فيصل فرحات
في «علم جغرافية الفكر»، (يتكوّن الفكر ويتطور ويتمايز في بيئة طبيعية جغرافية تكون إما حارة أو متوسطة، أو باردة) أرى أن لبنان «على علّاته» هو محور الكون. هو بلد صغير في جغرافيته، لكنه كبير في كونية وجوده، وكونيته قامت وتقوم على وجود المسيحيين أحراراً فيه، وذلك لكونهم يستطيعون أن يلعبوا دور صلة الوصل ما بين الشرق والغرب، وأيضاً لكونهم مرحين في طبعهم. والمرح على ما هو معروف، سمة إنسانية صحية، تترك أثراً بالغاً في فن العيش والتمتع في الحياة.
اليوم، أشعر وأرى في الأفق المنظور، أن المسيحيين في لبنان هم في خطر، وقد يتعرضون إلى الأخطر من قبل بعض أبناء «ملّتهم»، بتغطية غير مباشرة، وقد تكون مباشرة، من بعض المسلمين الشيعة «الأقوياء»، وذلك تحت شعارات مثل: الصمود والتصدي للعملاء والخونة! وذلك استناداً إلى مرتكزات ووقائع من الحرب الأهلية ـــــ الدولية في لبنان، حين كانت الأحزاب المسيحية «اللبنانية» أدوات بيد عرب أميركا والعدو الصهيوني! وهنا لا بد من الإشارة والتذكير بأن وقائع وحقائق الحروب في لبنان، كانت وما زالت وربما ستبقى قيد الدرس والتدقيق من قبل أدمغة رأس المال (الصهيوني) التي تهدف إلى تهميش وتهجير المسيحيين من لبنان إلى كندا وأخواتها!!
وعليه... يعزّ عليّ القول، إن لبنان لا ينهض ولا يقوم إلا بوجود المسيحيين «اللبنانيين» أحراراً فيه، وهم بطبعهم يريدون أن يكون المسلمون (سنّة، وشيعة ودروز) أيضاً أحراراً، مثلما كانوا في فترات مشهودة في تعايش وطني، ومتسامحين (على خطى سيدنا المسيح عليه السلام) مع جميع اللاجئين العرب، ومنهم الفلسطينيون (غير المأجورين). ونحن اليوم بأمس الحاجة إلى ذاك التعايش الوطني ـــــ الإنساني. وخلاف ذلك، أي إن كان «المقدّر» من قبل أجهزة الدول الكبرى والمتوسطة (جغرافياً واقتصادياً وسياسياً) على السواء جعل لبنان لبنانات، ومحميّات عسكرية، ودويلات طائفية، إلخ... (لا سمح مجلس الأمن الدولي ولا هيئة الأمم المتحدة) عندئذ سوف أسمح لنفسي (ولشخصي الفقير) بشرب كؤوس من العرق اللبناني البلدي، متفرّجاً على «لبننة» العالم، وسوف لن أشعر بأي حرج ولا ندم، ولو كانت المازة والعشاء رغيف خبز أسمر مع علبة «سردين» و«كاسة» زيتون وحبتي بندورة و... بصلة. والسلام على من يقرأ ويتمعّن.