زياد الرحباني... للجمهوريةعلي الأطرش

ما أصعب المواصفات الرئيسية للرئيس اللبناني العتيد، وما أبعدها عن الواقع السياسي والاجتماعي في لبنان، ويكفي أن يُنتخب الرئيس على أساس طائفي وفئوي، لتفقد كل المواصفات أو الشروط قيمتها وأهدافها.
فالرئيس المنتخب عليه أن يكون لكل لبنان، وأن يكون على الحياد، وعلى مسافة واحدة من جميع الأطراف، بالإضافة الى شروط أخرى ضرورية، كحب الوطن، والعمل على ازدهاره، وبناء مؤسسات الدولة والسهر على الأمن والاستقرار، ومحاربة الفساد...
كل هذه المواصفات والشروط من المستحيل أن توجد في أي مرشح من فريقي 8 آذار أو 14 آذار، والسبب هو كون المرشح طرفاً في النزاع السياسي، وهذا أمر ينافي شروط الرئيس ومواصفاته، حتى وإن وجد مرشحون جيدون لهذا المنصب. وهنا المشكلة، فبدل أن يكون هناك حل رحمةً بالناس والوطن، الكل متجهٌ إلى الفراغ والجمود، فإما رئيس لأحد الفريقين وإما لن يكون هناك رئيس ولا حلّ، والكلام على مرشح توافقي لا يصنّف إلا كلاماً للمناورة والمراوغة السياسية، فلماذا لا يؤخذ بعين الاعتبار ترشح عدة شخصيات خارج إطار هذين الفريقين، ولماذا لا تتاح الفرصة أمام الكفاءات العلمية والشخصيات التي تتمتع بدرجة عالية من الفكر الثقافي والإبداعي، بغض النظر عما إذا كانت هذه الشخصيات سياسية أو لا. وعلى سبيل الاقتراح والحل، فإني أرشح الفنان زياد الرحباني لهذا المنصب: فهو شخصية تتمتع بكل مواصفات الرئيس، فلا أحد يزايد عليه بالوطنية، وهو بالتأكيد سيكون على مسافة واحدة من الجميع. زياد الرحباني سيقود الوطن الى العلمنة والتقدم، وسيلغي بلا شك الطائفية السياسية وسيكافح الفساد، ولن يعزف على أوتار الطائفية والمذهبية والمناطقية، بل سيكون عزفه على أوتار موسيقية، وهو لن ينحاز إلا للمبدعين والمفكرين، وهذا أمر صحي وضروري.
زياد الرحباني ليس بحاجة الى برنامج انتخابي، فهو بحد ذاته مبرمج ضد الظلم والفساد.
إن أصبح زياد الرحباني رئيساً، فلن يكون هناك شيء فاشل، وسيكون هناك فسحة أمل، وسينتهي بالتأكيد الفيلم الأميركي الطويل...


القوة تحمي مواقفنا بدلاً من العقل
ياسمين محمود ضو


في زمن أصبح فيه السلاح يشقّ طريقنا بدلاً من القلم، وأصبحت القوة تحمي مواقفنا بدلاً من العقل، لم يعد للضمير دور ينوّر طريقنا ويحكم مواقفنا. على الرغم من أهوال الحرب الأهلية ومأساتها، ما زلنا نلمس الرغبة في تكرار هذه التجربة المريرة التي عاشها لبنان طوال خمسة عشر عاماً، ونرى أيضاً في عيون الشباب الذين لم يعوا الحرب وأهوالها رغبةً في خوض مثل هذه التجربة، كي تتسنى لهم الفرصة في إظهار بطولاتهم وإبراز قوتهم في إلغاء بعضهم بعضاً وفي متابعة ما تفرضه عليهم الإرادات الخارجية، التي تصب جميعها في مصلحة الصهاينة والعملاء، أي تدمير أمتنا ومحاولة إلغائها. والمضحك المبكي في هذا الموضوع أن الأشخاص أنفسهم الذين ينتظرون الحرب الأهلية ويستعدون لها، يجتمعون سوية، كلا الطرفين، في ساحة من استشهد لأجل لبنان واستقلاله مطالبين بالحرية والوحدة الوطنية. آن لنا اليوم أن ننتفض، أن ننفض عنا هذه القشرة من اللاوعي وعدم الإدراك، هذه القشرة التي تعيدنا الى الوراء وتجعلنا محنّطين كمومياء فرعونية. وكم نشابه في تفكيرنا وسلوكنا تلك الفراشة التي تحوم حول الضوء لتموت وتحترق.
أين نحن؟ الى أين نحن سائرون؟ ألم يعلّمنا الماضي والتجارب الأليمة التي عشناها؟ ألا يكفينا ضحايا وأموات؟...
عار علينا أن نبقى منقسمين منشقين بين أحزاب وعشائر وطوائف، فما النفع من وطنٍ يبيعه أبناؤه ويختلفون عليه كقطعة شطرنج مبعثرة على صفحات أيامنا. إن قوتنا بوحدتنا، بتغلّبنا على أحزان الماضي وآلامنا، بالوقوف مجدداً حاملين سلاح التجارب والانهزامات السابقة، فالعيب ليس بالفشل والانكسار بل بالبقاء منهزمين منكسرين غير قادرين على الصمود. إن التحسين يفترض منا الوعي الكامل والتمسك بوطنا والتعلق به، فجميعنا وجميعهم فانٍ والوطن باقٍ. وطننا كنزٌ وخسارة أن يدمّر ، أن يتشتت ويتبعثر تبعثر الزجاج المكسور.
أتمنى أن يبتعد الجميع قدر المستطاع عن الجنوح الى طريق الحرب الأهلية، لأن هذه الأخيرة ليست سوى جحيم أسود طريقها الجهل، وبابها قرارات حكامنا المستعبدين وأهلها.