روز زيــاده
تجاوز اللبنانيّون سنّ المراهقة ولا يزالون وراء ضبابية الأحداث. كيف سيكون الغد؟ الحروب المتوالية والمتتالية، الأهلية منها والانتفاضات الحزبية والإسرائيلية، فضلاً عن الوضع الأمني الذي لا يحسدنا أحد عليه. الخوف من الغد، الخوف من السير في الطرقات. خاطف الأرواح يتربّص بنا في جميع المناطق، وعلى كل المفارق، وقرب كل المنظّمات والسفارات والمواقع الدولية.
هؤلاء اللبنانيون في قلب كلّ الناس، وهم خارج قلوب بعضهم. على ماذا يا ترى هم مختلفون؟ أفهم الخلاف المادّي بين الناس، لكن الخلاف على وطن؟ هذا غريب جداً. عندي رغبة في طرح سؤالي على من يديرون دفّة الخلاف. (عفواً، لا أستعمل عبارة حُكم، لانّنا بكينا الحُكم منذ سنوات بعيدة، وبكينا معه النفوس التي تُتقن الحكم العادل). إذاً أريد أن أسأل على ماذا أنتم مختلفون؟ نحن نطلب منكم برنامجاً لبنود خلافكم المميت.
مَنْ ماتَ في معركة نهر البارد غير أبناء لبنان ؟ غير الجيش والمسعفين ؟. مطلقو الشرارة هوايتهم لعبة الموت. لو لم يكن موجوداً خلاف المختلفين، لما كان حصل ما حصل.
قرأنا بالأمس أن هناك من تبرّعوا لإعادة بناء مخيم نهر البارد. هل هناك من يمكنه إعادة شاب من الشباب الذين استشهدوا إلى أمه، أو أولاده أو وطنه؟.
إلى جميع المختلفين، والمتخاصمين، والمقاطعين أقول: خافوا اللّه ولو لمرّة واحدة، واتركوا رحمته تنزل على هذا الشعب المسكين، وفكّروا، ولو لمرة واحدة أيضاً، أبعد من مصالحكم، ورغباتكم.
اتفقوا على ما فيه خير البلاد والعباد، واتركوا مجال استشراف المستقبل لأبنائنا الصغار الذين سُدّت آفاق غدهم بخبث خلافاتكم.