هشام جابر
أعلنت وزارة الاتصالات بثوب مؤسسة أوجيرو أنها «خدمةً للمواطن» جعلت فاتورة الهاتف شهرية بدلاً من فصلية. وعلمنا بأن الفاتورة تدفع خلال أيام معدودة من كل شهر لا قبل ولا بعد، ومن لا يتسنى له الحضور في هذين اليومين يقطع خطه من دون إنذار مع التشهير به بواسطة الخط المقطوع طبعاً. وتستوفي المؤسسة 11,00 ل.ل. رسم إعادة وصل الخط، وبما أنها تستوفي طابعاً مالياً ألف ليرة عن كل فاتورة فإنها تختلس 12,000 ل.ل. كل شهر عن كل خط وذلك «خدمة للمواطن». وبما أن في لبنان أكثر من مليون خط ثابت، وبما أن نصفهم لا يتسنى لهم الدفع، فكم من مليارات الليرات تستوفي «أوجيرو» شهرياً. وبما أنه «إذا بليتم بالمعاصي فاستتروا»، إلا أن السيد يوسف رئيس أوجيرو يطل على الناس بمؤتمر صحافي ليخبرهم أنه يخدمهم.
أما قضية السير فهي شغل المواطن اليومي ومعاناته، فشرطي السير المسكين عبقري بلا ريب، فقد جاء من يضعه على قارعة الطريق وقال له تصرف من دون إرشاد أو توجيه أو دورة تدريبية، فإذا به «ينعجق» ويعجق السير بدلاً من تسهيله. أما الذي وضع إشارات السير وأقفل طرقات من دون فتح غيرها فهو في قمة العبقرية.
ولا يكفي إقفال الطرقات للأشغال في وضح النهار فتأتي شركة «سوكلين» لتبدأ أعمالها في التاسعة صباحاً بينما مثيلاتها في العالم تستيقظ فجراً.
في العراق وتحديداً في بغداد يوجد مربع أمني يسمى «المنطقة الخضراء». أما في بيروت فهناك عشرات المربعات الأمنية التي تقفل أحياء بكاملها، ومن يعترض أو يتأفف فهو مشارك سلفاً في أي محاولة للاعتداء على صحاب المربع، وعليه الاستعداد للإدلاء بإفادته أمام المحقق الدولي.
أما «شعب لبنان العظيم» يرى ما يرى، يرى الإدارة تسرقه بالكهرباء والماء والهاتف والدواء... وخلافه. ويرى التاجر الفاجر يأكل ماله في كل سوبرماركت، ويرى كل شيء مخالفاً للمنطق والقانون، فإذا بعبقريته تتفق على قرار واحد هو الاستهانة بكل شيء والسير على هواه.