strong> حسن المحمود *
يتضمن هذا التقرير جملة من المواقف التي أطلقها فريق السلطة خلال عدوان تموز على لبنان، وهو يحتوي على عدد من القضايا ذات الأهمية الاستراتيجية والحيوية المتعلقة بمصير لبنان التي نشرتها الصحف أيام العدوان، في وقت كان فيه العدوان الأميركي الإسرائيلي يضرب بقوة في مفاصل الكيان اللبناني، على أمل أن تكشف الأيام عن المزيد من حقائق هذه الحرب وأسرارها التي ما زالت طي الكتمان، ونستعرض في هذا الصدد القضايا التالية:

المقاومة هي المسؤولة

أولاً، تحميل المقاومة المسؤولية وتسويق التوجهات الأميركية: منذ اليوم الأول للعدوان بدا ثمة تركيز متعمّد من جانب فريق السلطة على إظهار مسؤولية المقاومة عن وقوع عدوان تموز وتصوير أن ثمة عدم تطابق في الرؤية بين ما تقوم به المقاومة وما يطمح إليه الشعب اللبناني، وأن اللبنانيين يدفعون ثمن ارتكابات المقاومة التي تعمل لحسابات غير لبنانية، انسجاماً إلى حد بعيد مع الموقف الأميركي في اليوم الأول للعدوان الذي يتلخّص بما يلي:
1ـــــ إدانة «هجوم حزب الله» بشدة وتحميله المسؤولية مباشرة عن الأحداث.
2 ــــــ الاعتراف بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.
3 ـــــ اعتبار سلاح حزب الله وقيامه بعمليات يمثّلان تهديداً مباشراً لأمن الشعب اللبناني وسيادة الحكومة اللبنانية.
4 ـــــ وضع عملية المقاومة ضمن أجندة خارجية خدمة لأهداف سورية وإيرانية، وتحميل حزب الله والدولتين الداعمتين له (إيران وسوريا) مسؤولية العذابات.
5 ـــــ إبداء الخشية من أن تؤدي الإجراءات الإسرائيلية «إلى إضعاف حكومة السنيورة».
ولعل اجتماع رايس مع فريق السلطة في السفارة الأميركية في بيروت في 25 تموز يكشف إلى حد بعيد البرنامج الذي جرى فريق السلطة عليه في التعاطي مع المقاومة، وخاصة أن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي فريدريك جونز كشف أن «كوندوليزا رايس على اتّصال مباشر مع القيادات في المنطقة بهدف تحميل حزب الله مسؤولية أفعاله» («السفير»، 13 تموز 2006). وفيما يلي نستعرض التطابق بين مواقف فريق السلطة والمواقف الأميركية من خلال الأمور التالية:
1 ـــــ رفع الغطاء السياسي عن المقاومة: وقد بدأ ذلك منذ اليوم الأول لعملية الأسر في 12 تموز، وذلك في بيان الحكومة حيث أعلنت الحكومة فيه براءتها من العملية ومنفذيها على حد سواء، ونأت بنفسها عن تحمل أي مسؤولية حيال ما يمكن أن ينجم عن العملية من تبعات ونتائج، عبر القول «إن الحكومة لم تكن على علم بما جرى ويجري من أحداث على الحدود الدولية وهي تستنكر بشدة ما جرى ولا تتحمل مسؤولية ولا تتبنى ما جرى على تلك الحدود». فضلاً عن إشارة وزير الإعلام غازي العريضي بعد إذاعته لبيان الحكومة إلى أن هذا البيان جاء بمثابة تسوية بعد اعتراض الوزراء الشيعة، وأنه كان يمكن أن يكون موقفاً أقسى وأشد على المقاومة «لو لم يتم التوصل إلى هذه الصيغة» («البلد»، 12 تموز 2006).
2 ـــــ ربط العملية بأجندة خارجية: فقد حرص فريق السلطة منذ اليوم الأول على نزع الأبعاد والأهداف الوطنية والإنسانية التي أعلنها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أنها من أجل القيام بعملية تبادل للأسرى، وسارع إلى التشكيك في نيات المقاومة وإثارة التساؤل حول توقيت العملية وأنها تهدف إلى تعطيل المحكمة الدولية، ووضعها ضمن «أجندة إقليمية واسعة وإبقاء لبنان ساحة مكشوفة ومفتوحة لمصالح غير لبنانية» (تصريح الوزيرة نائلة معوض، «البلد»، 13تموز 2006) في إشارة إلى سوريا وإيران (بيان 14 آذار، «النهار»، 14 تموز 2006). وكذلك تصريح النائب وليد جنبلاط للتلفزيون المصري في 18 تموز بأن «قسماً مما يجري هو نتيجة ثأر وحقد بشار الأسد وإميل لحود على دولة الاستقلال التي خرجت بعد استشهاد رفيق الحريري وبعد تضحيات الشعب اللبناني من أجل رفع الوصاية». وأضاف إنّ «النظام السوري يغتال رفيق الحريري مرّة ثانية ونقول له ولمن وراءه إن صبرنا طويل».
3 ـــــ اعتبار المقاومة خطراً على حياة اللبنانيين: وهذا ما نجده في بيان الحكومة في 12 تموز وفي بيان قوى «14 آذار» في اليوم التالي للأحداث، حيث تساءل البيان «وهل تعريض حياة اللبنانيين وأمنهم واستقرارهم أمر يتم تجاوزه بهذه البساطة وبهذا التفرّد؟، وهل على لبنان أن يُقتل أبناؤه في المجازر البشعة والمروعة ويدمر اقتصاده وموسمه السياحي لمصلحة انتعاش الاقتصادات المجاورة للعناوين القومجية الفارغة؟» (النهار، 14تموز 2006) وغيرها من التصريحات الأخرى المشابهة.
4 ـــــ تفهّم الموقف الدولي: وذلك عبر إطلاق مواقف تحمّل المقاومة مسؤولية الموقف الدولي الذي يعتبر أن لبنان دخل في مواجهة ليس فقط مع إسرائيل إنما مع مجلس الأمن الدولي، وأن ما قامت به المقاومة يعدّ خرقاً للخط الأزرق والقرارات الدولية وللأصول والقوانين الدولية (أمين الجميّل، «اللواء»، 14 تموز 2006). حتى إن سمير جعجع شبّه ما يتعرض له حزب الله بما تعرضت له منظمة التحرير خلال 1982، لكنْ هناك فارق كبير بالنسبة إلى التغطية الدولية، ففي عام 82 كانت التغطية أميركية للهجوم الذي كان يحصل على لبنان والمؤسف جداً أن التغطية اليوم دولية». («المستقبل»، 19 تموز 2006).

النقاط السبع

ثانياً، النقاط السبع: خلال مؤتمر روما الدولي في 26 تموز 2006 طرح رئيس الحكومة فؤاد السنيورة ما اعتبره مبادئ حل لإنهاء أحداث تموز، عرفت في ما بعد بالنقاط السبع، وذلك قبل عرضها على مجلس الوزراء لاحقاً لنيل الموافقة عليها. وكانت الصحف الصادرة في 14 تموز 2006 قد أظهرت الاهتزاز الذي كاد يصيب الحكومة اللبنانية قبل التوافق في الحد الأدنى على موقف لا يكشف فيه انقسام السلطة حيال ما يجري، وكان واضحاً من خلال تصريحات رئيس الحكومة وقوى الموالاة محاولة تلقف هذا التوافق لإظهاره إعلامياً بأن ثمة قبولاً من جميع المشاركين في الحكومة بهذه النقاط. إلا أن ذلك لم يمنع بعض أركان فريق السلطة من إطلاق تصريحات تحدد مدى التوافق حول هذه النقاط، فالوزير أحمد فتفت أقر بأن هذه المبادرة «هي نوع من الإطار وليست مبادرة تفصيلية والأمور التفصيلية تحتاج دائماً إلى العودة إلى مجلس الوزراء لمناقشة كل المواضيع وتحديداً موضوع القوة الدولية» (المستقبل، 2 آب 2006). وهذا ما يؤيد تأكيدات الوزير المستقيل محمد فنيش أن الاتفاق على النقاط السبع جاء بمثابة «موقف وطني» وأنه مجرد «مبادئ عامة وأهداف» اتفق عليها مجلس الوزراء «بحسب النقاشات التي تمت في الجلسة»، أما «التفاصيل والآليات فنعود إلى مناقشتها لاحقاً» («النهار»، 6 آب 2006). وتظهر الغاية من النقاط السبع في ما ذكره الرئيس الجميل من أن «مشروع الرئيس فؤاد السنيورة، مشروع النقاط السبع، يرمي إلى إزالة مبرر وجود سلاح حزب الله» («النهار»، 8 آب 2006).

فرض الحلول

ثالثاً، فرض الحلول: من خلال تداخل الأحداث يبدو أن الرؤية لم تكن ضبابية بالنسبة إلى فريق السلطة في ما يتعلق بحل أزمة عدوان تموز، وذلك بطبيعة الحال كان يتصل بأفق المعركة ونتائجها، ويمكن في هذا الإطار افتراض الخطوط العريضة للحل الذي كان يسعى فريق السلطة إلى تحقيقه في إطار رؤية محدّدة سلفاً من الشركاء الدوليين في العدوان بتأييد ومساعدة عربية واضحة، والتي يمكن اختزالها بنقطتين:
أ ـــــ إنهاء ظاهرة حزب الله؛
ب ـــــ التسوية النهائية مع العدو. ويتبين ذلك من العرض التالي:
1 ـــــ رفض وقف إطلاق النار دون حل شامل: تردد الحديث كثيراً على لسان فريق السلطة عن ضرورة حل شامل للأزمة حتى لا تتكرر المشكلة، وبعضها يُستشف منه رفض وقف إطلاق النار كيفما كان دون أن تسلم المقاومة بعدد من المطالب والشروط، وهذا ما مثّل دعوة لاستمرار العدوان إلى أن ترضخ المقاومة لمطلب نزع السلاح، في استجابة واضحة للموقف الأميركي الرافض لوقف النار. وبدا من خلال ذلك أن مفاوضات السلطة تجري مع المقاومة لا مع الإسرائيليين، ويتبين ذلك من خلال ما نشرته الصحف في 18 تموز عن المهلة المفتوحة التي منحها مجلس الأمن لإسرائيل لأجل توجيه ضربات قاسية إلى حزب الله على طريق التوصل إلى ما يسمونه «الحل الجذري الدائم» الذي تحدث عنه الإسرائيليون أيضاً ويهدف بالدرجة الأولى إلى إبعاد حزب الله نهائياً عن الحدود وتفكيك بنيته الصاروخية («السفير»، 18 تموز 2006).
وكان لافتاً للانتباه أن يتم التداول من قبل قيادات الأكثرية في لبنان بفكرة الحل الشامل مباشرة وفي اليوم نفسه بالتزامن مع الحديث عن هذا الحل الجذري، كما في موقف النائب جنبلاط الذي دعا فيه إلى وقف النار شرط ألّا يكون «على حساب الدولة»، وأن يحصل «تبادل الأسرى من هنا وهناك عبر الدولة اللبنانية»، وأيضاً «أن لا نعود إلى الماضي وتبسط الدولة سلطتها ووصايتها عل كل الأرض اللبنانية ثم يكون وقف لإطلاق النار مع منظمة حزب الله. لا نريد الوطن في المجهول أو في معادلة جديدة». وأضاف «أعود وأكرر أننا نريد وقف إطلاق النار ولكن ليس بأي شرط»، رافضاً دعوة رئيس الوزراء الفرنسي دومينيك دوفيلبان إلى هدنة إنسانية بأنه «ليس هناك ما يسمى هدنة إنسانية لأن الهدنة ليست بحل. لا بد من حل سياسي تُرسى فيه قواعد الدولة لا أكثر ولا أقل» (التلفزيون المصري في 18 تموز. «المستقبل»، 19 تموز 2006). وحدد جنبلاط الحل في «أن يسلم حزب الله سلاحه للدولة اللبنانية وفقاً لآلية الحوار» (الشرق الأوسط في 22 و23 تموز 2006).
