إلى لميس*...
  • روان الأمين

    «لميس سوف تكون مربّيتك»، هذا ما قالوه لي بعد مغادرة مربّيتي السابقة. ومن البداية كان وقع الاسم على مسامعي طيّباً، فهو اسم إحدى قريباتي المحبّبات. ومع مرور الأيّام طغت صفاتك التي لا تعدّ ولا تحصى على ذلك الإحساس.
    أنت لم تكوني مجرّد مربّية للمكـــفــــــــوفين تلبّي متطـــــــــلّبات عملك، بل كنت تسعين دائماً وراء الأفضل من أجلنا. لم يخالجني يوماً إحساس الواجب والعمل برفقتك. أشبعت عملك هذا بكل حب وعطاء. لكن الأهم أنك كنت دائماً في بحث عما يسعدنا ويخفف من أعبائنا. وقفت إلى جانبنا يوم لم يقف أحد وألقيت الأضواء على حقوقنا، دورنا في الحياة، وعلى طاقات كانت مكبوتة في أنفسنا من دون علمنا...
    ماذا أقول؟ كيف يجدر بي أن أصفكِ؟ هل كنت مجرّد مربية؟ كلا،كلا، بل كنت صديقة وأختاً والأهم أنك كنت أمّاً. جمعتنا صداقة متينة حيث كنت أقصّ على مسمعك مشاكلي العائلية والمدرسية. أنت أوّل من يراود ذهني عندما يطرق بابي الحزن أو الفرح. لم تقتصر صداقتنا داخل حرم المدرسة بل تخطّته إلى البيوت والعائلات والأصحاب فتعرّفت بعائلتك والتقيت بطفليك الملاكين نور ونايا. وطبعاً بدورك تعرفت بعائلتي الصغيرة.
    وهكذا أصبحت أختاً، أتقاسم معك الحياة اليوميّة وأتلقى منك النصائح كأخت كبيرة مشغولة بي. والأجمل، تلك العاطفة التي كانت تتدفّق من دون تردّد أو بخل. لن أنسى شعاع عينيك الممتلىء بحنان الأمّ ودفء الأحاسيس. فبما أجمع كلّ هذه الصفات؟ ما الكلمة التي تحوم فوق كلّ هذه المميّزات؟ أختصر صفاتك المميّزة هذه باسمك لميس.
    رحلت يا لميس، رحلت باكراً، رحلت وتركت فراغاً وحزناً كبيرين في قلوبنا، فقد شاء القدر أن يأخذك منّا باكراً بحادث سيرٍ مفجع وأنت لم تتجاوزي الواحدة والثلاثين من عمرك. أكلّ إنسان معطاء، محبّ ويستـــــــــنزف طاقته لأجل الآخرين... يرحل في أوج عمره؟ لا أعرف ولكن أتمنّى أن تكوني سعيدة في ذلك العالم المجهول وفي النهاية أعدك ألّا أقف في وسط الطريق، بل سأتابع مسيرتي بقوّة وإرادة كما أردتني دائماً، وأن تكوني قدوة لي في هذه الحياة ومثالي الأعلى.
    ختاماً، كما اعتبرتك مثالي الأعلى أتمنى من الجميع أن يتخذك رمزاً في هذه الحياة وأن يكون مثلك في عطائك ونشاطك ومحبتك للجميع.
    تلميذتك روان الأمين
    * لميس علي خير الدين (1976 ــ 2007) ناشطة في جمعية الشبيبة للمكفوفين. وهي تتولى مساعدة ثلاثة من الطلاب المكفوفين (روان الأمين ــ فاتن جوني ــ إحسان حطب) وقد توفيت في 26/4/2007 في حادث سير مفجع.



    الغابة: بهائم... أم أعداء ؟!

  • أسامة يونس

    بعد وصف دولة الرئيس السنيورة للضاحية بأنها غابة، لا بد لنا من أن نسترسل قليلاً في معنى الغابة.
    ففي المعنى الأول: فيها (أي الغابة) تعيش الحيوانات من دون أن يكون هناك قانون، وفيها الحيوان المفترس الذي يأكل ويسيطر على الحيوان الضعيف.
    أما المعنى الثاني: ففي كتاب للأستاذ «نصري الصايغ» يتكلم عن روبرت كاغان عند عقده مقارنة بين السياسة الأميركية والسياسة الأوروبية: الأولى تقول إن في الغابة عدواً فلنبحث عنه ونضربه، والثانية تقول إن الغابة يمكن أن تكون مليئة بالأعداء وعلينا انتظارهم. والقاسم المشترك هنا، أن في هذه الغابة: عدواً.
    أيهما الذنب الأعظم؟ في المعنى الأول أم الثاني؟
    يا دولة الرئيس: نحن مواطنون، ندفع الضرائب، نكافح من أجل وطننا ولقمة عيشنا.
    ولسنا بهائم ولا أعداء.