصري