ميلود بن غربي *
وفقاً لمبدأ مغربية الصحراء، تسعى الدبلوماسية المغربية هذه الأيام إلى صياغة حل يتناسب مع هذه الرؤية التي، كما يبدو، بدأت تلقى الترحيب والمساندة من بعض الدول العربية، إذ كان منها أخيراً موقف دولة الكويت التي أظهرت دعمها للتوجه المغربي، بعدما مضت الذكرى الواحدة والثلاثين للمسيرة الخضراء التي ضُمَّت فيها الصحراء الغربية للمملكة المغربية من دون جديد يذكر يأخذ بعين الاعتبار أوضاع الصحراويين عموماً، واللاجئين منهم تحديداً، إلا من تجديد الحكومة المغربية دعوتها إلى الجزائر بقبول وجهة نظرها في كيفية إيجاد حل نهائي لقضية الصحراء الغربية، وهو ما لم يرقَ إلى ما تتوق إليه الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب.
فقد قامت المملكة المغربية بصياغة مشروع للحكم الذاتي تنوي عرضه على الأمم المتحدة في الأشهر القليلة المقبلة، وتراه الحل الأمثل لهذه القضية. ويتمثل هذا المشروع أساساً في تحويل إقليم الصحراء الغربية إلى حكم ذاتي موسع في نطاق سيادة المملكة ووحدتها الوطنية والترابية، وهو ما يضمن الحقوق السياسية والثقافية للصحراويين، وهو توجه ديموقراطي وخيار استراتيجي يستهدف معاودة تفعيل الاتحاد المغاربي المتعثر منذ سنوات.
المعروف هنا أن ما طرحته المملكة المغربية قد سبق أن لاقى الرفض من البوليساريو التي كانت قد ارتضت الالتزام بقرار مجلس الأمن رقم 658 بتاريخ 27 حزيران 1990، على أساس أن يجري استفتاء شعبي يحدد مصير الإقليم، وهو ما لم يحصل إلى حد الآن لعجز الأمم المتحدة عن تحديد هوية الناخبين، ما أدى إلى ظهور مشكلة حقيقية، هي عدم إمكان حصر الكتلة الناخبة التي يحق لها الاقتراع سواء بالتصويت لمصلحة الاستقلال أو بالانضام للمغرب.
يعود رفض الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء وواد الذهب ــ المدعومة من الجزائر ــ لخيار الحكم الذاتي لسبب تراه هي وجيهاً، وهو أن ذاك هو من أهم حقوق الإنسان في ما يتعلق بالأقاليم، وهو يستمد أهميته من الميثاق العالمي للحقوق السياسية والمدنية، والميثاق الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فهذا الحق يعكس احترام كل حقوق الإنسان لشعب الصحراء الغربية، وأي غياب له سوف يؤدي إلى تعثر في الممارسة والتمتع بكل الحقوق الأخرى التي تضمنتها المواثيق الدولية المعمول بها، وعلى ذلك فإن من غير الممكن أن يفرض الحكم الذاتي.
إن الأمم المتحدة في كل قراراتها الصادرة عن مختلف أجهزتها رأت أن إقليم الصحراء الغربية هو من الأقاليم التي ينطبق عليها الفصل الحادي عشر من ميثاق الأمم المتحدة والنظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، ويشملها إعلان الجمعية الخاص بتصفية الاستعمار، وقد باتت قضية الصحراء الغربية منذ عام 1964 موضوعاً للنظر سنوياً من جانب الجمعية العامة ومجلس الأمن الذي قام أخيراً تماشياً مع القرار رقم 1720 بتمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في الصحراء الغربية والمعروفة اختصاراً بـ«مينورسو» لستة أشهر، كي يمنح الأطراف المعنية بالنزاع فرصة جديدة لاختبار الإرادة السياسية في التعاطي مع الملف من منظور التعامل مع المتغيرات الدولية الراهنة وفقاً لمبادئ الشرعية الدولية ومبادئها ما دام جمود الوضع واستمرار المأزق ليس مزعجاً إلى درجة تثير القلق، إذا ما تم التغاضي عن أوضاع المعتقلين الصحراويين، والأوضاع المزرية التي يعانيها اللاجئون الصحراويون في المخيمات.
لقد استطاعت الأمم المتحدة أن تلزم أطراف النزاع وقف إطلاق النار، ليس لتنسى الأطراف المعنية طموحاتها وآمالها، بل لتصل إلى حل يرضي جميع الأطراف وهو ما لم يتحقق بعد، وخصوصاً بعدما آلت مقترحات الحل إلى الفشل، وكان منها اقتسام الصحراء بين المغرب والبوليساريو، وعليه فقد بات من الضروري العودة لأطروحة تنظيم استفتاء.
* كاتب جزائري