اعداد: علي شهاب
تبدو إسرائيل بحاجة ماسة إلى خوض معركة جديدة مع حزب الله «في ضوء نتائج حرب تموز 2006»، بحسب مدير مركز بيغن ـــــ السادات الباحث الإسرائيلي افراييم إنبار، الذي يرى أن الحرب الأخيرة تجاوزت حدود المصلحة الإسرائيلية لتلامس آفاقاً استراتيجية تشمل حتى علاقة واشنطن بتل أبيب.
بحسب الباحث الإسرائيلي افراييم إنبار، الذي أقرّ، كما هو حال العديد من نظرائه، بأن أهداف الحرب كانت أبعد من المعلن. وتحت عنوان «كيف أساءت إسرائيل إدارة حرب لبنان الثانية»، يستهل إنبار، البروفسور في الدراسات السياسية في جامعة بار إيلان، دراسة نشرها منتدى الشرق الأوسط في إصداره الفصلي الأخير، بالإشارة الى أن «القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين أخطأوا في اعتقادهم بأن الضغط الإسرائيلي على حزب الله والحكومة اللبنانية الضعيفة يمكنه أن يؤسس عملية سياسية يكون بموجبها الجيش اللبناني قادراً على احتكار استخدام السلاح في لبنان».
ويكشف إنبار، في فقرة بعنوان «أهداف غير واقعية»، أنه «منذ المراحل الأولى للحرب، أصرّ القادة الإسرائيليون على تشجيع لبنان ليصبح دولة معتدلة، وأن الجيش الإسرائيلي يمكنه أن يدمّر حالة الدولة داخل الدولة التي يقيمها حزب الله»، مضيفاً أن «رئيس الحكومة إيهود أولمرت رأى في استخدام القوة وسيلة لتنفيذ القرار 1559، وتقوية الحكومة في لبنان» برئاسة فؤاد السنيورة، بل إن أولمرت رأى في العملية العسكرية «فرصة استثنائية لتغيير القواعد في لبنان».
وفي السياق، أوضحت وزيرة الخارجية تسيبي ليفني أن «الهدف من الحملة كان دعم العملية التي ستجلب تغييراً أساسياً وطويل الأمد في الواقع السياسي، وخلق نظام في لبنان يكون مسؤولاً عن مناطقه الداخلية. ليفني ادّعت بأنه كلما ضرب الجيش الإسرائيلي حزب الله بشكل أقسى، أصبح تنفيذ القرار 1559 أسهل على الحكومة اللبنانية والعالم».
ولم يكن رأي العسكر في إسرائيل مختلفاً عن رأي المؤسسة السياسية، فرئيس شعبة العمليات في هيئة الأركان اللواء غادي ايزنكوت والمدير السابق للأبحاث في قسم الاستخبارات اللواء يوسي كربرفاسر «كانا مقتنعين بأن استخدام إسرائيل للقوة يمكن أن يغيّر المعادلة السياسية في لبنان».
أول امتدادات الحرب إقليمياً، بحسب إنبار، أنه «فقدت إسرائيل فرصة إزالة التهديد السوري المتمثل بالصواريخ الطويلة المدى»، بالرغم من أن قائد الموساد مئير داغان «اقترح، منذ اليوم الأول للحرب، أن يستهدف سلاح الجو الإسرائيلي مواقع سورية». وهكذا، أضاعت إسرائيل فرصة «حملة عسكرية ناجحة على سوريا كانت تضعف حزب الله، وتقوي أيضاً الحكومة اللبنانية، وتقلص التأثير الإيراني في المنطقة»، علماً بأن الباحث الإسرائيلي يعترف بأن مبدأ الحرب بين إسرائيل وحزب الله «لم يكن في مصلحة طهران المشغولة ببرنامجها النووي». كيفية إنهاء إسرائيل للحرب «زادت من فشلها. فالقرار 1701 سجّل لأول مرة في تاريخ إسرائيل أن القدس التمست قراراً للأمم المتحدة من أجل إنهاء حرب».
كذلك، كانت الخارجية الإسرائيلية تتوقع أن يكون لقوات الأمم المتحدة «قدرة عسكرية قوية تمكنها من السيطرة على منافذ الحدود اللبنانية ـــــ السورية، من أجل مساعدة الجيش اللبناني في الانتشار بصورة صحيحة، ومن أجل تنفيذ كامل للقرار 1559، ونزع سلاح حزب الله»، واقع أدى، من وجهة نظر الباحث الإسرائيلي، إلى نجاح حزب الله بـ«إعادة تعبئة نصف مخازنه من صواريخ قصيرة المدى وأسلحة خفيفة، بحلول شهر تشرين الثاني 2006».
الاستنتاجات
يختم إفراييم إنبار دراسته بجملة استنتاجات يلخص فيها التحضيرات الإسرائيلية والأهداف والنتائج بالقول إنه «عندما اندلعت الحرب في صيف 2006، تمتعت إسرائيل بتفوق عسكري ساحق وظروف سياسية مبشّرة. رغم ذلك، فإن حماقاتها الاستراتيجية وعيوبها العملياتية أظهرت تردداً وحرباً غير حاسمة. الجيش الإسرائيلي كان بإمكانه إدارة عدة هجمات جوية على حزب الله خلال الأيام القليلة الأولى للحرب أو بصورة متعاقبة، تدمير معظم الوجود العسكري لحزب الله في جنوب لبنان بغزو بري واسع. لكن إسرائيل أهدرت فرصة إرساء قواعد إقليمية جديدة. لقد تركت مساعي إيران الواضحة وغير المحصورة لتمديد النفوذ الشيعي في لبنان وتركت الاحتمالات الأولية لقيام سوريا بالتسبب للبنان بالأذى. مرونة حزب الله ضد القصف الإسرائيلي شجعته على الصمود في هجمات إسرائيلية مستقبلية، وفشل إسرائيل في تحقيق النجاح شجّع المتطرفين في المنطقة».
أما بالنسبة إلى الداخل الإسرائيلي، «فليس باستطاعة دولة قوية تحمُّل فشل مماثل، فقوة الجيش هي الضمانة لنجاة إسرائيل وسط جيرانها الخطرين».
أما بالنسبة إلى الثغرات التي كشفت عنها الحرب، فيمكن زيادة موازنة الدفاع وإطالة دورات التدريب وصناعة أسلحة أكثر تطوراً، لكن «من الصعب تصحيح العيوب في التفكير الاستراتيجي».
في الختام، يدعو إنبار القادة الإسرائيليين إلى «إدراك أخطائهم من أجل إحراز نصر مبين في جولة ثانية لا مفر منها في ضوء نتائج حرب تموز 2006».