أما الرئيس أمين الجميل، فرأى أن حل هذه الأزمة يمر أولاً بضرورة اعتراف الجميع بالحكومة... ثم وقف فوري لإطلاق النار بمسعى وعلى مسؤولية مجلس الأمن الدولي مع تأليف قوة دولية ذات مهمات جديدة تسهم في تحقيق أمن البلد واستقراره، ولا سيما على حدوده، وعندئذ نبحث بكل القضايا الأخرى العالقة (شبكة التلفزيون المصري في 21 تموز، أنظر: اللواء 22 تموز 2006).
وبدوره، الوزير أحمد فتفت رأى أن «أي حل سيكون على أسس استراتيجية ثابتة في المستقبل تستعيد من خلالها الدولة اللبنانية سيادتها بالكامل كما تقر إذا لم يكن هناك سلام في المنطقة، فعلى الأقل هدنة حقيقية وإعادة تفعيل اتفاق الهدنة مع إسرائيل... وباختصار أي رؤية سياسية يجب أن تشمل الوضع بشكل كامل» (النجوى، 24 تموز 2006). وأكد فتفت أن «كل شيء أصبح مختلفاً»، جازماً «باستحالة العودة إلى المعطيات نفسها التي كانت قبل الثاني عشر من تموز» (المستقبل،2آب 2006).
وبالمضمون نفسه حدد سمير جعجع المقصود بالحل الشامل بـ«ألا نعود إلى النقطة التي انطلقنا منها، أي ألّا نعود إلى 12 تموز». وأضاف «ولكي يكون الحل شاملاً يجب أن يأخذ بالاعتبار مزارع شبعا وتبادل الأسرى وتطبيق اتفاق الطائف في شكل كامل ودقيق والقرارات الموازية أي الـ1559 والـ 1680» (قناة «بي بي سي» العربية في 24 تموز. «النهار»،25 تموز 2006). ومن أوضح ما قيل في توضيح المراد من الحل الشامل ما ذكره عضو تيار المستقبل النائب هادي حبيش إثر لقائه سمير جعجع، إذ قال «وكان هناك توافق على ضرورة إنهاء العدوان الإسرائيلي على لبنان ووقف إطلاق النار والوصول إلى حل شامل لأن العودة إلى ما قبل 12 تموز باتت غير مقبولة من كل اللبنانيين لذلك يجب إنهاء هذا الموضوع من خلال التطبيق الكامل للقرار 1559 والقرار 1680». وتابع «بالأمس تكلم الرئيس السنيورة في روما عن وقف إطلاق النار ولكن هناك أناس يريدون وقفاً لإطلاق النار وفيما بعد أن تتم المفاوضات والمباحثات، وهناك أناس يريدون وقف إطلاق النار إضافة إلى سلة من الحلول قبله. نحن نقول بوجوب تزامن وقف إطلاق النار مع التطبيق الكامل للـ1559 و1680 ولاتفاق الطائف الذي يتطابق مع الـ1559 باستثناء بند رئاسة الجمهورية. («الأنوار»، 28 تموز 2006).
