قاسم قاسم
اليوم سوف نطفئ شمعة عيد ميلاد مولودنا الذي سمّيناه «المعارضة»... هذا الفتى الذي بلغ عامه الأول في بلد منقسم بين أبنائه، وأبناؤه منقسمون في ما بينهم عليه. وُلد هذا الفتى في ساحتين، وتم تبنيه وتربيته في ساحتين. أبى هذا الولد إلا أن يدخل التاريخ من بابه العريض، ومن ساحته التاريخية. في شهوره الأولى، كان يلعب ويلهو، وكان هناك العديد من المتحمسين لولادته، وكانوا يسهرون الليالي على حمايته وتربيته ومشاهدته يكبر وينمو. وشهد هذا الطفل خلال عامه الأول العديد من النقاط المفصلية التي كانت ستؤدي إلى إجهاضه أو إلى موته.

لكن حكمة من كانوا يرعونه حالت دون ذلك. في عامه الأول، بعد أن نطفئ شمعته الأولى، سنرى أنّ طفلنا هذا قد سبقه طفل آخر ولد في الساحة نفسها وكبر فيها وعمره أكبر من عمر مولودنا بعامين، وقد سماه أولياء أموره حينها ثورة الأرز.
كبر الطفلان وأخذا يلهوان في بادئ الأمر كأي طفل عادي يحب أن يلهو ويدمر ويكسر وينال التأنيب من أهله. كبر الطفلان وأخذت أحلامهما تكبر معهما، وبدأت أيضاً ألعابهما تصبح «سئيلة»، فإنهما يلهوان بالبلد ويلعبان بمصير أهله وأبنائه. فالأول متسلط يحب أن يأخذ كل شيء، وهذه حال الأطفال، والثاني عنيد لا يريد أن يتنازل عن لعبته ويريد أن يسرق لعبة غيره. سوف تقتصر الحفلة على كلمة والد المعارضة، ولا أدري من يكون، وهو قد كثر آباؤه، وسوف نردد شعارين أو ثلاثة ونعود إلى منازلنا بعدما نكون قد «غيّرنا جو». عيد ميلاد مولودنا هذا سوف يكون في مكان الولادة، وسوف نزعج الجيران من سكان القصور. وهذا الجار الذي يعاني نقصاً حاداً في البصر والبصيرة، ويعاني عمى ألوان بعدما «تشربكت» عليه الألوان من أصفر أخضر ليموني... وسوف ينظر ليرى أن هناك مليوناً ونصفاً قد أتوا، وهو لا يعيرهم أي اهتمام، أو أنه لا يراهم. في كل الأحوال فإن هذه الحفلة ستكون في وضع سيئ، وقد يزيد سوءاً لأن هذا الجار جار على كل شيء وأخذ بطريقه كل شيء و«أش الأخضر واليابس». ولا يزال ولدنا يحلم بأن يغير جاره، لكنني للأسف مللت هذه الألاعيب الصبيانية بين الولدين، بين المعارضة وثورة الأرز، لأنني لا أرى إلا الخراب الذي يأتي من خلف الأولاد، وأخاف أن يأتي يوم يدمرون كل شيء ونجلس نحن لكي نرمم من ورائهم.
يا ولدي العزيز، يا أيها المعارض، لقد مللت منك، فهذا جارك الذي يأكل السنيورة أخذ كل شيء، وأنت من كنت تهدد ولم أرَ أنك فعلت شيئاً. أرجوك ارحل عني أنت وصديقك اللذان تبدوان أنكما متناحرين فيما بينكما، لكنني اكتشفت أنكما متأمران عليّ أنا.