رسالة إلى الرفيق الحبيبعدنان فاكهاني/ رئيس جمعية تجار مار الياس

دولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري المحترم
تحية عابقة بالعروبة والوطنية والإنسانية
أما بعد،
وقد مرت سنتان على غيابك، ونحسبهما دهرين، ويحسب المجرمون القتلة أنهم باغتيالك سيصبح لهم شأن ومقام رفيع، وهم الفاشلون والحاقدون والحاسدون. وإذ بهم يجدون أنهم ما زالوا في خانة الفشل، بل زاد انحدار مقامهم الى أسفل السافلين، لأنك أسست مدرسة وزرعت في أعماق ونفوس شعبك روح حب الوطن فعلاً وتطبيقاً، لا كلاماً وشعراً وشعارات فارغة. وهنا نتذكر عندما كنا نأتيك متحمسين، وقد انتابنا الغضب من جهات تتعرض لك بالشتائم والاتهامات وكنا نطلب منك رد الصاع صاعين وإسكات هذه الأبواق التي تنال من نهجك وعملك، فكنت تهدّئ من حماستنا وتقول لنا: اتركوهم يتلهّون بالكلام، ونحن نعمل من أجل إنشاء مدرسة لخدمة أولادنا ومن أجل إنشاء مستشفى لخدمة الناس وشق الطرقات وبناء الجسور. كل ذلك لخدمة الناس. وكم سمعنا منك عبارة كنت ترددها دائماً: «نحن بحاجة الى كثير من العمل والقليل من الكلام». علّمتنا يا دولة الرئيس أن نعمّر ولا نهدم، أن ننير الوطن لا أن نحرقه، أن ننفع الناس ونحافظ على أرزاقهم لا أن نقطع أرزاق الناس ونستبيحها، وأن قطع الأرزاق من قطع الأعناق، وأن نحافظ على سلامة الناس وأمنهم واطمئنانهم لا أن نعتدي على الناس وعلى أرواحهم، «ومن قتل نفساً بغير حق كأنما قتل الناس كلها». كم نهلنا من نبعك الصافي الطاهر الطيب الذي يتفجر شلالات من العطاء ومحبة الناس كل الناس، لأن نهجك كان وما يزال قائماً على ركائز ثابتة ومتينة وهي الوحدة الوطنية والعيش الوطني المشترك.
دولة الرئيس، علّمتنا أن نساعد الناس ونعلمهم كيف يكافحون في سبيل العمل بعرق الجبين لتحسين معيشتهم لا أن يعتمدوا على التبرعات والهبات بدون عمل. أي أن نعلّم المواطن صيد السمك خير وأبقى من إعطائه سمكة تكفيه ليوم واحد فقط.
دولة الرئيس، كل لحظة هناك أشياء وأشياء تذكّرنا بك، كل شارع وكل عمران وكل حضارة في وطننا لبنان وفي مدينتنا بيروت تذكرنا بك، وقد ارتبط كل عمل حضاري وتقدم وثقافة وإنماء باسمك وصورتك. حتى انك كنت في مؤتمر باريس 3 الحاضر الأكبر منتصراً لوطنك حتى غلب اسمك على اسم المؤتمر. وأنت، شهيداً خالداً، أقوى وأفعل من كراسيهم النتنة الفائحة منها روائح الإجرام والفساد والعبودية والتسلط والظلم والحقد والحسد.
دولة الرئيس، لم أكن أعرف حجم علاقتك مع الناس، كل الناس، وخاصة الفقراء والبسطاء، لأن كل العالم يعرف جيداً علاقاتك العربية والدولية مع كبار الشخصيات، لكن علاقاتك مع الناس العاديين لا تقل أهمية. فكل واحد له قصة مع دولة الرئيس رفيق الحريري بمساعدة طبية أو مدرسية أو جامعية أو إنسانية أو اجتماعية أو اقتصادية. وكل ذلك كان يتم بالكتمان على أساس أن اليد اليمنى إذا أعطت، فاليد اليسرى يجب أن لا تعلم. وأتذكر يوماً في الانتخابات البلدية لمدينة بيروت سنة 2004 عندما طلبت من دولتك أسماء العائلات التي تتم مساعدتها في بيروت وتقدر بنحو 55 ألف عائلة ليتم الاتصال بها، يومها قلت لي: يجب عدم خلط العمل السياسي بالعمل الخيري، وقلت لي: انتبه يا عدنان، بروح ثوابنا.
لقد قهروك يوم توزيع الزيت، وطالبوا بالحصول على أسماء العائلات التي تتم مساعدتها. كم كنت كبيراً عظيماً، وكم كانوا حقيرين خسيسين. فأنت في مجد التاريخ، وهم في مزبلة التاريخ.
لن أطيل عليك، دولة الرئيس. سنكون أمناء أوفياء لنهجك الذي نفتخر ونعتز. ونتباهى أمام كل العالم أننا ننتمي الى هذا الخط الحضاري العروبي الوطني المبني على الوحدة الوطنية والعيش الوطني المشترك. ونعاهد الله ونعاهدك ونعاهد قائدنا الشاب ابنك الأصيل الشيخ سعد الحريري، بكل ما تعني الأصالة من شهامة وكرامة وعزة، أننا سنبقى أوفياء بكل الصدق الذي كنت تحبّه أن يكون العمود الفقري للأشخاص الذين يعملون معك. وهذا الوفاء والإخلاص لا لأننا نحبك فقط بل لأننا نحب أولادنا وعائلتنا ووطننا ومدينتنا وأهلنا، ونهجك هو طريق النور لمستقبلنا الزاهر. اطمئنّ يا دولة الرئيس، إن شعبيتك اليوم هي أضعاف أضعاف ما كانت عليه بعد أن استفاق الكثير من إخوتنا في الوطن على ضخامة عطائك وتضحياتك من أجل عائلتك الكبيرة في لبنان. وسنبقى على اتصال دائم معك، وخاصة في أيام الشدة لأننا دائماً بحاجة إليك. واشتقنالك.