غالب أبو مصلح *
مع بداية هذا القرن، بدأ العالم دخول مرحلة تاريخية شديدة الاضطراب والمخاطر. فقد كثرت الحروب، ونمت الصراعات في مناطق عديدة من العالم، كما ازدادت الاغتيالات السياسية وعمليات «الإرهاب»، رغم كل الإنفاق العسكري لكبحه، الذي بلغ في سنة 2005 حوالى 191 مليار دولار حسب دراسة اقتصادية لمؤسسة «HSRC» الأميركية.
وتتناقض هذه التطورات مع العديد من التنبؤات السابقة التي ظنت أن هذا القرن سيكون قرناً أميركياً بامتياز، يرضخ فيه العالم أجمع للهيمنة الأميركية المطلقة، ويسود فيه «سلم روماني» طويل الأمد. فبعد انهيار الاتحاد السوفياتي وانتهاء الحرب الباردة، خلت الساحة الدولية للإمبريالية الأميركية لفرض هيمنتها المطلقة على العالم كله، وخاصة على دول العالم الثالث التي استظلت المظلة السوفياتية للاحتماء من العدوانية الغربية، العسكرية والاقتصادية. وظن البعض أن العالم بتطوره قد وصل إلى نهاية التاريخ، وذلك بتعميم «الديموقراطية» الغربية ومبادئ الليبيرالية الاقتصادية الجديدة التي فازت عبر صراع أو منافسة شديدة امتدت أكثر من نصف قرن على مبادئ الاشتراكية العلمية ومعظم تجاربها في العالم. ومنذ انهيار الاتحاد السوفياتي، خرجت القيادات الأميركية على العالم بسلسلة من «المبادئ»، من مبدأ كارتر إلى مبدأ بوش الابن، المعبرة عن طموح الإمبريالية الأميركية وتطلعاتها العالمية. فقد طرح بوش الابن مبادئ الحروب الوقائية والاستباقية، ليضع حداً لطموح أية دولة ترغب في منافسة القطب الأميركي الأوحد، ولطموح أي شعب من شعوب العالم الثالث في الاستقلال الحقيقي وحماية ثرواته التي تحتاج إليها الولايات المتحدة وأتباعها من الدول الرأسمالية. كانت أنظار الولايات المتحدة تتركز على مصادر الطاقة، وأهمها النفط والغاز الطبيعي، ذات الأهمية الاستراتيجية الفائقة والمشرفة على النضوب. فقد نضبت أو كادت تنضب موارد النفط في الدول الغربية جميعاً، وأصبحت مكامن هذه الطاقة محصورة تقريباً في دول العالم الثالث وروسيا. وبما أن نمو الطلب على النفط يزيد على نمو إنتاجه، فإن آليات السوق الحرة أصبحت غير كافية لتأمين الطاقة بأسعار مناسبة للدول الصناعية، وأصبح من أهداف الإمبريالية الأميركية المهيمنة السيطرة على منابع النفط وطرق إمداده، لتحديد أسعاره بعيداً عن آليات السوق التي تبشر بها الليبيرالية الجديدة، وللإبقاء على هيمنتها وتحكمها بمعظم دول العالم عبر التحكم بأهم سلعة استراتيجية اقتصادية وأمنية.
قفز استهلاك النفط في العالم من 15 مليون برميل سنوياً في سنة 1955 إلى 82 مليون برميل سنة 2005، بزيادة قدرها 450%. وحتى اليوم استهلك أكثر من نصف النفط المقدر الموجود في الكرة الأرضية. وحسب معدلات الاستهلاك الراهنة ونمو الطلب على النفط في الدول النامية مثل الصين والهند، فإن الطلب سيتجاوز العرض، وسينعكس ذلك على الأسعار. ويعتقد عدد متزايد من الخبراء أن إنتاج النفط في العالم سيبلغ ذروته سنة 2015 تقريباً، ويبدأ بعد ذلك مرحلة هبوط، ما سيحدث صدمة اقتصادية عالمية، لا تستطيع الجهود المبذولة تأمين بدائل منه، مثل إنتاج الإيثانول واستخدام منابع الطاقة المتجددة، لتفاديها. وبالتالي، فإن قوى السوق بمفردها «لا يمكن الاعتماد عليها لتحقيق حاجات الطاقة الوطنية للولايات المتحدة، وعلى الدولة أن تضطلع بمسؤولية متزايدة لتأمين هذا الدور»، حسب استنتاجات «السياسة الوطنية للطاقة» التي تبنتها إدارة بوش في 17 أيار 2001.
