الشهادة وزهرة شقائق النعمان
  • روز زيــاده

    في اليوم السادس من شهر ايار من كل سنة ومنذ زمن بعيد تتفتح جراح الشهادة، وكذلك ازهار شقائق النعمان. مرت سنوات لم تعد الدولة العلية تهتم لهذا اليوم، ربما اعتقاداً منها بأن كل اشهر السنة في لبنان لها شهداؤها، وفيها اعادة تفتح جراح الشهادة، انما وحدها زهرة شقائق النعمان تغيب عن استذكار الشهادة والمستشهدين في بقية اشهر السنة.
    هذه السنة مثلاً سقط للسواد الاعظم من اللبنانيين شهيد «فكر خلاص»، صوّب على «بادرة الى الأمام»، بادرة تعادل سياسة البلدان التي تحترم شعوبها، وصوّب عليها من جميع الجبهات، حتى جبهة الرحمة اصابتها بنبال الآخرين، وذنبها أنها صادرة عمن لا يستسيغون آراءه. (انا لا يعنيني أي ملاك هو الدافع لهذه البادرة)، نحن اللبنانيين يعنينا الفكر فقط، كائناً من كان صاحبه، وأطرح السؤال على الجميع، لماذا كان صحيحاً تعديل الدستور من أساسه؟ ولماذا كان عادلاً عندما عُدّل لمرة واحدة وقت جدد لرئيسي الجمهورية السابق والحالي؟ لماذا نحن ننبذ ما يأخذ بنا الى الوضع الصحيح؟ لماذا يا حضرة السادة، والسيادة، والنيافة، والغبطة؟ لماذا يا دولة، ويا معالي، ويا سعادة، لا تريدون حلحلةً لمَا نحن فيه؟ إننا نكتب ونكتب ونسأل وكأننا لا نخاطب أحياء.
    الحي ينفعل، يجيب. يأتي على ذكر أسئلتنا المتكررة. أما من احد بينكم يقرأ؟ أما من أحد بينكم يعمل لوجه الله يوماً؟. سنتان بالكمال والتمام تمحّصون شخصية اعتبرتم انكم دفنتموها الى الابد، ولكن عند الله لا شيء عسير، أقامه كما أقام كثيرين غيره. انما الفرق هو انكم لا تتحملون قيامة الجميع مرة واحدة. القديسون، وحدهم القديسون يجرون الاختبار الدوري على ذخائرهم ليتثبتوا من صحة قداستهم. ولكن أنتم معشر المسؤولين عن شعب كامل تتلهون منذ سنتين بتمحيص كلام وتصرفات وتصريحات من ارعبكم قبل ان يدخل الى لبنان.
    اكتفينا منكم ومنه. شبعنا قهراً وإهمالاً. ضاقت صدورنا بمهاتراتكم، وتشبثه وعناده. اقرأوا ولو لمرة، انفعلوا بوجهي ولو لمرة، لأنني انا جزء من المجموعة المقهورة، وأعدكم بأننا لن نزعجكم مرة ثانية، ونلبسكم ثياباً ليست لكم، وتخالف مقاساتكم لأنها على ما يبدو (بدها قياس).


    بلد المفاجآت

  • رشا شوقي المستراح

    هنيئاً لك يا لبناني، فأنت تعيش في بلد المفاجآت، لكم من مرة تمنّينا الحصول على مفاجأة حتى إننا قد نسعى لتدبير واحدة لأنفسنا بالتلميح الى أحدهم علّنا نُمنح فرصة وفرحة الشعور بها.
    لكن نحن اللبنانيين لم نعد في حاجة إلى تدبيرها، فأن نعيش في لبنان فهذا شرف يمنحنا الكثير من هذه المفاجآت حتى إنه من الممكن أن تتراكم وننال عدداً منها في اليوم الواحد.
    كم من مرة فوجئنا أثناء صعودنا في المصعد الكهربائي بانقطاع التيار الكهربائي في غير ميعاده مع أنه «بعدو جايي».
    وكم من مرة فوجئنا بأن الطريق الى عملنا أو منزلنا مقفل بسبب إشكال أمني ونفكر في طريق آخر للوصول، ونكون سعيدي الحظ إن لم نُفاجأ برصاصة تكاد تودي بحياتنا.
    كم من مرة فوجئنا بحفرة وسط الطريق مع أنها لم تكن موجودة منذ ساعات قليلة، ولكن سنُفاجأ أكثر إن أُعيدَ ردمها.
    كم من مرة فوجئنا بأن بنطالنا حقاً طويل للسير في الأنهار التي نتجت من الأمطار الخيِّرة، لئلا نُفاجأ بعد ذلك بموضة الشورت الذي ترتديه النساء «في عز الشتي»، ويبقى على الرجال السعي الى استحداث موضة تحميهم أيضاً، «ربما البونتكور سيكون جيداً».
    وحتى وطننا لبنان يحضّر لنا المفاجآت الكبرى والحارة حتى لو في عز الصيف. ألم نُفاجأ جميعاً بالحرب التي شنّتها اسرائيل؟ وألا نُفاجأ بالمستوى الخطابي المتدنّي الذي انحدر إليه سياسيّو لبنان وبتبدل مواقفهم من النقيض الى النقيض؟
    لبنان الذي يعدّ لنا دوماً المفاجآت عساه أن يحضِّر لنا أيضاً المفاجآت الجميلة منها كالوفاق الوطني الحقيقي، وأن لا يفاجئنا بحرب أهلية مع أن في حال حدوثها ستكون من المفاجآت المدبّرة بفعل فاعل والمحضّرة وسائلها والله أعلم...