وسام الحاج
بين الدفاع والاتّهام إجماع على دور الخارج في السياسات الداخليّة


صدرت عن «معهد الدراسات العامة» في رام الله سلسلة كتيّبات «أوراق تقويم أداء»، يستعرض فيها الباحثون أداء حركة «حماس» في السلطة من خلال عناوين رئيسية اقتصادية وسياسية وإدارية وتشريعية.
ورقة تقويم الأداء الاقتصادي، قدّمها الوزير السابق والكاتب أحمد مجدلاني، وتقع في 66 صفحة. وهي ورقة نقدية تناقش الأداء الاقتصادي في العام الأوّل للحكومة الفلسطينية العاشرة، أي الحكومة الأولى لرئيس الحكومة المُقالة إسماعيل هنية، وضمّت في صفوفها وزراء عن حركة «حماس» فقط. يقول مجدلاني إنّ «الهدف من صياغة هذا التقرير وتقديمه هو تقديم صورة دقيقة عن المتغيّرات الرئيسيّة التي طرأت على أداء الاقتصاد الفلسطيني واتجاهاته الرئيسية». و استناداً إلى ملخّصه، يركّز التقرير على العلاقة بالعالم الخارجي، «لكونه اقتصاداً تموَّل موازنته بأكثر من النصف من المساعدات الخارجية». وفي هذا السياق ينتقد مجدلاني في الفصل الأول من تقريره أداء «حماس» مستعرضاً الفلسفة الاقتصادية لكتلتها البرلمانية، مؤكّداً على كونها لا تحمل أي رؤية تنموية حقيقية. وتتناول الفصول التالية في الورقة المؤشرات العامّة للأداء الاقتصادي، والأداء القطاعي للاقتصاد الفلسطيني، وفي الفصل الرابع يتعرّض للقوى العاملة وزيادة مستوى البطالة وتدنّي مستوى الأجور. بينما يستعرض الأداء المالي للسلطة والجهاز المصرفي في الفصلين الخامس والسادس. ويبحث الفصل السابع في تأثير الحصار المفروض على الحكومة على المساعدات، ويركّز الفصل الثامن على التجارة الخارجية والاستثمارات. ويطرح في الفصلين التاليين أولويّات الخروج من الأزمة على مستوى الاقتصاد الكلّي والبيئة الاستثمارية، ومن جهة أخرى، القطاعات المختلفة كالصناعة والزراعة.
تأتي ورقة تقويم الأداء السياسي في 23 صفحة، قدّمها د.سمير عوض أستاذ العلاقات الدولية، رئيس دائرة العلوم السياسية في جامعة بيرزيت. وعلى خلاف رأي مجدلاني، يرىعوض أنّ حكومة «حماس» «قدّمت برنامجاً سياسياً طموحاً يقوم على تحسين الظروف في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية». إلا أنّ الفلتان الأمني، والحصار المفروض على الحكومة والعراقيل التي وُضعَت في وجهها منذ اللحظة الأولى، وقفت في وجه هذا البرنامج. ويقول أيضاً إنه في مواجهة ذلك، تبنّت الحكومة توجّهاً يقوم على تقسيم علاقاتها السياسية إلى ثلاث دوائر: الدائرة الفلسطينية، الدائرة العربية، الدائرة الإسلامية، وإنّها نأت بنفسها عن الإرث السياسي لمنظّمة التحرير وارتباطاتها الدولية. إلا أنّه يتساءل عن «جدوى الاعتماد على حلفاء نظريّين (عربيّاً) للحكومة الفلسطينية، فيما غالبيتهم يساهمون فعلياً في الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني». ثمّ يستعرض الكاتب تحليلاً للنظام السياسي الفلسطيني متناولاً العلاقات والأجواء التي مرّ بها خلال السنوات الأخيرة. وبعد ذلك يتناول الجدل حول كتاب تكليف الحكومة من جانب الرئيس والبيان الحكومي وما استتبعه من ردود فعل على الأصعدة الداخلية والإسرائيلية والدولية. وفي السياق، يتناول الكاتب بروز التضارب الجذري في الخطاب السياسي الفلسطيني، وخصوصاً داخليّاً، حيث لم تقرّ «حماس» بشرعيّة منظّمة التحرير الفلسطينية.
