أسعد أبو خليل *
لم تكن تغطية الصحافة اللبنانية لأحداث نهر البارد بالمستوى المطلوب من صحافة لا تتورّع عن انتقاد الصحافة الغربية لالتصاقها بالحكومات، وخصوصاً بعد 11 أيلول. فالصحافة اللبنانية (والعربية بصورة عامة) ــــ تلك الرصينة منها ــــ كانت محقة في انتقادها الإعلام الأميركي الذي تقاعس عن أداء دوره، وخصوصاً لجهة الرقابة على أداء السلطة التنفيذية قبيل الحرب على العراق وبعدها. فـ«الواشنطن بوست» و«النيويورك تايمز» قدّمتا خدمات جلية للإدارة الاميركية عبر تهيئة الرأي العام للحرب، معتمدتين على تقارير باطلة ومزاعم مُواربة عن وجود أسلحة دمار شامل في العراق. قامت «النيويورك تايمز» على الأقل بنقد ذاتي طويل وأنهت (لأسباب أخرى وجيهة) عمل الصحافية جوديث ميلر التي رددت على صفحات «النيويورك تايمز» ادعاءات لأحمد الشلبي ومساعديه. أما «الواشنطن بوست» فهي على ثباتها في التهليل لعقيدة بوش، وهي متيّمة بصورة خاصة بـ«ثورة الأرز». والهيام بهذه الثورة سمة من سمات الهيام بالليكود الإسرائيلي في هذه البلاد. لكن لعل ذلك صدفة بريئة، أو «صائبت» كما تقول نظرية سياسية شائعة في لبنان.
وقد اختار الإعلام الأميركي، وعن وعي، الطريق الأسهل (تجارياً وسياسياً): طريق الوطنية ودغدغة المشاعر القومية الملتهبة بعد 11 أيلول. يفسر ذلك لحاق الإعلام الأميركي بقطار الإدارة الدعائي من ناحية تحضير الرأي العام لحروب بوش التي لا تنتهي، وكان آخرها حرب بوش ضد وئام وهاب لمنعه من زيارة معالم «ديزني» وملاهيها.
فالخطر على حرية الإعلام لا يأتي فقط من قمع الحكومات ذات القدرة الأكبر على فرض الرقابة والمعاقبة، بل يكمن الخطر أيضاً في سلطة الرأي العام ونفوذه وضغوطه. وتزداد قدرة الرأي العام على التأثير في عصر التنافس التجاري الحاد وهجرة قرّاء الصحف نحو شبكات التلفزيون. فشبكة «السي. إن. إن.»، مثلاً، توقفت عن عرض جثث مدنيين عراقيين أثناء الغزو الأميركي للعراق بسبب اعتراضات المشاهدين (والمشاهدات) الذين رأوا في تلك المشاهد دعماً لأعداء أميركا. واستطاعت الإدارة الأميركية أن تفرض ضوابط على التغطية الإعلامية بعد 11 أيلول من دون اللجوء الى القوة، إذ كانت تعلم أن الرأي العام ينحاز الى الإدارة ــ أية إدارة ــ في زمن الحرب. ويكمن التحدي الكبير للإعلام في الحفاظ على الاستقلالية ومعايير المهنية في زمن احتدام الحروب وعند اشتعال المشاعر الوطنية والقومية. (نستخدم عبارة «المهنيّة» هنا تجنّباً لعبارة «الموضوعية» المجترّة التي غالباً ما تُستعمل للتستّر على نوايا وأغراض سياسية للإعلام، وإن كانت العبارة تستعمل في الصحافة العربية وكأن هناك موضوعية مجردة أو «محضة» بلغة الفيلسوف كانت).
