تهميش صلاحيات رئاسة الجمهوريةوسام لحام

بلغت المخالفات الدستورية لحكومة الأكثرية المزعومة حداً لا يمكن تخيله، حتى في الأحلام. فبعيداً عن البحث في إشكالية شرعية هذه الحكومة أو عدمها بسبب استقالة وزراء طائفة بأكملها ــــــ لأن هذا الموضوع يحتمل التأويل والاجتهاد ــــــ نلاحظ أن الحكومة تمعن في خرق الدستور بشكل سافر ومتعمد لا يمكن تفسيره إلا برغبة هذه السلطة العمياء بالهيمنة والاستئثار بالحكم. وآخر مآثر الحكومة هو مخالفتها الفاضحة والعلنية للمادة 52 من الدستور لدرجة يظن فيها المرء أن هذه المادة لا يمكن أن توجد إلا في دستور دولة أخرى وليس في لبنان.
فالمادة 52 تنص صراحة على أن «رئيس الجمهورية يتولى المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية وإبرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومة.
ولا تصبح مبرمة إلا بعد موافقة مجلس الوزراء» . فالمهم في هذا النص ليس المفاوضات بحد ذاتها، فنادراً ما يتولى رئيس الجمهورية هذا الموضوع بنفسه، لأن عمل المفاوضة يقتصر على الناحية التقنية فقط، وبالتالي فإن رئيس الجمهورية قد لا يكون ملماً بجميع الــــــــــــتفاصيل أو بالمعرفة اللازمة التي تخوله مباشرة هــــــــــذه الصلاحية.
لكن بعد إتمام عملية المفاوضة بين الجهات المختصة، يخضع مشروع المعاهدة لتقدير رئيس الجمهورية من الناحية السياسية، ومدى ملائمة هذا الأخير ومناسبته مــــــــــع الواقع السياسي السائد في البلاد.
لذلك يتمتع رئيس الجمهورية بسلطة استنسابية تتيح له القبول بإبرام المعاهدة أو رفض هذا الإبرام لأي سبب كان. وبعد أن تنال المعاهدة موافقة رئيس الجمهورية الصريحة، يحيلها هذا الأخير بالاتفاق مع رئيس الحكومة على مجلس الوزراء الذي تنحصر صلاحيته بإبداء الموافقة أو عدمها، وليس له إدخال أي تعديل عليها دون موافقة رئيسي الجمهورية والحكومة. وبعد إقرار المعاهدة في مجلس الوزراء على رئيس الجمهورية أن يوقعها خلال خمسة عشر يوماً من إحالتها عليه.
وهذا الشرط الأخير يأتي في نهاية المطاف ولا يمكن إلزام رئيس الجمهورية بمهلة معينة في حال عدم احترام الآلية السابقة لدخول هذا الشرط حيّز التنفيذ. وما يؤكد هذا الأمر هو أن العرف والاجتهاد قد استقرا على اعتبار أن المعاهدات هي أعمال حكومية لا تخضع لرقابة القضاء الإداري نظراً لطابعها السياسي.
وبالتالي نجزم بأن ما اقترفته الحكومة هو هرطقة دستورية تهدد صلاحيات رئيسي الجمهورية والحكومة على السواء، فما الذي يمنع في المستقبل أن يحيل رئيس الجمهورية معاهدة على مجلس الوزراء من دون موافقة رئيس مجلس الوزراء؟ سؤال في عهدة الأكثرية المزعومة.


دستوري وشرعي!
عبد الفتاح خطاب

هل يدرك السياسيون المتصارعون أبعاد المعمعة والشوشرة التي يتسببون فيها عبر سجالهم وتقاذفهم تعابير الحكومة «اللادستورية واللاشرعية» والمجلس النيابي «المخطوف» ورئيس الجمهورية «الممدد له قسراً» ونشر المراسيم والقوانين والتعاميم في الجريدة الرسمية بصفة «نافذ حكماً».
وهل يدركون تأثير هذا في مصالح الناس والمستثمرين والرأي العام في الخارج؟ وهل يدركون الأبعاد القانونية للمراسيم والقرارات والمستندات التي تصدر أخيراً عن الدوائر الرسمية؟
لقد سبّب هذا لي شخصياً قلقاً عارماً لم يتبدد إلا بعدما دقّقت وعاينت جميع المستندات والبطاقات الرسمية الموجودة في حوزتي ووجدت أنها صدرت جميعها في «زمن الرضا»، وبهذا أكون وعائلتي دستوريين وشرعيين!