رامي خريس
هناك قدر من الاستخفاف الكبير الذي تبديه القيادة الفلسطينية إزاء ضمائر ومشاعر ومصير الفلسطينيين القابعين في سجن «الدولة الفلسطينية» المرتقبة عندما تقوم بتسمية وفد مفاوض يستحضر في تشكيلته «الماضي المر» للمفاوضات الفلسطينية ـــــ الإسرائيلية عشيّة توقيع اتفاق أوسلو.
يعرف سكّان الضفّة الغربية وغزّة، أولئك الذين عايشوا الآثار الكارثية الدائمة لاتفاق السلام، حجم التهاون الذي سيبديه وفد فلسطيني مفاوض يقف على رأسه السيد أحمد قريع الذي قاد بنفسه المفاوضات السريّة التي أفضت إلى توقيع اتفاق أوسلو. أمّا المزارعون وأصحاب الحرف والتجّار فهم مدينون باللوم والانتقاد الدائمين لطاقم المفاوضات الفلسطيني الذي وقّع «بروتوكول باريس الاقتصادي» الذي أعاد صياغة العلاقات الاستعمارية القائمة بين الاقتصادين الفلسطيني والإسرائيلي بفعل سياسات الاحتلال المستمرة منذ الاحتلال الثاني عام 1967.
إنّ السادة أعضاء وفود المفاوضات الكثيرة اختاروا دوماً الابتعاد عن الجماهير، لذلك لم يُتح للجماهير خلال فترات طويلة التعرّف على مناقب وصفات المفاوضين. الناس ينتقدون السيد قريع ومن معه لأن الأخيرين ينتمون إلى منظومة تختلف سياسياً عنهم، منظومة تفتقد للإرادة السياسية والمعرفة الشاملة بالواقع وتتبجح في الوقت ذاته بقدرتها على انتزاع الكثير بفضل قدرتها على تحليل المتغيرات!
في مقابلة على الفضائية الفلسطينية، قال الدكتور صائب عريقات، إنّ دائرة المفاوضات التابعة لمنظمة التحرير تمتلك اليوم وحدة متطوّرة سميت «وحدة دعم المفاوضات»، وظيفتها، فقط، رفد الطواقم المفاوضة في أي حل سياسي مستقبلي بالكفاءات والخبرات والمعلومات في مجالات الاقتصاد والأمن والمياه والبيئة لضمان بناء موقف فلسطيني متّسق مع ذاته إزاء مختلف القضايا التي يتمّ التفاوض عليها.
عندما تجرى مفاوضات حقيقية وجديّة ـــــ وهذا متعذّر الآن بفعل موازين القوى الحالية وما يجري الحديث عنه هو تصفية لا مفاوضات ـــــ أنصح السيد عريقات ـــــ إن بقي كبير المفاوضين، أن يصطحب معه بسطاء الفلسطينيين ممّن يعرفون حواجز الضفّة الغربية وكذلك المزارعين لأنه ليست المعرفة النظرية فقط هي المهمّة، بل هناك ضرورة أيضاً لمعايشة الوقائع على الأرض، وهؤلاء هم الأقدر في التعبير عن احتياجاتهم بدقّة.