نداء: أيها القياديون معارضين وموالينالخوري يوسف عون

إن مصير لبنان أضحى بسببكم في مهبّ الريح، على مفترق خطر وخطير، وعليكم، وعلى مواقفكم وتصرفكم، يتوقف هذا المصير.
اعذروني أنا الكاهن المحايد حياداً مطلقاً، إذا خاطبتكم من صومعتي، في غدراس قريتي وكنت الى أبعد الحدود، صريحاً صادقاً معكم، مع كل احترامي لكم، فالمسألة لم تعد تحتمل تسويفاً وتأجيلاً، والخطر الأخطر تعدّى الخط الأحمر، والشعب لامس حد الانفجار والانهيار، وهو هو هذا الشعب وبالفم الملآن يقول: إنكم تبصرون البلاد تحترق، والسفينة تغرق، وأنتم تتفرجون ولا تبالون، مع أنكم المسببون. لقد تطلّبتم وتصلّبتم، فتسببتم بفتح أبواب جهنم، من الجهات الأربع، عليكم وعلى بلدكم، ما ينذر بآت عسير وشرّ مستطير. إنكم تتلهّون بالترهات والمهاترات والرهانات والتحديات، وتتوهمون أنها بطولات، بينما القدرة على التواضع والتنازل والتراجع والتسامح والتصالح هي البطولات.
أيها القياديون:
تذكروا أن الله سيحاسبكم يوماً، طال عمركم، عن بلاد وعباد أوكل أمرهما إليكم، فأوصلتم البلاد ومؤسساتها ومرافقها وصناعتها وتجارتها وزراعتها وسياحتها وسائر قطاعاتها الى شفير الهاوية.
أما العباد فأوصلتموهم الى حافة الرعب والخوف والبؤس واليأس والقهر والفقر والبرد والجوع والحرمان، حتى ليكادون يكفرون بلبنان، فيهجره من بقي فيه من السكان الى أي بلد آخر تحت الشمس يجد فيه ملاذاً وقوتاً وأماناً وإحساساً بالكرامة والعنفوان.
أيها القياديون موالين ومعارضين:
اتّقوا الله، وخافوا ربكم، واعملوا بتعاليم كتبكم، وأيقظوا وجدانكم، واحزموا أمركم، وتذكروا طال عمركم، أننا وأنكم، الى موت وزوال، مهما طال الزمان، وما سوى ذلك أوهام وأضغاث أحلام، بدّدوا إذاً هذه الأحلام والأوهام، واعملوا فوراً على نبذ خلافاتكم والإقلاع عن رهاناتكم، وعلى حل جميع مشاكلكم، فتحل تلقائياً أزمات شعبكم وبلادكم، وحينئذ لبنان وكعادته قادر بإذن الله على النهوض من جديد بكل تأكيد، ليصبح أفضل مما كان في ما مضى من الزمان.
توكلوا إذاً على الله وقوموا بما يمليه عليكم الواجب والضمير. يغفر لكم الرب ويسامحكم الشعب ويعفو عنكم التاريخ، وإلا فلن يغفر رب ولن يسامح شعب ولن يعفو تاريخ.


أين هم؟
فايز وديع فارس


أنا المواطن اللبناني العادي، بدأت الآن أتلمس (طبعاً ليس على طريقة ميلِس) الأسباب الخفيّة الكامنة التي دفعت بأصحاب القرارات العليا إلى تنفيذ عمليات اغتيال رفيق الحريري وسمير قصير وجورج حاوي وجبران تويني، مدى عام 2005. إنّ رفيق الحريري كما عرفناه، لم يكن ليقبل جملة وتفصيلاً بكل ما حصل ويحصل على الساحة اللبنانية منذ ساعة اغتياله حتى اليوم، ولكان عمل بكل ما أوتي من قدرات لمنع «ورثته السياسيين» من استغلال استشهاده إلى هذا الحد الذي وصلنا إليه والذي أدّى إلى ما أدىّ إليه.
إنّ سمير قصير كما عرفه المقربون، وبخاصة طلابه، والذي أضاء بالصوت والصورة ساحة الشهداء في ذلك اليوم الهدّار من شهر آذار 2005، كان سينزل من دون أدنى شك، في الأول من كانون الأول 2006، إلى الساحة عينها ليحقق ما مُنع من تحقيقه في الانتفاضة الأولى، من أجل تغيير الأوضاع التي أنتجتها سياسات حكومة الأربعتعش الوريثة الشرعية للنظام البائد. إنّ جورج حاوي كما عرفته الأجيال مدى أربعة عقود، لم يكن حتماً ليقبل ويكتفي بالتفرّج على انطلاقة هذه التظاهرات المليونية الحقّة والتي احتلت سلمياً وديموقراطياً الساحتين، ساحة الحرية وساحة الاستقلال. كنّا سنراه ينخرط بكل قواه وخبراته ليشارك المشاركة الفعّالة في قيادة هذه التظاهرات إن جبران ابن غسان تويني لم يكن حتماً ليقف إلى نافذته المطلّة على ساحة الحرية، متفرّجاً غير مبال مثل أهل القرنة، يحدّق في الحشود الشعبية الحقيقية الصادقة التي ضجّت بهم ساحات الوطن السليب فرحاً وحبوراً لأسابيع حفرت عنوانها في ذاكرة التاريخ. ماذا كان قال وفعل المفتي حسن خالد والإمام موسى الصدر وسيد بكركي البطريرك المعوشي؟
وماذا كان كتب ميشال أبو جودة وسليم اللوزي ورياض طه وعفيف الطيبي وسعيد تقي الدين؟