برز التحدي الكبير أمام الإعلام اللبناني منذ نشوء حرب نهر البارد. والإعلام منقسم ككل شيء في لبنان بين معارض وموال. فالإعلام الموالي التزم سردية الحكومة بأن التنسيق بين الأجهزة الأمنية كان كاملاً (على الرغم من تسريبات تثبت امتعاض الجيش من سوء تصرف قوات الأمن الداخلي التي تحولت الي ميليشيا خاصة بالسلالة الحاكمة)، وأن الحكومة السورية هي التي خلقت «فتح الإسلام» من عدم، وهي التي أرسلتهم الى لبنان (ونلاحظ أن الفريق الحاكم يشكك في كيفية هروب العبسي من سوريا من دون أن يشكك في كيفية هروبه من الأردن. لكن للتحالفات الخارجية أحكام) لزعزعة حكومة السنيورة المقدسة (على الأقل من وجهة النظر الأميركية المتوافقة مع «العروبيّ» الذي حظي على تربيت على الكتف من جورج بوش. وهل هناك أعز من تربيت جورج بوش بالنسبة إلى رجال الدولة من طراز حميد كرزاي وفؤاد السنيورة وأبو مازن؟).
واقتضت الرواية الرسمية الافتراض أن أي انشقاق تنظيمي يتبع دوماً للتنظيم الأمّ في ولاءاته الخارجية. وعليه، فإنّ «فتح الإسلام» تابع لسوريا لأنّ التنظيم المُنشقّ عنه تابع لسوريا. وبناء على هذا المنطق، فإنّ الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديموقراطية والقيادة العامة هي التنظيم نفسه، على الرغم من تعدد الأسماء، وذلك لأنّها انشقّت بعضها عن بعض. وقد أفتى بذلك رسمياً وزير الداخلية اللبناني، وهو في تصريحاته القليلة بادي النباهة والعمق التحليلي. أمّا الإعلام المعارض، بما فيه جريدة «الأخبار» ومحطة المنار، فألقى باللائمة كلياً على قوات الأمن الداخلي، واعتبر أنّ الجيش اللبناني، مهما قصف ودكّ المخيم المكتظ، مغلوب على أمره، وأنّه سيق إلى المواجهة عبر مخطّط محكم من قبل «جهاز المعلومات»، أي أن الإعلام المعارض، مثله مثل الإعلام الموالي، رفض وضع أية ضوابط على أعمال الجيش العسكرية، ما خلق مناخاً ساهم في وحشية القصف وغياب الحرص (الحقيقي لا اللفظي) على حياة المدنيين في المخيم.
أما الشعب اللبناني فبدا مبتهجاً بأداء جيشه. الشعب اللبناني بدا مزهوّاً في مشهد يذكّر بابتهاج الشعب الأميركي (بمعظمه) بمشاهد قصف أفغانستان. ولبنان، كمحاولة مصطنعة لإنشاء وطن، كان دوماً يسعى، ومن دون نجاح يذكر، نحو إنشاء رموز وطنية مُوحّدة. فوهم الوطنية لا ينفك يُفتش عن إمكانية حصول إجماع (فوق الانشطارات الطائفية) خارج إطار المطبخ اللبناني وتقدير فيروز (وهما بالتأكيد محل إجماع). فإمكانية التوحّد حول طبق شهي (أو حول تلك الأغنية الركيكة «بحبك يا لبنان») لا تكفي لإنشاء وطن، ولا تكفي أيضاً تلك الأرزة (هل هي نفسها التي أعطيت لجون بولتون؟). فالجيش بقي العنوان الوحيد، وخصوصاً أن قائده استطاع أن يقفز بمهارة سياسية فوق الطوائف ووفق الانقسامات في المرحلة الحرجة التي تلت اغتيال رفيق الحريري، والتي لم تكتمل بعد.
لذلك، فإنّ الشعب الباحث عن رموز الوطنية وجد ضالته في الجيش، لكنه لم يجدها في ضرورة التصدّي للعدوان الاسرائيلي على لبنان: كان يمكن هذا الشعب أن يطالب بدور وطني فاعل للجيش في مواجهة الحرب الإسرائيلية على لبنان. اكتفى اللبنانيون بالقول إن الجيش يساعد المقاومة «سرّاً» وكأنّ الدفاع عن أرض الوطن بات سراً عسكرياً لا يُشاع. وهناك من كان يردّ بالتساؤل: أَوَتريد أن يُقتل الجنود؟ لكن، أليست هذه هي مهمة الجيش الأساسية؟ واللبنانيون (واللبنانيات) الساعون الى موقف بطولة من جيشهم كان أولى بهم أن يسعوا وراء تلك البطولة في مواجهة مع جيش العدو لا مع مخيم آهل بالسكان الفلسطينيين.
