بدعة المراسيم النافذة حكماً
  • وسام اللحام

    منذ نشوب الأزمة الحكومية الحالية، بدأ يظهر في الجريدة الرسمية نوع جديد من المراسيم تعرف بالمراسيم النافذة حكماً. إن المرسوم التقليدي في لبنان هو القرار الذي يصدر عن رئيس الجمهورية ويحمل إضافة إلى توقيع هذا الأخير، توقيع رئيس مجلس الوزراء والوزراء المختصين. بعض هذه المراسيم يحتاج إلى موافقة مجلس الوزراء والبعض الآخر لا يحتاج إلى مثل هذه الموافقة لكي يتمكن رئيس الجمهورية من إصداره. لذلك، وفي مطلق الأحوال، يظل توقيع رئيس الجمهورية على المرسوم من الأمور الأساسية والجوهرية التي لا يمكن تخطّيها. لم يتبدل هذا الواقع بعد تعديلات الطائف، لكن تمت اضافة شرط جديد من شأنه تقييد صلاحيات رئيس الجمهورية ومنعه من ممارسة حق الفيتو على قرارات مجلس الوزراء. فالمادة 56 من الدستور تنص على الآتي: «وهو (أي رئيس الجمهورية) يصدر المراسيم ويطلب نشرها، وله حق الطلب إلى مجلس الوزراء إعادة النظر في أي قرار من القرارات التي يتخذها المجلس خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إيداعه رئاسة الجمهورية. وإذا أصرّ مجلس الوزراء على القرار المتخذ أو انقضت المهلة دون إصدار المرسوم أو إعادته يعدّ القرار أو المرسوم نافذاً حكماً ووجب نشره».
    إن هذا الأمر منطقي ولا ينال من هيبة موقع الرئاسة، لكن الأمر الغير المبرر والغريب الذي أغفله أرباب الطائف ــــــ سهواً أو عمداً ــــــ هو فرض الشرط نفسه على رئيس مجلس الوزراء أو حتى على الوزير. فهل يعقل مثلاً أن امتناع وزير ما عن التوقيع على المرسوم، بالرغم من موافقة مجلس الوزراء، يمنع صدور هذا المرسوم، بينما رئيس الجمهورية ملزم بالتوقيع خلال المهلة المحددة وإلا صدر المرسوم من دون توقيعه. إن هذا الخلل الجسيم له تداعيات خطيرة جداً، فإن كان من غير الجائز عرقلة مقررات مجلس الوزراء، فإن هذا الأمر يجب أن ينطبق على الجميع وألّا يقتصر فقط على رئيس الجمهورية.


    جحا المغرور

  • روز زيــاده

    أوجّه رسالتي هذه إلى كل إنسان لبناني متحمس لبلده، متعطش للمساهمة ولو بفكرة واحدة تخدم لبنان موطئ الانسان الكريم. في هذه الرسالة اسمّي نفسي، وكل من تنتابهم افكاري «جحا المغرور». (وتنتابهم مستقاة من نوبة مرضية). لماذا؟
    منذ أحد عشر عاماً وأنا متخذة من منبر الصحافة محطة لإطلاق أفكار يفيد منها الإنسان في بلدي، لأنتقد عملاً لاوطنياً في «نظري»، لأهزّ المسؤولين، وأتألم لوضعنا السيئ. منذ 20 تشرين الثاني 1995 وأنا أكتب. أتشاحن مع رؤساء التحرير، ومساعداتهم لأنني أريد أن تنشر مقالتي أمام حدث مهم. وفكري البسيط، كان يملي عليّ أنني أخترق صفوف الأفكار النيّرة. كانت تعصف بي الوطنية، فلم أخف من مخاطبة رئيس للجمهورية، أو رئيس للحكومة كائناً من كان، أو وزير بكلامٍ من المفترض أن يدع مسافة فكرية لدى القارئ. وجحا الذي هو «أنا» يجدّ في المثابرة على الكتابة، وعلى متابعة الاحداث من حادثة الصبي الشحاذ الذي يشتم المارة في الشارع... إلى مقاطعة الانتخابات... إلى تعديل الدستور، ونقض بنود في قانون العمل التي كنا قد جاهدنا لتعديلها، بغية حماية الموظف والعامل من فقدان عمله لأقل الأسباب، وأخص بالذكر المادة 50 إلى السينودوس من أجل لبنان والإرشاد الرسولي الذي تبعه، وزيارة قداسـة البابا يوحنا بولس الثاني الذي أرسلت له رسالة أقول له فيها «أرايت! ألم أقل لك ضيعان تعبك يا بابا»!. إلى الحد الأدنى للأجور الذي تدنت قيمته، وسعر صرف الليرة. متابعة، وكتابة. تكريس كل وقت الراحة للتبرع لخدمة من يلزم بواسطة مؤسسات خيرية. رثاء رجال عظماء، وبكاء على مجحف بحقه. كل ما ذكرته لم يأت يوماً ليس فقط بفائدة، بل لم يستأهل جواباً من أحد. نحن الفقراء لسنا اكثر من جحا المعروف عنه بأنه كان يصدّق نكاته. لكن أنا مغرورة باعتقادي أنني سأساهم بنهضة ما.
    فيا أصحابي المتحمسون، لننزل عن اكتافنا همّ بلادنا، وسياساتها، لنهتمّ كيف سنعيش بالحد الأدنى للأجور الذي لم يتغير منذ 1996، رجال كبار وأصحاب ثروات، وحكّام بأمرهم، اضمحلوا، وهو (الحد الأدنى للأجور) ما زال ثابتاً على هزاله، وغن لم ننتبه إليه فسيمرّ من بين أصابعنا عندما ينقدوننا إياه. ولننتظر... حمار اخوت شاناي كان يمشي و«شلح» التوت يمشي أمامه، لكنه كان يعد نفسه بأنه سيصل إليه يوماً. لكن نحن نعرف أننا لن نصل إلى اكثر من الفقر، والقهر، والتعدي. لذلك يكفي جحا غروراً، وليترك الساسة والسياسيين للحلم بوهج الكرسي.