أي لبنان نريد؟محمد قانصو

الوطن ليس أرضاً خاصة أو سماء خاصة، الوطن هو قيمة إنسانية نبيلة، والمواطنية قيمة أخلاقية عالية، ونموذج راق من العلاقات الإنسانية والاجتماعية تحدد أطرها قوانين وضعية وأسس اجتماعية يغلب عليها الطابع الحضاري مع مراعاة الظروف الخاصة والتركيبة الاجتماعية والدينية لكل أطياف المجتمع المكوّن لأسسه بما يحفظ خصوصية أفراده في بوتقة الانصهار الوطني العام، فيكون الفرد للكل والكل للوطن.
وفي ظل الأزمة السياسية والاجتماعية التي تعصف بلبنان من البديهي أن نطرح على أنفسنا ونخاطب عقولها وضمائرنا، أي لبنان نريد؟ وعلى أية أسس نبني مداميك مستقبل هذا الوطن الذي تعصف به رياض السياسات الداخلية والخارجية؟ وأي انتماء هذا الذي ندعيه؟ وأي حب نحمله في قلوبنا تجاه الوطن؟ وطن نستودعه أمانة في أعناق أولادنا والأجيال الناشئة؟ أهو وطن المقاومة أم وطن المزرعة؟ أم وطن أولئك السياسيين الذين تتبدل مواقفهم بسرعة أكثر من سرعة تبديل الحرباء للون جلدها! ولماذا نحمّل وزر مشاكلنا للخارج دوماً للأشقاء قبل الغرباء؟ ولماذا نشرّع نوافذنا بوجه الريح القادمة إلينا من كل اتجاه؟ ولماذا لا نميز بين الشقيق والعدو؟ بين الأخ والناصح، والعدو صاحب المنفعة الذي لا يعنيه من أمرنا سوى المصلحة ولا يمت إلى أخلاقياتنا وأدبياتنا بشيء، همه الأول مصلحة عدونا الأول إسرائيل حتى قبل مصلحته، لماذا لا نقف أمام ضمائرنا ونفكر بعقولنا لا بآذاننا ونكون صادقين في كل أمورنا مع أنفسنا ومع إخوتنا في المواطنية والعالم كله، لماذا لا نصغي بكل جوارحنا لقول الخليفة عمر بن الخطاب: (ازرع الصدق والرصانة تحصد الثقة والأمانة). حتى عدونا الإسرائيلي شهد بصدق قائد مقاومتنا وقال: «إن هذا الرجل لا يكذب..»، وهو حقاً بكل جوارحه صادق وأمين على الأرض والعرض والوطن وحافظ لأمانة دماء الشهداء، يؤازره رئيس نبيه وفيّ أمين. لماذا لا نرجع إلى لغة العقل والمحبة في ما بيننا ونتأسّى بقول رسول المحبة والسلام عيسى بن مريم (ع): (كن يا هذا كالشمس المشرقة التي تشرق على البرّ والفاجر). لبنان الذي نريده لبنان واحد محصن بالشرف والعزة والعنفوان، لبنان الذي يفدي فيه المسلم أخاه المسيحي بدمه وماله وأغلى ما يملك. لبنان الذي يكون فيه المسيحي سنداً وعضداً لأخيه المسلم كأنهم جسد واحد وقلب واحد، كما يقول الإمام قبلان: (إن قدرنا أن يتناغم صوت المؤذن في مساجدنا مع قرع أجراس كنائسنا) لنفتح قلوبنا بعضنا لبعض ونشرّع نوافذ قلوبنا للمحبة والتسامح من أجل غد أطفالنا لنمنحهم مستقبلاً واعداً، لنقف مع شعبنا ومقاومتنا وجيشنا وقيادته الحكيمة.


«ألف ليلة وحلّ»
علي محمد محيدله


يختلف اللبنانيون على موضوعين أساسيين (يظهرون ذلك) هما الحكم والمحكمة. لنبدأ بمأزق الحكم: نقترب من اليوم الألف لتمديد ولاية رئيس الجمهورية العماد إميل لحود، في ظل تصارع مطلبين أولهما لفريق السلطة يقضي بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة والثاني للمعارضة وهو إجراء انتخابات نيابية مبكرة، ما الحل؟ الحل يجب أن يقدمه رجل الدولة، رئيس مجلس النواب نبيه برّي: إجراء انتخابات رئاسية مبكرة لكن بانتخابه مباشرة من الشعب بعد تعديل الدستور (لمرة واحدة فقط)، وبالتأكيد يحصر الترشح بالموارنة، فيكون هذا الطرح نقطة تلاق بين مطلبين، ثم تؤلف حكومة كالتي ألفها الرئيس ميقاتي تمهد لانتخابات نيابية مبكرة. أما المعضلة الثانية فتكمن في المحكمة ذات الطابع الدولي، لنتوقف قليلاً عند العداد الموضوع مقابل برج المر، فهو لا يمكن أن يصل إلى الرقم ألف لأنه من ثلاثة أحرف، ماذا سيحدث عندما تصبح أصفاراً؟ هل ينفجر العداد؟؟؟ أم ستقتل شهرزاد شهريار؟ هناك إجماع لبناني على ضرورة كشف قتلة الرئيس رفيق الحريري وإنزال أشد العقوبات بهم، لكن ما هدف فريق السلطة؟ معاقبة الجناة أم الانتقام من سوريا ومن ورائه خدمة المشروع الأميركي بضرب حركات المقاومة الشريفة والدول الممانعة؟ من يرد العدالة لا يأتمر بمن يغير وجهه عندما تقتضي مصلحة مشروعه ذلك، ولا يبارك من أدين باغتيال الرئيس الشهيد رشيد كرامي! نأمل من اللّه أن يهدي عقول السياديين الجدد وأن يلتزموا سؤال المجرب لا أن يستسلموا «للحكيم»!