قوّم الأداء الإداري للحكومة العاشرة المحامي محمود دودين (معهد الحقوق ـــــ جامعة بيرزيت). الدراسة التي نُشرَت في 56 صفحة، جاءت في مبحثين، عالج الأوّل موضوع البرنامج الوزاري وعمل الحكومات بشكل عام، حيث استعرض فيها الباحث نموذجين عن عمل الحكومات السابقة (السادسة والتاسعة) بهدف المقارنة بينهما وبين الحكومة العاشرة، التي خصّص دودين المبحث الثاني لدراسة طريقة تنفيذها لبنود برنامجها المستند إلى البرنامج الانتخابي لكتلة «التغيير والإصلاح» المشكّلة للحكومة.
يشير الباحث إلى أنّ القضايا الإدارية كانت في المرتبة الرابعة من حيث الأولوية في برنامج كتلة «حماس» الانتخابي، حيث ركّز البرنامج على مسائل هامّة كالفساد والترهّل الإداري وتنمية القوى البشرية وغيرها. ونوّه بأنّ البرنامج الحكومي سعى إلى أن يحمل «بعداً اجتماعياً، وثقافة مجتمعيّة تؤسّس لمفهوم جديد». إلا أنّه في تناوله لكيفية تعاطي الحكومة على الأرض مع القضايا الإدارية، أشار إلى أوجه قصور عدّة، على رأسها غياب الوضوح في العلاقة بين مؤسّستي رئاسة السلطة ورئاسة الوزراء، التي يرى الباحث أنّها بقيت «تعيش حالة من المدّ والجزر في غياب كبير للتعاون والتنسيق»، وتمّ توظيف هذا الوضع في الصراع بين رأسي السلطة. ويلخص دودين في نهاية الورقة استنتاجاته التي تنتقد بمجملها أداء الحكومة على محاور أساسية في عملها، يبقى الجامع بينها عامل غياب التخطيط، والقرارات العشوائية في الكثير من القضايا.
أداء المجلس التشريعي الثاني (الحالي) الذي فازت «حماس» بغالبيّة مقاعده بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة، يقوّمه نقيب المحامين الفلسطينيّين، المحامي علي مهنّا. وقد قسّم ورقته إلى مبحثين رئيسيّين، يتناول أوّلهما «الأهداف العامّة للمجلس التشريعي» مستعرضاً مكوّنات السلطة وطبيعة النظام الفلسطيني، والنظام الدستوري والقانوني للانتخابات، والعلاقات بين السلطات، ودور المجلس على مختلف المجالات الرقابية والسياسية والإدارية ...
تناول المبحث الثاني العقبات التي واجهت المجلس الحالي ونقاط الإنجاز أو الإخفاق في أدائه. وبدأ الأستاذ مهنا هذا المبحث بقوله إنّ «أداء المجلس خلال الفترة المنصرمة من ولايته لم يكن بالمستوى المطلوب قانونياً ووطنياً». ويوضح بعد ذلك المعوقات التي حالت دون تحقيق المجلس أهدافه، واضعاً سياسات الاحتلال على رأس هذه المعوقات، مستشهداً بإعاقة الاحتلال لتنقّل أعضاء المجلس، أو اختطافه للعشرات من أعضائه بمن فيهم رئيسه الأوّل عزيز دويك، والحصار المفروض على الشعب والسلطة الفلسطينيّين منذ الانتخابات الفلسطينية، وانعكاسات ذلك على الساحة الداخلية مثل إضراب الموظّفين العموميّين الذي شلّ حركة المجلس تماماً. كما لم يستثنِ الباحث العوامل الذاتية لعجز المجلس كالمناكفة السياسية بين الكتلتين الأكبر، وتبعيّة المجلس شبه الميكانيكية للحكومة، والعجز عن إصدار وتصديق القوانين، وعدم فاعلية لجانه الفرعية...
من الجدير بالذكر أنّ المعهد يرأس مجلس إدارته الدبلوماسي المعروف وسفير فلسطين السابق لدى الأمم المتحدة ناصر القدوة، ويضمّ أسماء لامعة منها كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات.
• بالإمكان تحميل النسخة الإلكترونية من الكتيبات المذكورة عبر موقع المعهد الإلكتروني www.ipp-pal.org
* صحافي فلسطيني



العنوان الأصلي
الأداء السياسي للحكومة الفلسطينية العاشرة
الكاتب:
سمير عوض
الناشر
معهد السياسات العامة