حق إيران بالطاقة النووية
  • علاء رضا أباريان

    لم تهدأ يوماً ثائرة الإعلام الغربي حول البرنامج النووي الإيراني الذي شكل العديد من الأسئلة، وخصوصاً المتعلق منها بتنظيم قواعد القانون الدولي للطاقة النووية، حيث يتهم جزء بسيط من المجتمع الدولي إيران بالسعي لامتلاك تكنولوجيا نووية لأغراض عسكرية وبعدم تعاونها مع «المجتمع الدولي» في ما خصّ برنامجها النووي، وللتذكير فقط فإن مرشد الثورة الإسلامية كان قد حرّم في وقت سابق امتلاك الأسلحة النووية نظراً إلى تنافيها مع مبادئ قيام الثورة والدين ومخاطرها الكبيرة على المنطقة، فالطاقة النووية هي الخير كله عندما تستخدم في الأغراض السلمية، لا بل أصبحت مطلباً أساسياً لكل دولة في هذا القرن لكونها حصناً منيعاً للاقتصاد القومي.
    إن استخدام الطاقة النووية سلمياً أصبح محل بحث دولي وخصوصاً دول العالم الثالث التي يرتكز اقتصادها على المحروقات التي هي ثروة نافدة، إضافة الى أن أسعارها غير مستقرة، إذ لا يمكن أي دولة أن تحصّن إمكانياتها القومية من دون الالتجاء إلى مجال الطاقة النووية باعتباره سلاح القرن الواحد والعشرين... طبعاً في الأغراض السلمية.
    ويكفي أن نشير هنا الى أن طاقة احتراق طن واحد من الوقود النووي (الذرّي) تعادل ما يتولّد عن احتراق 20 مليون طن من الفحم حسب الدراسات الحديثة القانونية. وهذا ما جعل دولة مثل الولايات المتحدة الأميركية تعتمد في ما يقارب 45% من احتياجاتها الكهربائية على الطاقة النووية وهي نسبة قابلة للزيادة في المستقبل.
    وكذلك يمكن استخدام الطاقة النووية في تحلية مياه البحر وإصلاح مياه الصرف، ويمكن استخدامها أيضاً في مجال الطب النووي والتصوير الإشعاعي، بالإضافة الى بعض المواد الأخرى، هذه أمثلة فقط للاستخدامات العلمية للطاقة النووية.
    وبفضل هذه الفوائد الكبيرة للطاقة النووية، فقد نص النظام الأساسي للوكالة الدولية للطاقة الذرية على ان تقوم الوكالة بتشجيع بحث استخدام الطاقة النووية وتيسيره في الأغراض السلمية وتنمية هذا الاستخدام وتطبيقه العملي، وأن تُحفّز تبادل المعلومات العلمية والفنية ذات الصلة، وأن تسهم في تدريب العلماء والخبراء في هذا الخصوص.
    وهذا مما حدا دولاً كثيرة في العالم على ان تقوم بإنشاء هيئات تهتم باستثمار هذا المصدر المهم من مصادر الطاقة. والجمهورية الإسلامية على سبيل المثال بصفتها حاضرة دائماً في هذا الموضوع، أولت هذا الموضوع أهمية خاصة على مدى سنين، والتزمت تعهّداتها في إطار ما تفرضه المواثيق الدولية من مسؤوليات وما تمليه معاهدة (NPT) من ضوابط، حسب تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية، فضلاً عن التأكيد مراراً على استعدادها لمواصلة التعاون والحوار مع الوكالة الدولية. كذلك تتميز النشاطات النووية الإيرانية بشفافيتها ووضوحها وبأهدافها السلمية بعيداً من كل لبس وغموض ما يسهّل عملية حل الخلافات من خلال الحوار والتفاوض حسب التقرير نفسه. علاوة على ذلك، هناك رقابة مستمرة للمنشآت النووية من طرف الوكالة الدولية من خلال كاميرات رُكّبت وشُغّلت داخل المنشآت الإيرانية وفقاً لاتفاق بين الطرفين.
    وبالنظر الى نصوص معاهدة منع الانتشار النووي يمكن القول: إن هذه المعاهدة خلت من أي تعريف للاستخدامات السلمية للطاقة النووية، وكل ما هنالك أن هذه المعاهدة كانت حاضرة، عند الحديث عن التزامات الدول غير الحائزة للأسلحة النووية عدم امتلاك بأي وسيلة لأسلحة نووية، لذلك وفقاً لمفهوم المخالفة، تستطيع هذه الدول ان تستخدم الطاقة النووية في أي نشاط يكون سلمياً بحسب هذه المعاهدة.
    وترتيباً على هذا الفهم فإن المحظور وفقاً لنصوص هذه المعاهدة هو الاستخدام العسكري للطاقة النووية، وجاء في نص المعاهدة في الفقرة الأولى من مادتها الثالثة انه «تتعهد كل دولة من الدول غير الحائزة للأسلحة النووية تكون طرفاً في هذه المعاهدة بقبول الضمانات المنصوص عليها في اتفاق يجري التفاوض عليه وعقده مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وفقاً لنظام الوكالة الأساسي ونظام ضماناتها...»، وقد أكدت المعاهدة في ديباجتها المبدأ القاضي بأن تُتاح للأغراض السلمية لجميع دول الأطراف فوائد التطبيقات السلمية للتكنولوجيا النووية وضرورة إشراك جميع الدول الأطراف في هذا المجال. وفي الفقرة الثانية من المادة الرابعة نصت المعاهدة على حق الدول الأطراف في تبادل المعلومات العلمية والتكنولوجية من أجل استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية.