روز زيــاده
عالم اليوم تشوبه مرّة العصبيّة المفرطة، ومرة أُخرى اليأس المبالغ فيه. إنّما الإنسان السويّ الذي لا يتأخّر في استعادة هدوئه، وإيمانه ورجائه بحياة هانئة، ويستعرض ما مرّ به من حدة الكلام، والتلفظ بالجارح منه.
يتذكر اهتزاز يديه، وانتفاخ صدغيه. بعض هذا الكلام يندم على قوله. وبعض الحركات تدعوه إلى الضحك. يوماً بعد يوم يستعيد هذه اللحظة من الغضب المتهوّر مع من كان على خلاف معه، ويضحكان معاً، ويتواعدان على عدم إعادة هكذا عاصفة من فقدان الرشد.
لكن نحن، الشعب اللبناني، لم يلمس أحد منا عودة المتخاصمَين في موقع القرار إلى رشدهما، ولم يحاسبا نفسيهما على حدة، ولم يستعرضا المشين من أعمالهما تجاه أبناء الوطن. المتخاصمان نسيا تماماً ما سبّبا للناس من قهر، من مذلّة، من يتم، من موت بنيران أسلحتهما.
لغاية الآن، يبدو لنا أنهما سيعيدان الكرة، ويُتعسا من بقي على قيد الحياة، ويذلّانه من جديد. «ضيعان» السنوات التي لم يعمدا فيها إلى مراجعة أفعالهما، ولم يعودا إلى رشدهما. يبدو أنه لا رشد يحكم حياتهما، وقد ابتُلينا بجنون حقدهما. رأفتك يا رب السموات، أبعد عنّا نيّات هؤلاء، واحرس أيامنا، وهبنا من عندك كرم الحياة.