كمال مساعد *
أعلنت وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون أن موازنة الدفاع للسنة المالية 2007 التي بلغت 513 مليار دولار، تستهدف زيادة ملحوظة للنفقات العسكرية وجهاز الأمن القومي، وقسم مكافحة الإرهاب والتحديات الاستراتيجية الجديدة. وزادت نفقات وزارة الأمن الداخلي ومكتب التحقيقات الفيديرالي (إف بي آي) 3,3 في المئة لتبلغ 33,1 بليون دولار. وطلبت الوزارة 84,2 بليون دولار لبرامج التسلح، أي زيادة نسبتها نحو ثمانية في المئة، و73,2 بليون دولار (2,2 في المئة) للبحوث العسكرية. وتنص موازنة 2007 على إنفاق 5,1 بليون دولار على القوات الخاصة وزيادة عديدها 14 ألفاً حتى 2011 لتضم بذلك 64 ألف جندي. وتخصص 6,6 بليون دولار لتحويل فرق الجيش البري الى وحدات قتالية أصغر حجماً وأكثر استقلالية وقدرة على الانتشار. وسيوظف البنتاغون 3,7 بليون دولار لتطوير النظام القتالي للمستقبل، وهو برنامج للمعدات العسكرية، وشراء 322 طائرة من دون طيار في السنوات الخمس المقبلة. وتسعى الإدارة الأميركية الى المحافظة على «تفوقها التقليدي» في الحروب التقليدية، عبر شراء مروحيات وطائرات «إف 22» و«إف اي-18» وتمويل مجموعة «جونيت سترايك فايتر». وتنص الموازنة العسكرية على 2,6 بليون دولار لسفن «إل سي إس» (ليتورال كومبات شيب) الصغيرة المخصصة للقتال على السواحل.
تطوير برامج دفاعية
يخصص أكثر من نصف تريليون دولار لبرامج دفاعية للسنة المقبلة بما في ذلك تمويل انتقالي للحرب. وقد خصص الكونغرس نحو 379 مليار دولار للحرب في العراق وأفغانستان، مرفقةً بطلب إضافي خلال عام 2007 تصل قيمته تقريباً الى 100 مليار دولار، وذلك لدعم العمليات، إضافة الى تكاليف طاقة وأسلحة جديدة وذخائر وملياري دولار لتمويل مبادرة لتحديد العبوات الناسفة على جوانب الطرق وتفكيكها، مع الاهتمام بتطوير دبابات «آبرامس» ومدرعات «برادلي» القتالية لقوات الحرس الوطني ومضاعفة طلب «البنتاغون» على عربات «هامفي» أحدث وأفضل تسليحاً، وتمويل خاص لطائرات هليكوبتر «في 22 أوسبري» المثيرة للجدل لنشرها في العراق. ويطلب البنتاغون من الكونغرس 115 مليون دولار لمكافحة الإرهاب وبناء مجمع محاكم في قاعدة خليج غوانتانامو العسكرية لمحاكمة من يشتبه في أنهم ارتكبوا جرائم حرب.
وبموجب الخطة سيقترح البنتاغون بناء دار قضاء وقاعتيْ محكمة ومنطقة مشددة الحراسة الى جانب مكان لإيواء السجناء، وذلك بعدما وقّع الرئيس الأميركي جورج بوش قانوناً لوضع نظام اللجان العسكرية لمحاكمة من يشتبه في ضلوعهم في الإرهاب.
موازنة مخصصات الحرب
وتشمل الموازنة 76 مليار دولار لشراء الأسلحة والمعدات، وكذلك 68.6 مليار دولار للأبحاث والتطوير. وتتضمن زيادة لعديد القوات في سلاح البر نحو 30 ألف رجل بين 2006 و2009، ما يعكس قلق الكثير من الخبراء من عدم كفاية هذا العديد لضمان تناوب عادي للوحدات المنتشرة حول العالم. واللافت ان الموازنة التي أقرها الكونغرس والتي بلغت رقماً قياسيا، نظراً إلى متطلبات الحرب الباهظة الثمن التي فرضتها رحلة التحول التي يخضع لها الجيش الأميركي، لجهة عقيدته القتالية، أو لجهة التكنولوجيا المتطورة في صناعة الأسلحة والأنظمة الدفاعية، والنفقات الدفاعية الناتجة من الحرب بشكل عام التي تندرج وفق ما أعلنه مدير مشروع النفقات العسكرية في البنتاغون كرستوفر هيلمان في البنود الآتية:
ــ النمو الملحوظ في البرامج الدفاعية المتنوعة كعمليات بناء السفن الحربية وتطوير مقاتلة خفيفة لسلاح الجو f/a-22 Stealth وأنظمة قتال مستقبلية للجيش، وطائرات قتالية غير مأهولة.
ــ المصروف الكبير للذخائر من الصواريخ والقنابل وغيرها.
ــ تدمير واحتراق الطائرات والعربات والأسلحة.
