محمد عبد الرسول (إعلامي)

هل من قبيل الصدفة أن يتوجّه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى طهران في ذكرى انتهاء الحرب العراقية الإيرانية؟ أم توقيت الزيارة جاء متعمّداً ليتوافق مع هذه الذكرى التي تجرّعت فيها إيران «كأس السم» بعدما قبل الإمام الخميني بقرار مجلس الأمن الدولي بوقف الحرب في الثامن من آب 1989.
أثار توقيت الزيارة غير علامة استفهام وتعجّب في آن واحد، وخصوصاً أنّ الشعب العراقي تكبّد مئات الآلاف من الشهداء والجرحى والمعوّقين في هذه الحرب التي طالت واستنزفت قدرات وطنه البشرية والاقتصادية والمالية، وحرمته تحقيق خطط التنمية التي كان ينوي الدفع بها نحو الحدود القصوى. ماذا سيقول المالكي لأسر الشهداء، الجرحى والمعوقين؟ لماذا عليه ان يتوجه في هذا التاريخ بالذات، بدلاً من أن يستقبل هو شخصياً نظيره الإيراني في بغداد، العاصمة المنصورة دائماً وبإذن الله؟
كان على المالكي ألا يستفزّ مشاعر شريحة واسعة من شعبه بزيارته هذه، احتراماً لذكرى من طاوله الأذى الإيراني مباشرة، وخصوصاً بعد الذي بدا من سلوك طهران المتواطئ ضمناً مع الولايات المتحدة الأميركية ضد المقاومة العراقية للاحتلال.
وإننا نسأل، بل ونلحّ في السؤال: هل يستطيع المالكي حمل إيران على الاضطلاع بدور أكثر إيجابية حيال الوضع العراقي؟ وهل يستطيع التملّص من إملاءات الدوائر المغلقة في طهران التي تقوم بتنفيذ «أجندتها» من خلاله، مستغلّة موقعه الرفيع في هرم السلطة؟
لا أحد يرفض أن يقوم رأس السلطة التنفيذية في دولته بزيارة دول الجوار من أجل تمتين الصلات وتوطيد أواصر الصداقة والأخوة وبناء منظومة من العلاقات المميزة، لكن التعامل مع طهران بذهنية التبعية لا يليق بالشعب العراقي وتضحياته وبطولاته دفاعاً عن وحدة وطنه وعروبته التي لا لبس فيها.
فالعراقيون، سنّةً وشيعةً، هم عرب أقحاح ولا يشركون في عروبتهم أحداً. وإنّ استحضار الخارج وحكم بلاد الرافدين وفق إملاءاته ودفتر مصالحه، هو أخطر من المجازر التي تضربها وأشدّ فتكاً.
عجيب أمر هذه الزيارة، وقديماً قيل «عش رجباً ترَ عجباً».