روز زيــادة
عندما تجتاح نفس أنسانٍ قشعريرةُ النسيان، يقسو، يحقد، تتعارك في ذهنه خواطر بشعة. فينزوي. وعندما يمشي في زحمة الناس، يحلو له أن يضرب الكل، ويصرخ بوجه الكل، ويجدف على الحظ الذي عبس له وضحك للكل. لكن لا فائدة ترجى. فيبتعد الآخرون عنه أكثر، وينعتونه بالكثير من الحقارات.
ضمر قلبه بين ضلوعه واختنقت أنفاسه في بلعومه، ووقفت على أطراف أهدابه دمعة حزنٍ. جلس وحيداً، يراجع ذاته. ونقر نقراً خفيفاً ليوقظ ضميره ومعه ذاكرته. تقوقعوا جميعاً في زاوية من أسفل المخيخ وبدأوا بجردة أعمال هذا الإنسان التي أوصلته إلى ما هو فيه.
اعتمدوا الوزنات مقياساً. أول طرح كان لماذا خلق هذا الإنسان؟ وأين؟ وماذا تعلم؟ مجتمعه علّمه الصدق والتفاني. نكران الذات بالعطاء. الإخلاص والصلاة، الصلاة والمثابرة عليها.
الحلقة المنعقدة في ذاك الرأس، ثبت لها خلل في الوزنات المطلوبة، وهذا الخلل ناتج من العطاء الكلي، حتى النفاد. هذا الإنسان لم يبق لنفسه شيئاً ليحارب به هذه الأيام، وهذا النسيان، وهذه اللامبالاة. إذاً ليس باستطاعته أن يقابل نكراناً بنكران.
فانتبه يا بني، ولا تفرغ ذاتك من ذاتها. كي لا تدركك قشعريرة النسيان