2 ـــــ التسوية النهائية مع إسرائيل: بدا من خلال بعض المواقف القليلة الصادرة عن قيادات في 14 آذار أن ثمة قطبة مخفية يعرفها فقط المطلعون على أسرار ما حدث ممن شاركوا في طبخة الحرب على المقاومة، وأن في الأمر علاقة ما في توفير مناخات مؤاتية لتحقيق مشروع التسوية، بل تضمنت بعض التصريحات ما يشير إلى مدى استعجال تحقيق لبنان التسوية مع إسرائيل وفصل المسارات العربية بعضها عن بعض. ويأتي في هذا السياق تصريح النائب وليد جنبلاط إلى التلفزيون المصري في 18 تموز 2006 عن إمكان الوصول إلى تسوية بأنه «لا نستطيع أن نربط نزاعاً بين لبنان وفلسطين إلى الأبد، بل لا بد من الاهتمام بموضوع فلسطين برأيي عبر العودة إلى مبادرة الملك عبد الله الأرض مقابل السلام» («المستقبل»، 19 تموز 2006)، وأيضاً حديث جنبلاط مع «الشراع» في 31 تموز 2006 بأنّه «إذا ربطنا مصيرنا بقضية فلسطين، فأعتقد أنّ لبنان دفع منذ عام 1969 ثمن ربط القضية اللبنانية بفلسطين».

الحلّ الشامل

رابعاً، مفهوم الحل الشامل: بدا واضحاً أن الحل الشامل وفقاً لبرنامج مسبق عمل فريق السلطة قد ارتكز على الحيثيات التالية:
1 ـــــ التشكيك في خيار المقاومة: وذلك عبر تسويق فكرة سقوط «استراتيجية حزب الله الدفاعية» (سمير جعجع. «المستقبل»، 19 تموز 2006) وعدم «تحقّق توازن الرعب مع إسرائيل» (سمير جعجع، تلفزيون «lbc»، «الأخبار»، 19 آب 2006)، وبالتالي، فإن «رد العدوان يجب أن يتم بالوسائل السياسية لأننا لا نملك القوة التي تسمح لنا بدحر العدو» (مروان حمادة، صوت لبنان في 23 تموز. أنظر المستقبل، 24 تموز 2006). وقد كشف الوزير أحمد فتفت أنه كان ثمة تسابق بين الخيار العسكري الذي أشار إليه السيد حسن نصر الله «وبين قناعتنا أننا كحكومة غير قادرين على الخيار العسكري وكنا في سباق مع هذا الخيار» (مقابلة مع النجوى، 24 تموز 2006).
2 ـــــ نشر قوات أطلسية متعددة الجنسيات: عبر الجهر بتأييد فكرة إرسال قوات تدخل دولية تحت إشراف شمالي الأطلسي، مماثلة لما هو قائم في دول عديدة، كما في «كوسوفو، بغض النظر عن الظروف والزمان والمكان!» (حديث سمير جعجع للمؤسسة اللبنانية للإرسال في 18 تموز. «المستقبل»،19تموز 2006). وتأكيد أن فكرة طلب نشر هذه القوات في الجنوب «جدية ومطروحة في العديد من العواصم العربية والدولية»، (سمير جعجع، قناة «بي بي سي» العربية. «النهار»،25 تموز 2006). علماً بأنه «كما هو مقترح ستكون هذه القوة من حيث نوعيتها وحجمها قوة مقاتلة وليست قوة مراقبة وتسجيل خروق كما هي القوة الدولية الحالية» (سمير جعجع لوكالة الصحافة الفرنسية في 29 تموز 2006. «النهار»، 30 تموز 2006). ويبدو أن بعض فريق السلطة لم يستطع إخفاء ما أخفاه فريقه حول طبيعة مهمات القوات المتعددة كما في حديث الوزير جان أوغاسبيان من تيار المستقبل من «أن مجلس الأمن يبقى الطرف الوحيد المخوّل تحديد مهمة مثل هذه القوة وستشمل مسؤولياته: الحؤول دون تجدد الأعمال العدائية والحفاظ على وقف إطلاق النار؛ تجريد حزب الله وغيره من الجماعات الأخرى من السلاح ووضع حد لجميع الأعمال الهجومية؛ تهيئة بيئة آمنة في إطارها يمكن المهجرين والمشردين أن يعودوا إلى ديارهم بأمان؛ الحفاظ على السلام والأمن في المنطقة؛ مراقبة الحدود» (الحوادث، 4 آب 2006).