ــ عمليات ترميم وإصلاح المعدات المتنوعة، وهنا لا بد من التذكير بأن الطائرات في أفغانستان والعراق تنفذ مهمات تفوق خمسة أضعاف ما تنفذ خلال أوقات السلم، وهذا ما يؤثر في محركاتها ومعظم أنظمتها، وعلى سبيل المثال خلال العام الماضي تمت صيانة 1000 طائرة حربية منها 93 طوافة. إضافة الى ذلك، يأتي العنصر البشري الذي يتقدم بشكل أكيد على المعدات والأسلحة والأنظمة كافة حيث يأخذ حيزاً كبيراً من الموازنات الدفاعية لناحية الضحايا والجرحى الذين يسقطون من جراء العمليات العسكرية، لأن القوات الأميركية تخوض في العراق حرب شوارع ومدن أكثر من أي نوع آخر من المعارك، وهذه الظروف الخاصة فرضت عليها متطلبات محددة تستوجب أعباء مالية إضافية أيضاً، ويمكن إدراج بعضها في ما يأتي:
ــ برامج جديدة لتصنيع الطائرات والمدرّعات والصواريخ والرادارات.
ــ خطط لانتشار القوات البرية والمارينز وسلاحي الجو والبحرية.
ــ أنظمة استشعار جديدة ومتطورة ستُشحن إلى العراق خلال فترة قصيرة تسمح بتحديد مصدر الخطر الذي يهدّد سلامة الجنود على مسافة كافية.
ــ إنتاج أجهزة لكشف الأهداف الخطرة على بعد 12 كلم بواسطة كاميرات تعمل بالأشعة ما تحت الحمراء، وهكذا فإن شركة رايثيون كانت السبّاقة في هذا المجال وأنتجت جهاز RAID بتكلفة 38 مليون دولار سيُرسل إلى العراق لتستعمله القوات الأميركية.
ــ مواجهة أخطار السيارات المفخخة والمتفجرات، ما أدّى إلى إنتاج الروبوت Ordnance Disposal Robot المزوّد كاميرات رقمية وأليافاً بصرية وميكروفونات، ويركّب على عربة تشبه الدبابة ويستطيع أن يرى ويسمع.
ــ وسائل تفجير الأفخاخ عن بعد بواسطة تقنيات حماية القوات التي تعمل بتردّدات راديوية ترسل إلى الأفخاخ وتفجّرها عن بعد، والجيش الأميركي وقّع عقداً بقيمة 16 مليون دولار لشراء هذا النظام المعروف باسم (Improvised Explosive Devices Countermeasures (IED.
ــ هذا إضافة إلى إعطاء الأولوية إلى برنامج نظام الدفاع الصاروخي الأميركي الذي يقتضي ربطاً استراتيجياً بين الولايات المتحدة الأميركية والعراق وأفغانستان وبعض دول أوروبا الشرقية، ما يؤدي إلى رفع الموازنة أربعة أضعاف المبلغ المقرر حالياً وهو 118 مليون دولار إلى 500 مليون دولار، وسوف يرتفع هذا المبلغ في السنوات المقبلة إلى مليار دولار عام 2009، ويؤكد كبار مسؤولي وزارة الدفاع ان اختبارات الإطلاق تبدأ عام 2010.
الموازنة الجديدة
تتضمن الموازنة الجديدة ثلاثة بلايين دولار لعملية ما يعرف باسم «النسر النبيل» للدفاع عن الأراضي الأميركية من أية تهديدات محتملة. وتؤكد وزارة الدفاع انه بسبب استمرار الحرب الأميركية المستمرة على الإرهاب فإن هذه الموازنة تدعو إلى زيادة الإنفاق لتحسين كل قدرات الاستخبارات ودمجها و«زيادة القدرات اللغوية» بإنفاق 362 مليون دولار، إضافة إلى إيجاد 1400 وظيفة جديدة حيث إن الموازنة الجديدة وما يليها من موازنات متوقعة حتى عام 2011 تعتبر جزءاً من محاولة وفاء الرئيس جورج بوش بإمداد الجيش بكل الأدوات الضرورية لتحقيق النصر في الحرب القائمة على الإرهاب. كذلك من المتوقع أن تواصل الموازنات المقترحة لوزارة الدفاع في المستقبل النمو حتى نهاية العقد الحالي، ويتوقع أن تتجاوز موازنة 2011 حد 600 بليون دولار.
أولويات الموازنة الجديدة
أما أولويات وزارة الدفاع في الموازنة الجديدة تخصيص مبالغ لتطوير الأنظمة القتالية، منها أنظمة الطائرات غير الآهلة، وتحسين البنية التحتية في أنظمة القيادة والسيطرة والاتصالات، إضافة إلى تطوير نظام الراديو التكتيكي المشترك JTRS للقوات المسلحة كافة. وتضمنت الموازنة أيضاً مخصصاً لبرامج العلوم والتكنولوجيا، ورفعت الحظر عن تطوير الأسلحة النووية الصغيرة.
الموازنة الأميركية تطرح الكثير من التساؤل في أولوياتها الفنية والتقنية، وخاصة بعدما أبدت مؤسسات دفاعية وخبراء صناعيون قلقاً حيال النسبة العالية من الإنفاق على حرب العراق، متخوّفين من أن تستقطع الأموال تلك من برامج ربحية. ويعتقد الخبراء انه في حال استمرار الكلفة العالية لحرب العراق ستخفض فترات برامج كبرى أو تمدد، مثل خطة تحديث أنظمة قتال المستقبل التي أطلقها الجيش والتي تقودها شركة بوينغ ومشروع تحديث المقاتلة النفاثة الجديدة (الضربة المشتركة) الذي تقوم به شركة لوكهيد مارتن، محذرين من تحول الولايات المتحدة الى «قوة جوفاء» في حال المضي في هذه الاستراتيجية.
* باحث استراتيجي