لم يكن بوش أول رئيس أميركي يسخِّر القوة العسكرية الأميركية للسيطرة على مصادر النفط وحماية شبكة إمداداته في العالم. فقد وضع هذه السياسة الرئيس كارتر في كانون الثاني 1980، إذ وصف تدفق النفط من منطقة الخليج كـ«مصلحة حياتية للولايات المتحدة»، وشدد على أن الولايات المتحدة ستستعمل «أية وسائل ضرورية، بما فيها القوة العسكرية»، لتأمين تدفقه. وسمي ذلك «مبدأ كارتر». ومن أجل تأمين هذه المهمة، أنشأ كارتر قيادة عسكرية جديدة، تضم قواعد عسكرية أميركية عدة من أجل فرض هيمنتها على الشرق الأوسط، وفي سنة 1983 أطلق ريغان على هذه القيادة اسم «القيادة المركزية الوسطى» CENTCOM، تشرف على كل القوات الأميركية الموجودة في المنطقة الممتدة من أفغانستان إلى الخليج العربي إلى القرن الأفريقي. وتم توسيع مبدأ كارتر ليشمل جميع المناطق الأساسية المنتجة للنفط في دول العالم الثالث. في سنة 2000، وفي تقرير تحت اسم «الجغرافيا السياسية للطاقة» وضعه «مركز الدراسات الاستراتيجية والعالمية ــــــ واشنطن»، قال التقرير: «بما أن الولايات المتحدة وحلفاءها يزداد اعتمادهم على إمدادات الطاقة من مناطق مضطربة في دول العالم الثالث، فإن المخاطر الجغرافية السياسية المرتبطة بالحصول على الطاقة، ليست مرشحة للتراجع، (ولذلك) إن الولايات المتحدة، بوصفها القوة العظمى العالمية الوحيدة، عليها قبول مسؤوليتها الخاصة في الحفاظ على الوصول إلى مصادر الطاقة في العالم».
ووسع الرئيس كلينتون تطبيق مبدأ كارتر ليشمل منطقة بحر قزوين، مشيراً إلى أن تدفق النفط والغاز من بحر قزوين إلى الغرب «أولوية أمنية أميركية». فأقام كلينتون علاقات عسكرية مع العديد من دول أواسط آسيا. كما وسع الرئيس بوش مبدأ كارتر إلى غرب أفريقيا، مشيراً إلى أن قطع إمدادات النفط من نيجيريا يمثل «ضربة أساسية لأمن النفط الاستراتيجي الأميركي». كما أن الولايات المتحدة تستهلك ربع إنتاج النفط في العالم، واستهلك البنتاغون وحده 134 مليون برميل من النفط في عام 2005. أصبحت سياسة السيطرة على مصادر النفط والغاز الطبيعي وطرق إمداده البحرية والبرية أولوية استراتيجية وأمنية، ليس لتأمين مصادر الطاقة للولايات المتحدة وأتباعها من الدول الصناعية فقط، بل للإمساك بعنان هذه الدول وفرض هيمنتها الإمبريالية على العالم. ويمكن رؤية المصالح النفطية وراء جميع الحروب العدوانية التي تشنها الولايات المتحدة، ووراء استهدافات الولايات المتحدة للعديد من دول العالم بالحصار الاقتصادي والمالي، وبالاتهام بإيوائها للإرهاب، وبانتهاك حقوق الإنسان. كما تعمد الولايات المتحدة إلى إذكاء الصراعات المذهبية والطائفية والإثنية والعشائرية عند مكامن النفط، كما هو الحال في العراق وأفغانستان والسودان والصومال وتشاد وغيرها من دول العالم الثالث، حيث هناك احتياطات من النفط والغاز الطبيعي، بغية تقويض أمن هذه الدول وتفتيت كياناتها أو إضعافها لتسهل السيطرة عليها.