أمّا السقطة الكبيرة في التغطية الإعلامية، فكانت في شبكة «النيو.تي.في.»، تلك المحطّة المميّزة (والمنسجمة في شجاعتها الأخلاقية) التي استطاعت أن تجترح خطّاً سياسياً مستقلاً في البلد الشائك (وإن كان انحيازها لرئيس الجمهورية يضعف من صدقيتها السياسية)، وأن تبقى فوق الطوائف والأحزاب ــ إذا كان هناك من أحزاب في لبنان. وهي وفّرت أفضل تغطية أثناء العدوان على لبنان منذ سنة، ومحاربتها للفساد تشكل مدرسة في الإعلام (على المستوى العربي والعالمي). لكنها لم تحِد عن مسار بقية الوسائل في تغطيتها الحالية. إذ إن المحطة التي كان يمكنها أن تخرج عن نمطية الإعلام الطوائفي، لم تأتِ بجديد. وعمل مراسلوها لا على إجلاء الحقيقة، بل على تلميع صورة الجيش المغوار.
كانت «النيو. تي. في.» في أخبارها تكراراً لنشرات ومزاعم تلفزيون المستقبل والـ«إل. بي. سي.». فهي، كغيرها من وسائل الإعلام، رددت ببغائياً ادعاءات الجيش من دون تحقيقات مستقلة واستقصاءات مبنية على أحكام عينية. وكان المذيع أحياناً يكذّب الكاميرا عندما يعزو القصف على المخيم ــــ دائماً وأبداً ــــ الى استفزازات فتح الإسلام. وحتى عندما كانت مدفعية الجيش تبادر بوضوح (وعلى الهواء) الى قصف المخيم، كان بعض المراسلين مثل رياض قبيسي (الماهر في تقاريره، باستثناء تلك المتعلقة بنهر البارد) يبادر الى التطوع بالقول إن الجيش يرد على إطلاق نار من داخل المخيم. لكن فراس حاطوم بزّهم جميعاً، إذ تصوّر أنّ دوره لا يختلف عن دور مديرية التوجيه في الجيش اللبناني. ثم هذا الحديث عن استعمال المدنيين من قبل فتح الإسلام كـ«دروع بشرية»: من أين بدأ وما هي الدلائل على حدوثه؟ كل الدلائل تشير إلى أنّ العصابة الإجرامية المذكورة كانت معزولة تماماً في داخل المخيم، وأنها لم تحاول منع المدنيين من الخروج. وإلا كيف خرج الآلاف الذين واللواتي لم يتحدّثوا عن احتجازهم داخل المخيم؟ لكن الإعلام اللبناني نجح في تقليد الدعاية الإسرائيلية بحذافيرها، تلك الدعاية التي تسوّغ قتل المدنيين الفلسطينيين بشتى الوسائل. حتى المصطلحات كان مماثلة لتلك التي استعملتها الإذاعة الإسرائيلية أثناء الحرب اللبنانية، مثل عبارة «معسكر» نهر البارد (وكانت إذاعة صوت لبنان الكتائبية تستعمل تلك العبارة أثناء غزواتها للمخيمات الفلسطينية خلال الحرب اللبنانية، مدعومة أحياناً من النظام السوري ومن إسرائيل في الآن نفسه). أما الجيش اللبناني، وفقاً لوسائل الإعلام اللبنانية، فهو دائماً المدافع عن النفس ضد الإرهابيين (كم بات الإعلام اللبناني يستسهل استعمال هذه العبارة على خطى الإعلام الصهيوني) تماماً مثل «جيش الدفاع» الإسرائيلي. إن لاستسهال استعمال مصطلح الإرهاب، وخصوصاً في ما يتعلق بمخيم فلسطيني، يبدو مشبوهاً على الأقل من بعض أطراف السلطة (القلقة على مصير محمد دحلان).
