بيسان طي
يحملون المسدّسات ليسيروا على خطى بُناة هيكل إسرائيل

حاز كتاب «بلاك ووتر ـــــ صعود أقوى جيش مرتزقة في العالم» بشهرة واسعة في العالم العربي بعد «جريمة حيّ النسور» التي ارتكبها قبل شهر عملاء الشركة في العراق، لكنّ صدور الكتاب سبق هذه الجريمة.
في آذار الماضي، قدّم جيرمي سكاهيل كتابه كتحقيق استقصائي موثّق وطويل، لذلك يحتمل الكتاب أكثر من قراءة. فقد تابع الصحافي الأميركي كلّ الخيوط التي استُخدمَت لإطلاق الشركة العابرة للقارّات، ونجح في كتابة قصّة شركة أميركية، مسرحها العراق في كثير من الأحيان، لكنّها تنتمي أوّلاً وأخيراً إلى إمبراطورية المحافظين الجدد في الولايات المتّحدة. هذه الإمبراطورية كلعبة الـ Puzzle، مسح سكاهيل الغبار الذي كان يغطّي جزءاً منها لتبدو الصورة أوضح.
إريك برنس صاحب الشركة رجل من نادي أعضاء الإدارة الأميركيّة، جزء من اللوبي الذي يصنع السياسة العالميّة، هو أيضاً ينتمي إلى «المسيحيّين المولودين مجدّداً» ويدعم مؤسّسات وجمعيات كثيرة تنتمي إلى الأصوليّة المسيحيّة اليمينيّة، ويؤمن بالزواج الأبدي بين الليبراليّة الاقتصادية والسياسة الاجتماعية المحافظة. وحين تحدّث عن المرتزقة في شركته، قال إنّهم يحملون المسدّسات ليسيروا على خطى بناة هيكل إسرائيل.
وريث إمبراطورية ماليّة كبيرة، سيحمل برنس أمواله ليحقّق حلم آل كلارك المتقاعد من البحرية الأميركيّة، ويصنعان معاً أكبر شركة في العالم لتدريب واستخدام رجال الحروب، لكنّهما سيفترقان بعد سنوات. وقد كانت ولادة «بلاك ووتر» عام 1996. أمّا انطلاقتها الكبيرة فتمّت بعد أحداث 11 أيلول، وقد أعلن كلارك مرّة أنّ «بن لادن جعل بلاك ووتر ما هي عليه الآن». إلاّ أنّ سكاهيل يذكّر بأن «تقاطع المصالح» هو ما جعل نجاح الشركة ممكناً. قصّة خصخصة القطاع العسكري ليست وليدة عبقرية برنس، إنها سياسة بدأت مع حرب الخليج الثانية يوم كان تشيني وزير الدفاع الأميركي، وتطوّرت مع الحرب على العراق حين حلّ رامسفيلد في هذا المنصب، ولكنّها ستحكم كل الحروب الأميركية إلى أجل طويل وإن رحل المحافظون الجدد.
يحكي سكاهيل بدقّة كيف نسجت الشركة علاقاتها، ومن هم أولئك الذين يصنعون اللوبي حولها، وكيف تمّت لملمة مرتزقتها من الولايات المتّحدة ودول أميركا الجنوبية وأفريقيا، ومن هم رجالاتها في تشيلي وكولومبيا وجنوب أفريقيا، وكيف استفادت من مقتل أربعة من عملائها في الفلّوجة، ثمّ كيف قاد أحد عملاء الشركة هجوم الجيش الأميركي في النجف. الشركة الرائدة في مجال تصدير المرتزقة وصناعة الحرب تعمل أيضاً بالتنسيق مع شركات أخرى، تتبادل معهم المعلومات الاستخبارية لتثبيت دورها العالمي.
إنّها قصّة أميركية، ولكن انعكاساتها تمتدّ إلى الدول الحليفة للولايات المتحدة أو التي تقع تحت احتلالها: في العراق يقتل عملاء الشركة المواطنين، وفي الأردن أُقيمت مكاتب لها وقد تمّ «تصدير» مئات العملاء ليتمّ فحصهم من جانب خبراء الشركة في عمّان.
في منطقة بحر قزوين، عند النقطة الأقرب إلى الحدود الإيرانية، يتوزّع أعضاء الشركة لحماية «خطّ نفط من أذربيجان» إلى الولايات المتّحدة. هنا إلى جانب برنس، ستظهر أسماء تشيني وبايكر وكيسينجر، وفي الفيليبين واحدة من أكبر القواعد التي تستخدمها «بلاك ووتر» كمركز للتدريب، بعدما وزّعت 23 ألف عميل لها في تسع دول، وثمة احتياطي من 21 ألفاً من المرتزقة.
عين «بلاك ووتر» منذ عام 2004 على دارفور، وفي إطار البحث عن دور في تلك المنطقة، بدأ برنس والمسؤولون في شركته الترويج لفكرة مفادها بأنّ قوّات حفظ السلام لا تنجح في مهمّاتها وأنّها تكلّف المجتمع الدولي مبالغ طائلة فيما «الشركات الأمنية الدولية» قادرة على القيام بالمهمّة «بنجاح وبتكاليف قليلة»، على أيّ حال يروّج المؤمنون بهذه الشركات لضرورة أن تحلّ مكان حلف شمال الأطلسي مثلاً!
* من أسرة الأخبار





العنوان الأصلي
بلاك ووتر ـ صعود أقوى جيش مرتزقة في العالم
الكاتب:
جيرمي سكاهيل
الناشر
Nation Books