رسالة إلى أديب فرحة المستشار السابق للرئيس فؤاد السنيورة
  • رويدة رفقة فرحة

    عزيزي أديب،
    تحية طيبة وكل عام وأنت بخير،
    هذه الرسالة موجهة إليك من أحد أفراد آل فرحة، أرجو أن يتسع لها قلبك.
    أقول لك بصراحة ــ عزيزي أديب ــ إنه لولا القرابة التي تربطنا بك، لما شعرنا بضرورة التواصل معك في هذه اللحظة بالذات، مع أنك لست بالنسبة إلينا مجرد قريب أو فرد من أفراد العائلة المقربين، وأظنك توافقني الرأي على أنه تجمعنا بك عـــــــــــــلاقة خاصة ومودة خاصة. لكنك في ليلة العيد تلك ــ أي ليلة الرابع والعشرين من كانـــــــون الأول 2006 ــ أطللت علينا بحلة مختلفة بعـــــــــــــض الشيء، ليس فـــــــــقط لأنك أطـــــــــللت من جهاز التلفاز الذي كان يبثّ أخبار قناة المنار، بل أيضاً بسبب التصاريح الغريبة التي نسبتها إليك تلك القناة، وفيها أن أديب فرحة وصف في مقابلة مع مجلة Christian Science Monitor الاعـــــــــــــتصامات القائمة في وسط بيروت بأنها «تهدد أمن إسرائيل».
    ظننا في البداية أن هذه الجملة تصب في مصلحتنا، وأنك راضٍ عن تهديد أمن إسرائيل وأنه أمر يسعدك كما يسعدنا ويسعد الكثيرين غيرنا. لكن سرعان ما ظهر لنا الأمر على حقيقته بالصوت والصورة، إذ رأيناك واقفاً إلى جانب «جون بولتون» تصفق، ثم سمعنا تصريحاتك ووجدناك منحازاً كلياً إلى المعسكر الآخر، أي معسكر أعداء الوطن. أقولها بصراحة، ليس في الأمر أي موقف شخصي، لا تخوين ولا تصنيف، فسوف تبقى بالنسبة إلينا القريب والصديق المتحاور المتفهم والمساعد، وهي أمور اختبرناها معك شخصياً، لذلك لن أغير رأيي فيها، لكن الآن يجري الفرز بسرعة في ساحات الحرية، فمن ليس معنا، فهو ضدنا، ومن المؤسف أن يأتي الفرز بهذا الشكل، وأن يرد اسم من آل فرحة من جهة الفريق الذي يكيد للوطن. لا أخفي عنك أن ذلك أثار حفيظتنا، فبعد حفلة «شاي مرجعيون» ــ كما يسمونها ــ التي يُشَهَّر عبرها ــ في كل مرة ــ ببلدتنا الكريمة، تأتي حفلة «جون بولتون» في الأمم المتحدة لتفعل الشيء نفسه، والمتضررون هنا هم آل فرحة مباشرة، أي نحن وأنت والآخرون.
    عزيزي أديب، أنت لم تشـــــــــــهد عدوان إسرائيل على لبنان، لكنك تعرف تاريخ إسرائيل وما فعلته وتفــــــــــــعله بفلسطين والفلسطينيين. لقد غادرتَ لبنان نهائياً قبل العــــــــــدوان الإســــــــرائيلي ببضعة أشهر، وعندما سألناك عن سبب هجرتك إلى الولايات المتحدة، قلت إنك لست مضطراً للبقاء في لبنان، وإنك تشفــــــــــق على الذين لا خـيار لهم سوى البـــــــقاء هنا في ظروف كتلك (...).
    كان العدوان بشعاً جداً. قتل الناس والأطفال، وهجرهم، ودمر الجسور والطرقات، وهدم الأبنية، وهدد حياة اللبنانيين بكل جوانبها. ليس رجال حزب الله هم من فعلوا ذلك، كلا، إنها إسرائيل، إسرائيل التي ارتكبت دير ياسين وجنين وقانا وصبرا وشاتيلا، ومن ورائها الولايات المتحدة والأمم المتحدة والغرب كله مجتمعاً علينا دعماً لها.
    لقد اعتقدنا صراحة أنك بتركك الوطن هجرت العمل السياسي، وأنك بصدد طي صفحة قديمة وفتح أخرى جديدة لحياة لا علاقة لها بتعقيدات الحياة السياسية وفسادها. ربما كان هذا ما تمنيناه، وما زلنا نتمنى ذلك، ألاّ تفصل السياسة أبداً بيننا، وألاّ تكون مواقفك مصدر إحراج بالنسبة إلينا نحن القابعـين هنا بين أهلنا في ضاحيتنا وجنوبنا ووسط مدينتنا، ومكانك محفوظ بيننا، وبجوارنا في أحضان وطنك متى قررت العودة إلينا، رغم أنف جون بولتون الذي لن يكون آخر ضحية تقدمها السلطات الأميركية على مذبح فشلــــــــــها العســــــــكري والسياسي والمعنوي في العراق وغير العراق.
    هذا الفشل الذي سوف نشهد المزيد منه في الأيام المقبلة إن شاء الله. فكما حزمت امتعتك لتغادر بلدك نهائياً، يمكن أن تحزم أمرك وترى فعلاً أين تكمن مصلحة وطنك الحقيقية وتتذكر من انتصر في فييتنام ومن انتصر في كوبا ومن انتصر أخيراً في لبنان.
    كان الله معك دائماً
    وكل عام وأنت بخير