لكن هل تستطيع الولايات المتحدة فرض هيمنتها واستبدادها واستغلالها لثروات شعوب دول العالم الثالث؟ هل تستطيع أن تمنع ظهور أقطاب عالميين جدد يسقطون أحادية القطبية الدولية؟ هل تستطيع جعل القرن الحالي قرناً أميركياً بامتياز؟
ظن قادة الولايات المتحدة أن انهيار وتشظي الاتحاد السوفياتي وانفتاح الصين على العالم تجارياً واقتصادياً وسياسياً وإعطاءها الأولوية المطلقة للنمو الاقتصادي، كشف دول العالم الثالث وحركات التحرر فيه للقوة العسكرية الأميركية القادرة على خوض حروب متعددة في آن واحد، وإلحاق هزيمة ساحقة بأية دولة في العالم ترفض الخضوع لإملاءاتها، وإعادتها إلى العصر الحجري كما توعد بوش، من دون وقوع خسائر بشرية تذكر في صفوف الجيش الأميركي. فالتطور العلمي والتقني الذي قادته الأبحاث العسكرية في أميركا، خلق أجيالاً من الأسلحة المتطورة والقنابل الذكية الفائقة الدقة والقدرة التدميرية، التي يمكن إطلاقها من بعيد، من البوارج وحاملات الطائرات في أعماق البحار كما من الأرض الأميركية، لتدمر أي هدف حول العالم. وولَّدت الأحادية القطبية عند القيادة الأميركية وهماً بالقوة المطلقة التي لا تقاوم، وكانت الأولوية في تطبيق هذه الأوهام ساحة المشرق العربي بشكل خاص، ومنطقة الشرق الأوسط الكبير بشكل عام حسب التعبير الأميركي.
يقول باتريك سيل: «كان المحافظون الجدد متأثرين بوهم جيوسياسي، أسرى لمفهوم تولد عندهم، يتخيلون أن إسقاط صدام حسين سيشعل ثورة سياسية على امتداد الوطن العربي، وسيقضي على الراديكالية الإسلامية والقومية العربية والحراك الفلسطيني، ويجعل المنطقة بكاملها موالية للولايات المتحدة وإسرائيل. لكن هذا الحلم تلاشى، وإن كان لا يزال يشكل خطراً، ولا يجوز التقليل من أهميته». وكانت وزارة الدفاع الأميركية قد أصدرت في عام 2002 مذكرة تصف فيها كيف ستجهز على سبع دول خلال خمس سنوات، تبدأ بالعراق ثم سوريا مروراً بلبنان وليبيا والصومال والسودان، وتنتهي بإيران، حسب ما قاله الأمين العام السابق لحلف شمال الأطلسي، الجنرال المتقاعد ويسلي كلارك. لكن سرعان ما تبين أن تقديرات الولايات المتحدة لتداعيات احتلالها للعراق، وتقديرها لقدراتها العسكرية في الإجهاز على ست دول عربية وعلى إيران خلال خمس سنوات كان مجرد وهم وأضغاث أحلام. فالهجمة الإمبريالية الصهيونية التي قادتها الولايات المتحدة تعثرت وانهارت أمام المقاومات الشعبية العربية، لا أمام الأنظمة العربية الموالية لها والساعية إلى الاستسلام أمام إسرائيل. ولتبيان مدى المأزق الذي وصلت إليه الإمبريالية الأميركية في العراق، يكفي إلقاء نظرة سريعة على اشتداد المعارضات الشعبية والرسمية الأميركية للحرب على العراق. فجميع استطلاعات الرأي هناك تشير إلى أن أكثرية الشعب الأميركي تطالب بالخروج الفوري للقوات العسكرية الأميركية من العراق، وأن أكثرية مجلس الشيوخ والنواب تطالب بوضع برنامج لانسحاب القوات الأميركية من العراق في مدى أقصاه أيلول 2008، بالرغم من تشبث البيت الأبيض بالبقاء في الفخ العراقي، واستعداده لاستعماله حق النقض في تعطيل قرار الكونغرس.
