إعداد: علي شهاب
تتابع إسرائيل المواجهة بين الجيش اللبناني وتنظيم فتح الإسلام من باب رصد قدرة الأول على تكرار التجربة مع «منظمات أخرى»... كحزب الله. وتحاول استغلال مجرى الأحداث لشرح موقف الحزب على أنه ضعف تتحكم به المحاذير المذهبية والطائفية اللبنانية.
«الأسلوب الذي سينهي به الجيش اللبناني المواجهات مع فتح الإسلام سيكون مؤشراً مهماً إلى قدرته على الردع واختباراً لقدرته على مواجهة سلسلة أخرى من التحديات». هذه هي وجهة نظر الباحث الإسرائيلي داني بركوفيتش في أحدث تقاريره الصادر عن معهد دراسات الأمن القومي الاسرائيلي (معهد جافي سابقاًوتحت عنوان «النزاع بين الجيش اللبناني وفتح الإسلام: اختبار لمدى ثبات حكومة السنيورة»، يبني بركوفيتش رؤيته إزاء التطورات في لبنان على التلميح الى أن إمكانية تكليف الجيش اللبناني بنزع سلاح حزب الله تدخل نطاق الفرضيات في ضوء نتائج المواجهات الحالية في نهر البارد، مع إشارته بصراحة الى أنه «زُجّ الجيش اللبناني في مواجهة عنيفة ومستمرة مع فتح الإسلام» منذ 20 أيار الماضي، من دون أن يحدد الجهة التي زجّت به.
أما بالنسبة إلى حكومة فؤاد السنيورة التي تتمتع بدعم سياسي وعسكري دولي، فقد التزمت بإجبار فتح الإسلام على الاستسلام، وهي تعتبر هذا الحدث اختباراً لإظهار قوتها، علماً بأن هذه المواجهات، بحسب المعهد الاسرائيلي، «تلفت الانتباه الى الاستقرار اللبناني الهش، بالإضافة الى أنها تشير الى العديد من الدلالات بالنسبة إلى النظام الإقليمي، بما فيه اسرائيل».
وتحت عنوان «التسلل المتزايد لعناصر القاعدة الى لبنان في السنوات الأخيرة»، يعتبر بركوفيتش أن مقاتلي فتح الإسلام والتنظيمات المماثلة «ليسوا جزءاً طبيعياً من البيئة اللبنانية، وهم لا يتصرفون استناداً الى القواعد اللبنانية المعتادة، التي تأخذها المنظمات اللبنانية القوية بالحسبان، بما فيها حزب الله»، في إشارة الى النسيج الذي يحكم اللعبة السياسية اللبنانية، بما يمنع استئثار جهة، مهما كانت قوية، بالحكم.
ويخوض الباحث الاسرائيلي في تحليل أسباب اندلاع مواجهات نهر البارد بالقول إن فتح الإسلام «تعتبر الحكومة اللبنانية جزءاً من المشروع الأميركي ــ الاسرائيلي في المنطقة، وبالتالي هي هدف مشروع للجهاد والنضال».
«مسألة قدرة الجيش اللبناني على بسط سيادة الدولة على كل أراضيها»، عنوان فقرة أخرى يستهلّها واضع التقرير باقتطاع أجزاء من مشهد الواقع بالقول إن الجيش اللبناني «يتحمّل معظم أعباء تنفيذ الأجندة السياسية والأمنية لحكومة السنيورة، من خلال تنفيذ القرار الدولي 1701 في جنوب لبنان، ومنع تهريب السلاح عبر الحدود السورية، والتصدي للتهديدات الإرهابية الداخلية»، قبل أن يستدرك «لكنه لم يبلُ بلاءً حسناً في أي من هذه المهمات».
فمن وجهة نظر إسرائيلية، «يصبّ فشل الجيش في التعامل مع تهديدات تنظيمات شبيهة بالقاعدة، في مصلحة حزب الله»، ذلك أن أي بروز لضعف الجيش سيجعل مطالب حزب الله بتأدية دور الحامي الرئيسي للبلاد مطالبَ شرعيةً. ومن هذه النقطة ينتقل بركوفيتش الى موقف الحزب من الأحداث بالقول إنه «وسط هذه المعمعة، يفضّل حزب الله الوقوف على الحياد. هو يخشى بلا شك من أن تنتهي المواجهة بنتيجة تعزز من موقع حكومة السنيورة وتجلب المزيد من الدعم الدولي له. وبعد ذلك، يُستدعى الجيش لنزع سلاح حزب الله» في سيناريو يعكس بوضوح رغبة اسرائيلية دائمة في وضع الجيش اللبناني في مواجهة حزب الله.
بالأسلوب نفسه، يتطرق الباحث الاسرائيلي الى موقف الحزب من فتح الإسلام باعتباره أن «الوضع أكثر تعقيداً، بما لا يسمح لحزب الله بالتصرف على أساس أن عدو عدوي هو صديقي. لأن تعزيز العناصر الجهادية المعادية للشيعة في لبنان يشكل تهديداً لحزب الله».
وهكذا يجد حزب الله نفسه «في معسكر فؤاد السنيورة في مواجهة التنظيمات الأصولية». وكذلك سوريا «المهددة أراضيها من قبل هذه التنظيمات»، في اعتراف غير مباشر ببراءة دمشق من التهمة الموجهة إليها بالوقوف وراء الأحداث الحالية في طرابلس.