عبد الله الحاج محمد
الجيش الإسرائيلي وغلاة المستوطنين المتطرّفين يمنعون المزارعين في قرية جالود من قطف ثمار الزيتون هذا العام. لم تشهد شجرة في التاريخ حرباً شرسة وعداءً مستحكماً كما شهدته شجرة الزيتون على أرض فلسطين من جانب الاحتلال وقطعان المستوطنين. لقد أصبحت شجرة الزيتون رمزاً لفلسطين بخيرها وقدسيّتها،
وللفلسطينيين بعطائها وتجذرها. وتحت شعار السيطرة على الأرض الفلسطينية أساس لإقامة المستعمرات، كان لا بدّ من انتزاع ملكية هذه الأراضي من أصحابها الفلسطينيين بشتّى الوسائل، وأهم هذه الوسائل مصادرتها. وهنا واجهتهم معضلة كيفية إثبات أن الأرض الفلسطينية غير مستغلة، وأشجار الزيتون المعمّرة منذ عشرات السنين تنغرس فيها مزهوة فخورة بانتمائها لأرض فلسطين.
منذ بدء الانتفاضة والمزارعون في قرية جالود يتعرضون لأنواع مختلفة من عدوان المستوطنين. ويوم السبت 27/10/2007 لم تعجبهم رؤية المزارعين في قرية جالود وهم يتحدّون إرادة الاحتلال وقطعان المستوطنين، ويتواصلون في علاقتهم الحميمة مع الزيتون والأرض، فأخذوا يروّعون المزارعين وأسرهم وأطفالهم، ويمنعونهم من قطف ثمار الزيتون في الأرض الواقعة جنوبي القرية، والتي لا تبعد عن منازل السكان سوى مئات الأمتار مستخدمين الأسلحة النارية، ومستغلّين حماية الجيش الإسرائيلي لهم. إنّها الخطوة الأبشع التي يُمنع فيها المزارعون من جني ثمار تعب وعرق العمر، وحرمانهم من قطف محصولهم وقطع مصدر أساسي من مصادر الدخل التي يعتمدون عليها في معيشتهم. ولعلّ الخطورة الأشد تأتي بسبب حماية الجيش لهم. لقد تمّ هذا الفعل اليوم تحت سمع وبصر الجيش الإسرائيلي، الذي قام باحتجاز عدد من المزارعين لبعض الوقت. لقد غدا موسم قطاف الزيتون في جالود موسماً مرعباً مخيفاً، يخشى فيه المزارع على نفسه وأسرته وأطفاله، بقدر خوفه على ثمار زيتونه التي ينتظرها من عام إلى عام، ويعيش على دخله منها. لقد أصبح موسم قطاف الزيتون عندنا مصدر حزن ونذير شؤم، بعدما كان موسم فرح وبشير خير وبركة. ما قيمة ما تعلن عنه قيادة الجيش الإسرائيلي من تسهيلات بإعطاء المزارعين الوقت والفرصة لتمكينهم من قطف ثمار الزيتون، ولكن في الحقيقة يقف الجيش حائلاً دون تمكين المزارعين من الوصول إلى أراضيهم للعناية بها أو قطاف ثمارها لتصبح لقمة سائغة للمستوطنين للاستيلاء عليها وإقامة بؤر استيطانية بسهولة ويسر. هذا نداء ومناشدة إلى منظّمات حقوق الإنسان وكل المعنيّين من أجل مساعدتنا في قطف ثمار الزيتون هذا العام.