روز زياده
شاءت الظروف أن أعيد مشاهدة بعض حلقات من مسلسل «رماد وملح» الذي اختصرت أحداثه حقبة من حياتنا في لبنان، ولوّنتها بشتى المراحل من الحرب وشخصياتها، والمنتفعين من قيامها. أرانا عن حق تصّرف المسؤولين عن الجالية في بلدان الاغتراب. أرهف حسّنا أمام أوضاع اللبنانيين الذين هربوا إلى الخارج، وطريقة عملهم، وعيشهم وخوفهم الدائم من الآخرين مهما قدّموا لهم من مظاهر الود.
عشنا الإنسانية في الغربة مع الذين اعتادوا على مفارقات العيش مع أهل البلد. وأسفنا لغياب هذه الميزة عن كثيرين في أحلك الأيام وهم في قلب لبنان.
لم يفت الكاتب تجسيد تعلّق الإنسان اللبناني بأرضه، والدفاع عنها حتى الموت. (هذه الحقيقة يجهلها المتنفّذون عندنا، وفي أيامنا هذه ستبقى حقيقة مجهولة بالنسبة إلينا وواضحة أمام من رسم حدود نفوذه، وانتقى أبناء عشيرته). جرف المنازل ودور العبادة في بعض المناطق اللبنانية يدلّ على ترسيم الحدود بين الجار وجاره. مسلسل رماد وملح يتضّمن الكثير من أسر نفوسنا، وهجرة عواطفنا، ودموع عيوننا وكسر خواطرنا.
الكاتب جعل نهاية بشعة للظالم في نهاية الحلقات، وقد غفل عن كتابة قسم آخر، لأن حياتنا ما زالت محطّ أحداث كثيرة وقد تنوّع ظلمها. ومالك الذي قتلته هند، تقمّص مئة مالك بحاجة إلى يد هند الثابتة ومحّددة الطلقات لقتل جشع النفوس وقطع دابر الأنانية.