روز زياده
الخلاف القائم منذ أكثر من سنة بين المتنفّذين، وضع الإنسان في لبنان في مهبّ عاصفة الإهمال الشامل، وأعطى صلاحية مطلَقة للقائمين بتصريف أعمال المؤسّسات العامّة. وأُصرّ على كلمة «تصريف» لا «إتمام» لأنّهم يكفّرون المواطن كلما احتاج إلى القيام بمعاملة أو مراجعة أو طرح سؤال، ولو كان ذلك من خلال وسائل الإعلام. وكلّ هذا يعني تحريض الإنسان المهذّب على الخروج عن تهذيبه ووقاره وإيمانه بمن خلقه. هؤلاء الناس يعتلون ربّما كراسي من الجلد المهلهل، ولكنّهم يسمحون لأنفسهم بتكفير المواطن بأجوبتهم الجافّة، المتحجّرة، والمكتساة بالعنجهية. وأن يلفظ المواطن المؤمن جملة «لعن الله الساعة التي وُلدت فيها، والظروف التي أحوجتني إلى التكلم مع مصرّفي أعمال»، يعني أنه نسي الإيمان، وأعمى بصيرته الاستخفاف بالناس.
في لبناننا الذي أحرقوا معظم أحراجه، إن لم نخرج صباحاً من بيتنا ونحن عابسو الوجه وحاضرون للتشاجر مع أي مخلوق كان، يدوسون علينا، ويستخفّون بصبرنا. رجل الأمن، مثلاً، هو حرّ في أن يوقفنا عند الإشارة الخضراء، ويأمرنا بالسير عند الإشارة الحمراء. هذا أخفّ تحريض على الكفر. وأما راكبو السيارات العالية فلا يسكت «زمّور» سيارتهم ونحن في عزّ زحمة السير.
لذا نحن لن نخلّص ولن تُخلّص بلادنا من أزمتها لأنّ جميعنا كفرة، وجميعنا جاهزون بكلّ القهر الذي نتعرّض له لنردّ على الاستفزازيّين برد أقصى من ردّهم. فحذار تكفير المؤمن.