لحود جوزف لحود
  • روز زياده

    يا عريساً لم تُزفّ كل من ولج هذه الحياة، يمشي طريقه القدرية التي يخبرنا عنها السيد المسيح، طريق الألم الذي نرجو به الخلاص الأبدي في حضن أبينا السماوي.
    من هذا الألم يا لولو بدأتَ محطتك الاولى حيث كان الموعد مع فقدان الأم وهي في عمر الصبا التي شاء قدرها اختصار هذا الطريق.
    دخلت لبنان مع ألم في جسدك الطري وغربة في قلبك لم تتمكن من التعبير عنها لأنك لم تكن قد بلغت السنة الاولى من عمرك.لكن الله تعالى لم يهملك، وضعك بين أيدي افراد عائلة احبّتكَ، سهرت على كل نبضة من نبضات قلبك.
    ثلاث شقيقات لأبيك احتضنّك انت الولد الوحيد لهنّ روحاً وثقافةً وترفيهاً. تلك الشقيقات، لم تسكنهنّ الانانية يوماً، لم يسلبن منك كلمة «ماما». عندما اصبحت في سنّ تخولك التمييز بين تراتبية افراد العائلة، اخبرنك بأنه كان لك أمّ توفيت بحادث سير وأعطينك صورتها التي رافقتك من يومها دائماً في جيبك.
    نشأت مثل زهرة في بستان الورود. تزهو به كيفما شئت. لكن اعين من احتضنّك كانت دائمة السهر. لم يحرمنك من اكتشاف الحياة ولم يشعرنك يوماً بأنك مملوك منهن، ولم يتأخرن عن تلبية طموحاتك في تحصيل العلم في مدارس لبنان من الدرجة الاولى، وفي الخارج ايضاً.
    في المقابل، كنت تكتنز العاطفة لتفردها بسخاء حيث تدعو الحاجة، خلوقاً. لن أنسى يوم ذهبت معك الى المستشفى حيث كان جدك غارقاً في غيبوبة دماغية، كيف انك مسكت بيده وشددت عليها وسألته «كيفك انتْ هلق»؟ فهمهم ذاك الذي كان يغط في غيبوبة النزاع الأخير. قوة عاطفتك أعطت الدفء للشرايين الميتة، تدفق فيها الدم وأجابك بالهمهمة.
    عشناك نبتة ندية، وفتىً يافعاً يريد الغوص لاكتشاف كل مبهم، وشاباً تقر العين بطلّتك. فكيف يريد مجتمع العتمة أن يخفي نوراً ساطعاً منذ خمسة وعشرين عاماً، وأن يخمدوا وهجاً فيه خير بلاده وأهله وأصدقائه وكل من عرفوه.
    فلتهنأ روحك مع السيد المسيح، لأنك مشيت طريق الألم بخطى ثابتة. لا عدالة في هذه الارض، فلتنصفك عدالة السماء.


    قل لي من تعاشر؟

  • ريمون هنود

    إذا أردنا أن ننتقي عنواناً يتصدر المرحلة الحالية للسياسة اللبنانية فهو يختصر بكلمة واحدة هي «التخوين». ولا يختلف اثنان في أن المزايدة تولد من رحم التخوين وأن التباهي بعشق الوطن يولد من رحم المزايدة التي تجسد بدعة: «ما يحق لي لا يحق لغيري».
    فمسموح ومحلل لبعض اقطاب الرابع عشر من شباط تكريم العنصري جون بولتون في السنة الفائتة ومسموح «للبرنسيسا» كوندوليزا بأن ترأس وتدير اجتماعاً لهذه القوى في عوكر، ومسموح للمفوض السامي المستر فيلتمان بالتدخل في شاردة وواردة الحياة السياسية اللبنانية فيصول ويجول سامحاً لنفسه بإملاء النصائح ــــــ الأوامر ــــــ التهديدات على قادة معينين لكي لا يضلّوا الطريق. اما طلال ارسلان ووئام وهاب وسليمان فرنجية وعلي قانصوه مع حفظ الالقاب، فيتعرضون لحفلات من التخوين ويجردون من لبنانيتهم لمجرد انهم من الرموز التي تتصدى للمشروع الاميركي ــــــ الصهيوني الذي اغرق العراق المقاوم وفلسطين الحبيبة ببركان من النار وببحر من الدماء تحت شعار: «الفوضى الخلاّقة». اما رجل السلام الامين العام للحزب الشيوعي اللبناني الدكتور خالد حدادة فيصار إلى التشكيك بوطنيته لمجرد أنه يرفض استبدال وصاية عنجر السابقة بوصاية عوكر الحالية، او لأنه رفض انتقال لبنان من تحت الدلفة السورية الى تحت المزراب الاميركي. وأما سماحة السيد حسن نصر الله فما زال سيل من الاضاليل والاكاذيب ينهال على مقامه الشريف المقاوم، هذا القائد الذي قاد شعبه الى إلحاق الهزيمة بجيش العدو المجرم محققاً انتصاراً سيسطّره التاريخ على اسطورة الجيش الذي لا يقهر. لن يكون هنالك من حل الا بالعودة الى رشدكم، الاستفاقة من سباتكم العميق، وطرد الاحلام الهدامة. وليكن شعاركم: كلنا للوطن لا كلنا على الوطن، وإلا فإن محكمة التاريخ سوف تستدعيكم للمثول امامها تحت شعار: «قولوا لي من عاشرتم اقل لكم من انتم»!.