لم يجدِ نفعاً إصرار بعض القادة اليمينيين على البقاء في الفخ العراقي. ولتبيان أسباب هذا العناد والتشبث، ولتغيير المواقف الشعبية والرسمية المتصاعدة، المطالبة بالخروج السريع من هذا الفخ، كتب وزير الخارجية الأسبق، هنري كيسنجر، مهولاً من مخاطر الانسحاب من العراق على أمن الولايات المتحدة وأتباعها من الدول قائلاً:
«إذا فشل الأميركيون في تحقيق أهدافهم الفورية، وإذا انبثقت المعسكرات الإرهابية أو الأنظمة الإرهابية من المستنقع العراقي، مدعومة بثرواتها النفطية الضخمة، فلن تكون أي دولة بهذا الكم من المسلمين قادرة على الإفلات من النتائج، وإن التهديد يمكن أن يمتد إلى الدول الأوروبية الغربية ذات الجاليات المسلمة...».
ولكن دراسة أميركية ــــــ بريطانية تحت عنوان «التأثير العراقي» كتبها بول كروكشانك وبيتر بيرغن تقول: «إن حرب العراق أنتجت زيادة سنوية مذهلة بنسبة سبعة أضعاف في ضحايا الهجمات «الإرهابية» الجهادية... حتى إذا استثنينا العمليات «الإرهابية» في أفغانستان والعراق، فإن هناك زيادة بنسبة الثلث في «الإرهاب» في بقية أنحاء العالم». أي إن حرب أميركا على الإرهاب وغزوها للعراق لم يؤدِّ إلى هزيمة «الإرهاب الدولي» وإضعافه، بل إلى تقويته وانتشاره.
إن معظم السياسيين الغربيين وقادة الرأي، وكبار العسكريين لهم رأي آخر. ففي اجتماع نادي موناكو عند بداية شهر آذار، أكد معظم المشاركين أنه لا يمكن أن يتحقق السلام في الشرق الأوسط إلا إذا اعترفت الولايات المتحدة بهزيمتها في العراق، وأن عليها أن تغادر هذا البلد فوراً. وهناك قناعة لدى جميع المؤتمرين بأن هجوم الولايات المتحدة على إيران سيكون ضرب جنون، إذ إنه سيشعل المنطقة بكاملها، وسيوقف تدفق النفط، وسيغرق العالم الصناعي في الركود الاقتصادي، وسيعطي دفعاً جديداً لـ«الإرهاب». ويعتقد أعضاء فريق من ضباط النخبة، الذين يقدمون المشورة لقائد القوات الأميركية الجديد في العراق، الجنرال ديفد بيترايوس، وفق تقرير في صحيفة «ذي غارديان» البريطانية بتاريخ 1ــــــ3ــــــ2007، أن وضع القوات الأميركية في العراق أصبح حرجاً جداً: «استنتجنا، بعد مشاورات ودراسات، أن أمامهم ستة أشهر لتحقيق نصر في الحرب في العراق، أو مواجهة انهيار فيتنامي الطراز، يرغم العسكريين على انسحاب مفاجئ».