ولم يتورّع الإعلام اللبناني عن الانزلاق نحو الخطاب العنصري الفجّ ضد الشعب الفلسطيني، على غرار الإعلام الكتائبي أثناء الحرب، وهو كان يستعين بخبرات إسرائيلية آنذاك. فعبارات «البؤر» في المخيمات والحديث عن مرتزقة صارا لازمة من لوازم التحليلات الإخبارية الشائعة في لبنان. وتحولت المخيمات الفلسطينية فجأة، في الإعلام الحريري وفي غيره، الى «معسكرات»، وهي العبارة التي كانت الإذاعة الإسرائيلية تستخدمها في نشرتها العربية للحديث عن المخيمات في عصر الثورة الفلسطينية في لبنان.
لكن الإعلام اللبناني، كما السلطة اللبنانية، استعار أيضاً من خطاب الحكومة الأردنية أثناء مجازر أيلول. فالسنيورة (الذي أصبحت معارضته مخالفة للقانون الدولي وفق (لا)منطق جورج بوش، الراعي العطوف لـ «ثورة الأرز») يتحدث عن قتل الفلسطينيين، وكأنها خدمة للقضية الفلسطينية. وهو وعد وفداً فلسطينياً زاره بتحويل مخيم نهر البارد الى مخيم «نموذجي» بعد تدميره ــــ لعل النموذج هو مخيم جنين، فاقتضى التنويه. حتى إطلاق النار على المتظاهرين في البداوي تحول في خطاب السنيورة الى عطاء من أجل فلسطين، مثلما كان بيار الجميل يصرّ في خضمّ حصار وحشي لمخيم تل الزعتر على أن قضية فلسطين هي «أشرف قضية».
ثم لماذا تمنّع الإعلام اللبناني عن مساءلة ليس فقط قوى الأمن الداخلي (وهذا هو نهج المعارضة)، بل أيضاً الجيش اللبناني نفسه؟ إن الثناء المطلق على أداء الجيش، أي جيش، هو وصفة لارتكاب جرائم حرب، كما رأينا في «أبو غريب». وغياب المساءلة بالنسبة إلى أداء الجيش أدى وسيؤدي إلى غياب الرقابة الخارجية والذاتية على أفعال عناصر الجيش في أية مواجهة مسلحة، حالية ومستقبلية.
كان يمكن حتى الإعلام المؤيد لـ«معركة» الجيش (وهي معركة وهمية مثل معركة المالكية المزيفة حين خرج الجيش عن الإجماع العربي في حرب فلسطين في حده الأدنى ورفض دخول أرض فلسطين للدفاع عنها) أن يؤيد دكّ المخيم من دون هذه الاحتفالية المنفّرة. وإذا كان إعلام الحريري يقدّر البطولات، فلماذا رفض رؤية بطولات حقيقية في أرض الجنوب في مواجهة واحد من أقوى جيوش العالم؟ وشبكة الـ«إن. بي. إن» ذهبت بعيداً في تغطيتها الاحتفالية، وفي بثّها لأغانٍ يظهر فيها المغني (بصورة هزلية) مرتدياً الثياب المرقطة. وتغطية الـ«إن. بي. إن» تثير تساؤلات عمّا إذا كان هناك في حركة «أمل» من يشعر بحنين ما إلى حرب المخيمات المشؤومة التي أثبتت بما لا يقبل الشك أن الحقد ضد الشعب الفلسطيني لا يقتصر على طائفة واحدة. هل توحي مشاهد تدمير مخيم الفقراء في البارد بالأغاني الهمروجية؟ وهؤلاء الذين يطالبون الجيش بإظهار الحزم والقوة، لماذا لم يطالب أي منهم الجيش نفسه بالدفاع عن لبنان أثناء عدوان إسرائيل الوحشي؟ إذا كانوا راغبين في مواقف بطولية، هل هناك من بطولة تفوق مواجهة العدو (الذي هو جار فريد مكاري ـــــ والجار قبل الدار ربّما) على أرض لبنان؟ لم يجرؤ الإعلام على سؤال الجيش عن نوعية السلاح المستخدم ضد المخيم الآهل، فجعلوا من كل شيء مباحاً.
