الحقيقة واحدةرشا شوقي المستراح

أحبائي وإخواني...
أحبائي ليُعرني الانتباه هؤلاء الذين أحبوا أغنية جوليا بطرس الأخيرة المستوحاة من رسالة السيد حسن نصر الله إلى المقاومين.
وأيضاً إخواني مناصري الرئيسين فؤاد السنيورة وسعد الحريري.
أحبائي وإخواني وقد بتم واضحين متفاخرين بانتمائكم الى 14 آذار أو الى 8 منه رافعين شعار الجيش اللبناني الرائع المبتكر في الذكرى الأخيرة للاستقلال، ألفت انتباهكم إلى أن 14+8 =22 ذكرى نيل الاستقلال اللبناني.
وإذا اخترتم الانقسام فإنما في الحقيقة أنتم جميعاً لبنانيون ومتشددون بلبنانيتكم التي هي براء من معظمنا.
لكن إذا كان هناك ما يجمعنا، ويا للعار، فهو هذا التعصب الأعمى الكامن فينا الذي جعل أحدنا يعادي الآخر ليصبح الشُّباطيّ عدوّ الكانوني الأول، والكانوني الأول عدوه الشباطي.
لنتساءل من الذي جعل أحدنا يستبيح دم الآخر هل هو السياسي اللامع والزعيم والقائد الذي استباح دم شعبه كله لغايات منها وللأسف قد يصل الى حد الدناءة البحتة، إذ لم نعد فقط برسم أهواء عقيدة قد تكون في بعض الأحيان عمياء تجر وراءها أحقاداً وأحقاداً بل تصل الدناءة الى أن يكون المبتغى ملء الجيوب، بل الخزائن الثقيلة.
زعماؤنا وقادتنا استباحوا دماءنا ويا لعارنا واستخدموا الإعلام الذي يفترض به أن يكون راقياً وأن لا يكون الوسيلة لحقننا وإثارة نعراتنا الطائفية، وفيما تنكر بعضنا لله عز وجل مرات عدة، لم يتنكر مرة لدناءة حزبه او طائفته وميولها لتكون هي المستأثرة بالجاه والمال والسلطة والعنجهية.
انقلبت جميع المقاييس فأصبحت الوسائل الإعلامية، حتى العريقة منها تقر بأنها نعم، ليست موضوعية لتصبح متراساً معداً لقذف الآخر وتـــــــــــــــعريته ولتنتزع منا أفــــــــــــئدتنا وعقولنا، تنتزع أفئدتنا عندما نرى إحداها تسمي لبنانيَين قتلا في أرض لبنانية واحدهما شهيداً والآخر قتيلاً، وتستبعد حقيقة أنهما ليسا شهيدين ولا قتــــــــــيلين بل هما ضحيتان لدناءة وعناد وتشبث برأي زعمائنا....
نشاهد الوسائل الإعلامية تقول: هذا قال فردّ، أما هذا فصد ومعّن لتصبح كل منها مدينة للأخرى كولدين صغيرين عنيدين يريد كلاهما اللعبة ذاتها ولا يتوقّفان قبل أن تقوم الأم برميها أو تكسيرها ليحضن بعضهما بعضاً متواسيين، وهكذا حال فريقين متصارعين لكن هــــــــــــذه المرة على وطننا الحبيب لبنان، وقد يقرر عمرو موسى على أثر فشل مساعيه المستمرة أن يشنق نفسه على شاكلة «قاضي الأولاد شنق حالو»، ثم نواسي بعضنا بعضاً لفقدنا لبناننا الحبيب.
كم تدنت أخلاقنا عندما استنكرنا أن يقتل يهودي لبنانياً منّا ولم نعد نستنكر أن يقتل أحدنا الآخر مع أن «ظلم ذوي القربى أشد مضاضةً».
أحبائي وإخواني إن الساتلايت الذي اقتنيتموه في بيوتكم لتشاهدوا وسائل إعلام من مختلف أقطار العالم لم يعد بوسعه أن يتحمل محطتين اعـــــــــــلاميتين شنتا حرباً بغيضة بعضهما على بعض، مع أننا كنا نشاهد التلفزيون الإسرائيلي في بعض الأحيان لنستشف رأيه، لكن الشباطي لم يعد يحتمل المحطة الناطقة باسم الكانوني وقام بإلغائها من قائمة شاشاته والآخر الكانوني فعل المثل.
أحبائي وإخواني، لم لا توقفونهما عن اغتيال عقولنا ولنسمع للاثنين معاً، لترشدنا عقولنا إلى إدراك الحقيقة الواحدة، لا بما صاغوه لنا لجرّنا إلى مستنقع التعصّب.
وهما إن تناولا الحدث ذاته بطريقة جد مختلفة فالحقيقة واضحة: سياسي يكذب ويكذب ليملأ خزائنه ومواطن يدفع دمه ويموت، ولبنان وطن يُحتضر ونحن فقط لسنا إلا عميان البصر والبصيرة....