نادر فوز
حرب تمّوز بأقلام «مثقّفين» لبنانيّين وفرنسيّين


لا تزال الحرب الإسرائيليّة الأخيرة على لبنان، محطّ اهتمام «المثقّفين»، رغم تطوّر الأحداث في لبنان والمنطقة كلّها. يطمح كلّ من الباحثَين الفرنسيَّين فرانك ميرميه وإليزابيت بيكار، من خلال «ثلاثة وثلاثون يوماً من الحرب في لبنان»، إلى تقديم رؤية متعدّدة الأوجه والمجالات حول حرب تموز ونتائجها، وذلك عبر نشر 27 مقالاً لـ31 كاتباً وباحثاً من لبنان وفرنسا. وتناول كل من هؤلاء «المثقّفين»، بحسب متابعته أو ملاحظاته، مواضيع قسّمها ميرميه وبيكار على أربعة أبواب. ويعرض الكتاب كل هذه القضايا بإحاطة بانوراميّة لتاريخ لبنان الحديث وعلاقاته بمحيطه والأزمات المتلاحقة في الشرق الأوسط، كما يقدّم عملاً إحصائياً ـــ أرشيفياً يتناول الخسائر اللبنانيّة، البشريّة والاقتصاديّة، مبنيّاً على دراسات أجرتها منظّمات حكومية وغير حكومية. وفي الصفحات الأخيرة، يعرض الكتاب، بعنوان «الأحداث التاريخية»، لمحة عن الأحداث السياسية والأمنية التي حصلت في لبنان ما بين 5 آذار 2000، و5 أيلول 2006.
يمكن من خلال قراءة «ثلاثة وثلاثون يوماً من الحرب في لبنان»، الحديث عن عدة عناوين أساسية تناولها هذا الكتاب، أوّلها مسألة حزب الله، من حين تأسيسه في الحرب الأهليّة لحين احتلاله الموقع الأهمّ على الساحة المحلية والإقليميّة. ويعلّق عدد من المشاركين على بعض الملاحظات في ما يخص «الحزب»، منها ارتباطه خارجيّاً أو إشارة منى حرب إلى إحكام حزب الله على بعض المناطق. ورأت بيكار في عنوان «حزب الله، ميليشيا إسلامية وفاعل جماعي براغماتي»، أنه يجب التمييز بين صفتي حزب الله الدولية واللبنانية. وتعتبر بيكار أنّ حزب الله استطاع المحافظة على بعديه الوطني والعابر للوطن، مشيرةً إلى ارتباطه الوثيق بسوريا وإيران (ما فصّله أوليفييه روا)، فاعترفت بصعوبة إثبات تعريف هذه المنظّمة. فوصفته بـ«ميليشيا ما بعد الحداثة» التي استطاعت الوصل بين تصوّر الحزب كميليشيا للصراع العسكري بشكل «حديث» من جهة، وبين إحضاره كحزب «حديث» أيضاً للحالة الدينية التي تُعدّ قاعدته الأساسية للتعبئة.
ويكتب عباس بيضون في «المثقفون الشيعة، شهادة من الداخل»، عن تاريخ مثقّفي الطائفة الشيعيّة الذين خرجوا عن الانتماء الشيعي ليجدوا أنفسهم غرباء منبوذين، حتى بعد تشكّل الشيعة كطائفة مع بروز حركة الإمام موسى الصدر. فوجد معظمهم أنهم أقرب إلى اليسار، إلى أن عادوا وقدّموا النقد أو تنحّوا جانباً خلال الحرب الأهلية. الفكرة الأساسية التي يريد بيضون إيصالها للقارئ، تكمن في أنّ المثقفين الشيعة، الذين يميّزهم عن المتعلّمين وأصحاب الشهادات المنتمين لقوى الطائفة الشيعية، يشكّلون «إنتليجنسيا» مهمَّشة لا تلاقي الصدى الاجتماعي اللازم.
في شقّ آخر، يجري الكتاب إحاطة دولية لحرب تموز. لكن قبل ذلك، يجب التوقّف عند بعض التحليلات التي عرضها عدد من الكتّاب، منها أنّ الحرب استكمال لتاريخ الصراع اللبناني ـــ الإسرائيلي، وتصفية للحسابات بين الدولة العبرية وحزب الله، والنزاع على الموارد المائية والأراضي الخصبة جنوب لبنان، وغيرها من القضايا «الثنائية» الأخرى.
وعلى صعيد تدويل قضية لبنان، يشير جوزيف بحّوط إلى أنّ العدوان الإسرائيلي جاء ليكمل تطبيق نقاط القرار 1559، لافتاً إلى دور كل من فرنسا والولايات المتحدة في تدويل القضية اللبنانية (فيليب دروز ـ فانسان)، على الرغم من اختلاف جذرية آراء هاتين الدولتين إلى حين اتّفاقهما على القرار 1701. ومن هؤلاء الباحثين مَن تحدّث عن المشروع الأميركي في الشرق الأوسط، وكان الباحثان المشرفان على الكتاب أشارا في المقدمة إلى أنّ حرب تموز «معدّة منذ سنوات». كما يتحدّث كريستوف أياد وكارواين دوناتي عن مواقف الحكومات العربية، ما عدا سوريا، التي استنكرت «مغامرة» «الوعد الصادق» فيما رفعت شعوبها صور السيّد نصر الله لاعتبارها أنه بطل قومي حقّق الانتصار على إسرائيل.
* من أسرة الأخبار



العنوان الأصلي
ثلاثة وثلاثون يوماً
من الحرب على لبنان

الكاتب:
مجموعة من الكتّاب
الناشر
المكتبة الشرقية