3 ـــــ نزع سلاح المقاومة: فقبل أيام قليلة من وقف العدوان وفي اللحظة التي أعلن فيها وقف الأعمال الحربية، كثر الحديث عن سلاح المقاومة. ففي العاشر من آب نشرت صحيفة الشرق الأوسط مقابلة مع الرئيس السنيورة وفي معرض رده عن سؤال حول حديث رئيس الجمهورية عن أن حزب الله لن يلقي سلاحه قبل السلام العادل والشامل والدائم في منطقة الشرق الأوسط، علّق السنيورة ساخراً «السلام الشامل والعادل على الكرة الأرضية»... وعند تأكيد المراسل «في منطقة الشرق الأوسط»، قال السنيورة «نستطيع إضافة المزيد من الشروط أيضاً، لكن ما أقوله هو قرار صادر عن مجلس الوزراء وهذه القرارات وحدها تلزم الحكومة اللبنانية وليس هناك أي تصريح آخر له الدلالة والمعنى».
وخرجت الوزيرة نائلة معوض عشية الاتفاق على وقف الأعمال الحربية في 13 آب لتفصح عن مدى الامتعاض الذي ينتاب هذا الفريق من رفض حزب الله مناقشة موضوع سلاح المقاومة على طاولة مجلس الوزراء («النهار»، 14 آب 2006). وتم تأجيل جلسة الحكومة إلى 16 آب حيث جرى التأكيد من جانب وزير الإعلام على تجاوز موضوع نزع سلاح المقاومة، وذكر أن الوزير جو سركيس سجّل تحفّظاً على القرار مطالباً بأن تشمل مهمة الجيش دهم المنازل ومصادرة السلاح وتوقيف أصحابه وإعلان المنطقة منطقة عسكرية، فيما رأى الوزير بيار الجميل أن القرار غير واضح» («السفير»، 17 آب 2006).
4 ـــــ هاجس النصر: أحدث النصر الذي حققته المقاومة هزة قوية وهاجساً أخذ يراود فريق السلطة في تماه واضح مع الموقف الأميركي بأن حزب الله «هزم في لبنان» (جورج بوش. «المستقبل»، 15 آب 2006). حتى إن النائب جنبلاط لم يتردد في الإفصاح عما ينتابه من خوف جراء هذا النصر، فقال إن «انتصار حزب الله على حساب الدولة ويكون بذلك السيد حسن يودي بنا إلى المجهول» (الشراع، 31 تموز 2006). كما أن الوزير مروان حمادة لم يتحمل فكرة النصر، فقال «لا نستطيع القول إن هناك انتصاراً» (إذاعة صوت لبنان. «اللواء»، 14 آب 2006). ورغم اعتراف سمير جعجع بأن مقاتلي حزب الله أبلوا بلاءً حسناً في القتال ضد إسرائيل، رأى أن «الأداء التكتيكي في بعض القرى لا يعني أننا ربحنا المعركة نظراً للخسائر الفادحة التي تكبدها لبنان بشرياً ومادياً» («الأخبار»، 19 آب 2006). حتى إن الرئيس أمين الجميل رأى أن لبنان كان الخاسر الأكبر في هذه الحرب التي خلّفت الكثير من الخراب والدمار والمعاناة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي» («الأنوار»، 20 آب 2006)
5 ـــــ رفض الإعمار: كان واضحاً موقف فريق السلطة من إعادة إعمار ما تهدم في عدوان تموز، لكن القلة القليلة من هؤلاء أعربت عن رفضها بشكل واضح وصريح لإعادة الإعمار للضغط على النازحين وحزب الله. لكن ذلك لم يمنع سمير جعجع من الإفصاح عن موقف كهذا من رفضه «إعادة الإعمار قبل أن تتضح الأمور الملتبسة» (تلفزيون «lbc» في 16 آب. «الأخبار»، 19 آب 2006).
* باحث لبناني