وواضح لمعظم المراقبين أن تحقيق النصر بالنسبة إلى أميركا وأتباعها أصبح أمراً# مستحيلاً في العراق. لم يبق أمام الأميركي إلا الهزيمة والاندحار. لكن أصحاب الرؤوس الحامية لا يستفيدون عادة من دروس التاريخ، من تاريخ الإمبراطوريات السابقة التي انهارت وهوت بسبب توسيع مغامراتها إلى أكثر مما تتحمله مواردها الاقتصادية والبشرية، لقصور إمكاناتها عن طموحاتها وأطماعها، ولعدم قدرتها على فهم المتغيرات العالمية والدولية. إن القيادة الأميركية الحالية نسيت حرب فيتنام ورهاناتها الخاسرة هناك. نسيت كيف دخلت الحرب ووسعت نطاقها بذرائع كاذبة، كما فعلت في العراق، وكيف حاولت وضع مسؤولية هزيمتها على تدخلات دول الجوار، وظنت أن الانتصار في فيتنام يعتمد على غزو دول هذا الجوار، فشنت حربها المدمرة على فيتنام الشمالية وكمبوديا، كما تتجه الآن لتحميل كل من سوريا وإيران مسؤولية هزيمتها في العراق. وكما دفعت إسرائيل لشن حرب تموز على لبنان لإحكام قبضتها عليه واستعماله للضغط على سوريا وإسقاط نظامها، أو كمقدمة لاجتياح سوريا ثم اجتياح إيران، ظناً منها أن طريق الانتصار على بغداد تمر عبر بيروت ودمشق وطهران. لم تتعلم أميركا من دروس فيتنام التي تقول إن توسيع إطار الحرب يعجل بالهزيمة ولا يأتي بالنصر. ويبقى احتمال شن هجمات أميركية إسرائيلية مدمرة على إيران، على بنيتها التحتية عامة، وعلى المراكز النووية فيها، الحقيقية والمفترضة، احتمالاً قائماً ولو أنها تتراجع باستمرار نتيجة تعمق المأزق الأميركي في العراق، وما يثيره ذلك من ارتدادات سياسية واقتصادية في الداخل الأميركي.
فحرب أميركا في العراق أحدثت حتى الآن متغيرات عديدة على الصعيد العالمي، وهي بالتالي، من حيث كلفتها المادية والبشرية، ومن حيث تأثيراتها على الداخل الأميركي وعلى العالم، تفوق آثارها بكثير ما أحدثته حرب فيتنام. فالكلفة المادية للحرب على العراق تجاوزت بقيمتها الحقيقية، بدولارات الستينيات، مجمل كلفة الحرب الفيتنامية، فقاربت 700 مليار دولار. أما كلفتها المباشرة وغير المباشرة، فربما قاربت تريليوني دولار أميركي، وهذا مبلغ لا يستطيع الاقتصاد الأميركي تحمله بسهولة. أما الكلفة السياسية فيصعب تقديرها.
لم يكن بإمكان دول أميركا اللاتينية وشعوبها الإفلات من الهيمنة الأميركية لولا وقوع أميركا في الفخ العراقي. وإفلات أميركا اللاتينية من هذه الهيمنة هو في حقيقته إسقاط لـ«مبدأ مونرو»، الذي شكل أحد الثوابت الأساسية في السياسة الخارجية الأميركية، والذي جعل من أميركا اللاتينية الحديقة الخلفية للولايات المتحدة، وجعل من شعوبها الضحية الأولى لهذه الإمبريالية. كما أن إفلات كوريا الشمالية من العدوانية الأميركية، ونجاحها في تجربة قنبلتها النووية، كان نتيجة وقوع أميركا في الفخ العراقي. إن آثار هذه الحرب ستكون كبيرة جداً على الوطن العربي ودول الشرق الأوسط. فهذه الحرب بتداعياتها وإيحاءاتها وعلاقتها العضوية بانتصارات المقاومة الإسلامية اللبنانية والمقاومة العراقية، تؤسس لواقع عربي جديد، لا مكان فيه للهيمنة الإمبريالية الصهيونية وسياسات الاستتباع للمراكز الرأسمالية الغربية الأكثر تطوراً. نتيجة ذلك، تسعى الولايات المتحدة للاستغناء مستقبلاً عن نفط الشرق الأوسط حيث مكامن النفط الأكبر في العالم، وتتجه نحو القارة الأفريقية، حيث البنية الطائفية والقبلية، وحيث المعدلات الأكثر ارتفاعاً للفقر المدقع، تتيح المجال لإذكاء الصراعات الطائفية والقبلية، ولتفسيخ الدول الكبيرة فيها، بغية إحكام الهيمنة الأميركية وممارسة أشد أنواع الاستغلال والاستنزاف لشعوبها.
* كاتب لبناني