حسن عجمي *
الطائفية هي بناء سلطة على أساس عقائد دينية معتمدة على أو مبوبة في كتب التراث، أما السوبر طائفية فهي بناء سلطة على أساس أفراد طائفيين ــ عنصريين في ظل غياب العقائد والدين.
لذا نحن نحيا بل نموت باستمرار في وجودنا السوبر طائفي، وكل طائفة منا تشكّل دولة ديكتاتورية بحد ذاتها. في السوبر طائفية يُقتل الإنسان والدين بشكل مستمر ومنظم، فليس المسيحي لدينا مسيحياً حقاً وليس المسلم لدينا مسلماً حقاً.
لو أننا حقاً مسيحيون أو مسلمون أو علمانيون لتمكّنّا من بناء دولة ومجتمع. سوبر طائفيتنا تستدعي السوبر استعمار. كلنا في هذا العالم العربي ندعو الآخرين إلى استعمارنا لأننا رفضنا الحضارة فخسرنا الإنسان.
أما الاستعمار فهو الاحتلال الواقعي لبلد ما من قبل بلد آخر، بينما السوبر استعمار فهو الاحتلال الافـــــــــــتراضي لبلد ما من قبل دولة أخرى. يحدث السوبر استعمار نتيجة التفوق العلمي والتكنولوجي والعسكري. فالدولة الأكثر تطوراً في إنتاج العلوم والتكنولوجيا وفي سلاحها العسكري تمارس الاحتلال الافتراضي على الدول الأقل تطوراً في العلم والتكنولوجيا والسلاح. على هذا الأساس، وبما أن ما يدعى الدول العربية والإسلامية أقل تطوراً في العلم والتكنولوجيا والسلاح، فإذاً هي في مرحلة السوبر استعمار. بمعنى آخر، نحن تحت هيمنة الاحتلال الافتراضي.
لأننا كشعوب تحت سيطرة السوبر استعمار العالمي، تسعى الدول المتطورة إلى رفض أن نتطور علمياً وتكنولوجياً وعسكرياً. هذا لأننا إذا تطورنا في تلك الميادين سوف نتحرر من السوبر استعمار الممارس علينا. لذا تفرض الدول السوبر استعمارية العقوبات على الدول التي تسعى نحو بناء أنظمتها العلمية والتكنولوجية والعسكرية. نحن في زمن الاحتلال الافتراضي، وهو احتلال من نوع آخر لا يتمثل في وجود جيوش أجنبية على أرضنا، بل يتجلى في انهزامنا الافتراضي. فمثلاً، إذا استخدمت أميركا كل قوتها العسكرية فسوف تهزمنا وستتمكن من احتلالنا واقعياً. لذا يحق لنا بل لا بد لنا من أن نقاوم هذا الاحتلال والاستعمار من خلال تطوير قدرتنا التكنولوجية والعسكرية ومن خلال مشاركة الحضارة في إنتاج العلوم.
ويبقى الســـــــــلاح الأقوى هـــــو سلاح الحضارة. والحضارة كــــــــــامنة في إنتاج العلم. فعندما يعتــــــــــــمد العالم على ما ننتج من علوم سوف نحقق انتصاراتنا الحقة.
من جهة أخرى، الإرهاب هو قتل للمدنيين، بينما السوبر إرهاب هو قتل إنسانية الإنسان أي سلبه إنسانيته. السوبر إرهاب وجه آخر للسوبر استعمار المهيمن على شعوبنا. يتمثل السوبر إرهاب في منعنا من قبول المنطق والعلم والفلسفة. وأنظمتنا الديكتاتورية تمارس السوبر إرهاب بتفوق، وهي بذلك شريكة الدول السوبر استعمارية. سلطاتنا الديكتاتورية تنشر السوبر إرهاب في مجتمعاتها كوسيلة لضبطها. فعندما نرفض المنطق والتفكير والعلوم تغدو أنظمتنا هي الوحيدة القادرة على تحديد ما هو الحق والحقيقة، وبذلك تستمر في نجاحها في السيطرة على شعوبها. وحين نرفض العقل والمنطق والتفلسف والعلم نفقد إنسانيتنا، فالإنسانية كامنة في ممارسة حق التفكير السليم منطقياً وعلمياًً، وهذا أساس نشوء الحقوق والحقائق التي يبنيها الإنسان الحق.
لقد خسرنا إنسانيتنا وأمسى الإنسان لدينا إنساناً افتراضياً بسبب رفضنا العلم والمنطق. فمعظم مدارسنا وجامعاتنا وكتبنا ووسائل إعلامنا لا تراعي مبادىء المنطق والتفكير السليم، وبذلك تساهم في تطوير تخلّفنا. نحن في عصر السوبر تخلف.
بينما التخلف قائم في عدم الإنتاج، يكمن السوبر تخلف في تقديم الجهل على أنه علم. لم يستعمرنا الآخر فقط بل استعمرنا أنفسَنا أيضاً. على هذا الأساس لا سبيل لنا سوى أن نقاوم بالفكر والعلوم. لقد أغلقنا أبوابنا ونوافذنا وأصبحنا محددين في أدق التفاصيل، ما جعلنا نخسر القدرة على التكيف والاستمرار. وحده اللامُحدَّد ينتصر ويبقى كما تقول السوبر حداثة بالضبط.
* كاتب لبناني