ولماذا لم تغطِّ الصحافة في لبنان ما غطّته الصحافة العالمية حول ظهور (وأفعال) ميليشيا الحريري في الشمال؟ ولا يمكن الإعلام المعارض أن يصرّ على عدم تحميل أية مسؤولية لما جرى من قتل للمدنيين الفلسطينيين من قبل الجيش اللبناني. والسؤال هو ما هي الحدود المسموحة للجيش في أعماله «العسكرية» ضد المخيم وضد المتظاهرين من الفلسطينيين؟ وهل يمكن أن يتوحد اللبنانيون ضد إسرائيل، مثلاً، بدلاً من التوحد على عداء الشعب الفلسطيني؟ وهل توقف الإعلام اللبناني عن ترداد أكذوبة «القتيل المدني الواحد» في المخيم، التي كان أحمد فتفت (ما غيره) يرددها في تجواله على شاشات التلفزة (كيف أحوال «الشباب والرياضة» في وزارته بالمناسبة)؟
إن ما حدث في نهر البارد غير عفوي وغير بريء في توقيته. والسلطة في لبنان تكذّب نفسها بنفسها لكثرة ما تناقض نفسها في دعايتها غير الذكية. وإن كانت السلطة مقتنعة بوجود مؤامرة سورية على لبنان (وبعض أركان السلطة قد يكون عليماً بشؤون مؤامرات النظام السوري في لبنان لكثرة ما شارك فيها عبر العقود)، فهل تعتقد أن نفيها القاطع لوجود مؤامرات أخرى مقنع أم هو ينمّ عن ولاء مطلق للوصاية الجديدة على لبنان؟
يثبت الشعب اللبناني، بأكثريته على الأقل، مرة أخرى أنه لم يقابل اللاجئ الفلسطيني في لبنان بحسن الضيافة أو بالترحاب، خلافاً للمديح الذاتي الذي تتقنه الثقافة السياسية والشعبية في لبنان. على العكس من ذلك، شكّل لبنان محطة للتآمر على القضية الفلسطينية منذ انطلاقتها، واستخدمت الطوائف المتعددة الشعب الفلسطيني لأغراضها هي. ولا يخلو مخيم فلسطيني في لبنان من ذكرى مجزرة أو أكثر.
يستطيع الجيش اللبناني أن يشكّل عماداً لوطنية جامعة، لكن في مواجهة إسرائيل، لا في مواجهة أهل المخيمات. أما كلام السنيورة على إعادة إعمار البارد فيثير الريبة، لا الاطمئنان. والإعلام اللبناني (في الحكم وفي المعارضة على حد سواء) قصر في دوره رقيباً. طبعاً، هناك صعوبات في العمل الإعلامي العربي. ففي العالم العربي، يصرّ آل سعود على السيطرة على كل وسائل الإعلام من دون استثناء، كما حاول رفيق الحريري أن يُخضع كل وسائل الإعلام في لبنان لسيطرته المالية (ونجح الى حد كبير) بعدما ضرب وسائل الإعلام الوطني (الرسمي) في الصميم. أمّا في تغطية نهر البارد، فقلّة فقط خرجت عن بيت الطاعة وبشجاعة نادرة. وتستحق رابعة الزيات في الـ«إن.بي.إن»، بالإضافة الى قسم العدل في هذه الجريدة وبعض الكتّاب في جريدة «السفير»، تحية خاصة، وذلك لأنّهم حاولوا تذكير اللبنانيين واللبنانيات بحقيقة مرّة: إنّ الشعب الفلسطيني بشر مثلهم، وإن كانوا لم يعتنقوا تلك الأرزة رمزاً.
* أستاذ العلوم السياسية في جامعة كاليفورنيا
(موقعه على الإنترنت: angryarab.blogspot.com)