القومية اللبنانية
  • علي الأطرش

    لبنان لا يحكم نفسه بنفسه هذا صحيح، لبنان لا يستمر بدون وصاية هذا صحيح، فليس هناك فكرة عن الانتماء أو وجود للانتماء، ولا رابط بين كافة طوائفه يوحده، والأخطر من ذلك وهو السبب الرئيسي لعدم قيام وطن، هو هذه الطبقة السياسية التي حكمته منذ استقلاله ولم تتغير، والتي ورثت ممارسة الفساد وحب السلطة ومتراس الطائفية، والغباء السياسي والولاء للخارج، فحصل التراكم السلبي، فجرّوا الشعب وراءهم ووضعوه في خانة واحدة وبدون احتمالات، انها خانة الطائفية والولاء لزعيم الطائفة والحزب، فمتى شاؤوا اعلنوا الحرب فلهم القرار، وبالتالي لا ارادياً سيتبعهم الشعب بذريعة الحماية التي هي ملاذهم الوحيد. لقد قسموه ـــ اي الزعماء ـــ مثل قطعة جبن وخلقوا الاختلاف والعداء ضمن البيت او العائلة الواحدة، ونمّوا الكراهية الى أن نضجت وبات صعباً استئصالها. اصبح هناك طائفية ومذهبية ومناطقية وخلافات، وعداء حزبي وديني وإعلامي واقتصادي...
    يستحيل حصول الاستقرار في لبنان، وبالتالي نشوء وطن موحد، لقد فات الأوان على ذلك.
    اصبحت الذاكرة مليئة بالأحقاد والعداء، وإن حصل استقرار فإنه كالزبد لا يلبث أن يختفي.
    لقد نمّوا في العائلة اللبنانية والمجتمع اللبناني غريزة البقاء، وقدّسوها وكرّسوا شريعة الهيمنة والسيطرة بين الطوائف فنشأ سرطان لا يشفى منه.
    سيبقى هناك حروب دائمة في لبنان ولا استقرار، والأسباب:
    1 ـــ صعوبة، بل استحالة، إبعاد كل حكامه التقليديين وبالتالي أحزابهم وامتداداتها في المؤسسات والبلديات والبرلمان.
    2 ـــ لا رباط او روابط تصلح لكي تكون دعامات وأساسات لتوحيد اللبنانيين.
    3 ـــ المصالح الدائمة للخارج في لبنان، مما يؤدي الى اضطرابات دائمة.
    4 ـــ حدوده القريبة من (اسرائيل) التي تمثّل تهديداً دائماً.
    لم ولن تنجح اي فكرة او افكار علمانية كانت او دينية لرأب الصدع في بنيان المجتمع اللبناني.
    لقد فشلت الاشتراكية والشيوعية والقومية العربية والاحزاب الاسلامية والمسيحية والجمعيات المدنية والمؤسسات الاهلية، في توحيد لبنان وبالتالي إيجاد الانتماء الذي لم يحصل.
    لن ينجح اي حوار او تسوية مهما كانت، فالانقسام كبير جداً، ولكن...
    سيكون هناك سبب واحد لتوحيد اللبنانيين وبناء الدعامات والاساسات.
    اليوم سيكون هناك رادع سيعيد الاستقرار ويحميه.
    اليوم سيكون هناك رابط قوي يجمع اللبنانيين ويوجد الانتماء ويصنع وطناً.
    القومية اللبنانية:
    ان لم يتفق اللبنانيون على شيء يوحدهم، فهذا لأنهم لم يفتشوا جيداً، فما الذي سيربط اللبنانيين ويوحدهم ويكون دعامة وبنياناً لاستقرارهم وبالتالي إيجاد وطن ذي انتماء تام.
    ان اقوى رابط سيوحد اللبنانيين هو التراكم المتعدد الجوانب، كل الشعب اللبناني يشترك ووقع عليه التراكم من شماله الى جنوبه ومن بقاعه الى ساحله، ووصل الى ذروة التراكم الايجابي النوع.
    ان تراكم التراكم سيدعو الى التطور والتقدم بلا شك، إذن سيربط اللبنانيين رابط التقدم والتطور.
    ان حصل استقرار (حسب شروط القومية اللبنانية) في لبنان فسيربط اللبنانيين اقوى رابط على الاطلاق وهو التفوق.
    والتفوق على كل الشعوب بدون استثناء وفي مختلف المجالات الفكرية والاقتصادية والسياسية والابداعية وحتى العسكرية...
    اذا جمعنا هذه الروابط كلها وعملنا على نموها واستمرارها ـــ وهذا سيأخذ وقتاً ـــ فإننا سنحصل على القوة.