عادل السلمان
كل يوم كالذي سبقه، داكن ونهايته مليئة بعلامات الاستفهام. ضحك السياسيين الصامت يخرق الجو كالسكاكين، ويفرض كلامهم المبطن على عقلنا الذي هو أشبه بالورقة البيضاء التي تنتظر الحبر، وكما تنتظر الصحراء المياه العذبة. لكن كلامهم دجل وخداع خال من أي عذوبة وعفة، ومع هذا لا نستطيع الهرب من الواقع، لأنه يطوقنا مثل السجين بين قضبان الحديد المفترس. الثورة ممنوعة لأنها أشبه بالكفر، حلم التغيير هو كالمخدر الذي يعيد إلى الشعب صوابه المفقود مثل قارة أتلانتس الحاضرة الغائبة، وهذا ممنوع. الحرية ممنوعة كما هو الحب، يمنع لفظ أحرفه أو حتى التفكير في هذا الموضوع لأنه يحرر العبيد من أيدي جلادهم الذي وجد لحمايتهم. الجلاد الذي يروج بمحاولة بائسة لبضاعة فاسدة وضع عليها اسم الوطنية وهي صناعة خارجية. فالقيود الدينية المتشددة المفروضة علينا وعلى حياتنا وفكرنا، هي أشبه بفرض العبودية على الأحرار. أصبحنا نهاب الحرية كما تهاب النار المياه، ووضعنا الثورة بين ملفات النسيان، كما فعلنا بالذكريات المؤلمة والأفعال المخزية. نهاب الصباح وصعوبة المضي في يوم جديد مزروع بألغام الموت. فلماذا نبدأ بيوم جديد وهو مثل كل يوم مضى، هل لحبنا لهذه البلاد؟ لكن حبنا هذا أشبه بحلم الإنسان بالأبدية، البعيدة المنال. لقد عبثوا بهذا «الوطن» حتى نسينا كيف كان، نسينا الجنة التي كأنها كما يقولون. نركض في قفص دائري لا مخرج له. في نهاية اليوم، هل أقول هذا ما جناه أبي عليّ، وأنا جنيت على نفسي؟ كيف؟ لأني قبلت بالوضع. يسخرون مني عندما أتكلم عن الثورة والتغيير، مثلما سخروا من المسيح. فإذا صدقتُ كما فعل هو، فماذا سيفعلون؟ مثلما الحب يبدأ من نظرة، على الثورة أن تبدأ من نظرة حالمة أيضاً، ومن ثم تعريف ونظرة مستقبلية. الثورة كالعلاقة بين اثنين. الصدق والتضحية والتفاهم من أهم مكوناتها، القبلة هي أشبه بخطوة إلى الأمام، أشبه في تذوق طعم الفوز في معركة صغيرة. الذروة هي أشبه بالنجاح وفوز بحرب، وما أجمل الفوز بحرب! لكل شيء ثمنه، قد تدفع دمعة، عرقاً، أو حتى دماء من أجل النجاح، لكنك تحصد ما زرعته. وطعم هذه الفاكهة هو أشبه بطعم الجنة، وما يجعل هذا الطعم ألذّ هو أنك زرعته بيديك. الحب والثورة ممنوعان، مسجونان، مغتصبان. فأنا أحارب من أجل حريتهما، من أجل طعمهما، من أجل الشعور الدافئ الذي يولدانه، من أجل حب الثورة وثورة الحب.