معركة الجميل الخاسرةبشارة خير الله

بعد مرور أربعين يوماً على اغتيال الوزير الشهيد بيار أمين الجميل بات من الممكن التكلم جدياً على المستقبل المتني. طبعاً بعد دعوة الرئيس لحود الهيئات الناخبة إلى إجراء انتخابات فرعية في المتن الشمالي الذي يشهد حالياً على بشاعة في التعاطي وعلى سوء التصرف ممن يفترض بهم ان يمارسوا لعبة الاستقطاب المرحلي لكسب بعض الأصوات «الشاردة» الحائرة التي لم تحسم أمرها بعد ما بين التعاطف مع الفاجعة والعقلانية وحسن الاختيار والثبات في الموقف.
بعد الاعتداء على النائب المتني نبيل نقولا ومرافقيه صدر عن حزب الكتائب بيان يؤكد على البغض الكتائبي للتيار الوطني الحر، فحين يقال في بيان بأن النائب نقولا بات يشكل حالة استفزازية في المتن، فإن هذا يعني أن الأمور متجهة نحو التصعيد الكتائبي تجاه الأكثرية المتنية التي سمحت بكل رضاها في الانتخابات النيابية عام 2005 بوصول الشيخ بيار الى الندوة البرلمانية، لا بل ساعدت الماكينة الانتخابية العونية على ضخ عدد لا بأس به من الأصوات بعد الظهر، ما سمح للكتائب بالفوز بدلاً من النائب نسيب لحود أو المرشح سركيس سركيس، وكانت المكافأة الفورية لأهل التيار الهجوم اليومي على العماد ميشال عون الذي يعامل حتى اليوم وكأنه «قاتل بيار». أما لو جاء البيان الكتائبي بشكل لا يتبنى أي اعتداء، ووضع الإشكال في صورة فردية تتعلق ببعض الشبان لكانت الحال مختلفة تماماً ولمصلحة حزب الكتائب المحرج اليوم بانتخابات خاسرة سلفاً كما تشير كل التحاليل والإحصاءات.
التيار الوطني الحر مُطالَب اليوم من مختلف قواعده الناخبة في كل لبنان بخوض المعركة الفرعية المتنية لتأكيد الشعبية البرتقالية المستقرة تماماً كما عام 2005. والعماد عون المرتاح إلى وضعه في شتى الميادين يستمع بشغف الى المطالبين ويعدهم ويعاهدهم بأنهم كانوا وما زالوا أصحاب القرار وكل الأمور ستجري لمصلحتهم ولمصلحة لبنان.
أما على الصعيد الكتائبي فالحال مختلفة وما حصل عليه حزب الكتائب عام 2005 لن يراه في انتخابات فرعية ولا في انتخابات مبكرة ولا حتى في موعدها الرسمي عام 2009، ما إذا استمر في ما هو عليه من طريقة التعاطي مع الأمور المصيرية وذلك ضمن انضمامه كدرجة ثانية الى صفوف 14 آذار غير القادر اليوم ولا غداً على إعطائه حصة نيابية توازي حصته الحالية، ففي المتن المعركة محسومة لمصلحة مرشح التيار، وفي بعلبك ــ الهرمل فاز النائب نادر سكر من خلال أصوات حزب الله حين كان حزب الكتائب ضمن صفوف 8 آذار برئاسة الأستاذ كريم بقرادوني، وفي بعبدا ــ عاليه لا تحالف رباعياً بعد اليوم لذا لن يكون الأستاذ أنطوان غانم نائباً من نواب 14 آذار، أما المقعد الكتائبي الرابع في بيروت فحاله لن تكون مستقرة عندما يأتي الاستحقاق الانتخابي الذي سيشارك فيه التيار الوطني الحر حتماً على عكس عام 2005.
الحال المتنية مفتوحة على كل الاحتمالات، خيار المعركة محسوم لمصلحة مرشح التيار أياً كان، وهنا نسأل: أي مصلحة للرئيس أمين الجميل تجعله ثابتاً على ما هو عليه؟، فإذا كان هو مرشح حزب الكتائب كما يقال، فكيف سيواجه الخسارة الحتمية؟
والسؤال الثاني: كيف سيواجه الاستحقاق الرئاسي بعد تداول اسمه كأحد مرشحي قوى 14 آذار الأربعة بعد الخسارة أمام أي مرشح يختاره العماد ميشال عون في انتخابات فرعية، لذا الأيام المقبلة ولو طالت ستعطي للرئيس الجميل فرصة التفكير في أنه لا دخول الى الجنة البرلمانية بعد اليوم إلا من خلال العماد عون، وعليه واجب تصحيح بعض الأخطاء التي ارتكبت في حق الجنرال بعيد فاجعة اغتيال الشيخ بيار الجميل، وخاصة ان تاريخ التيار وعماده وثقافتهما تدلا على نبل في التعاطي، وحزب الكتائب مجتمعاً يعلم جيداً بأن العماد عون ظُلم كثيراً من الرئيس الأعلى حين رفض هذا الأخير استقباله لتقديم واجب العزاء وفي الوقت عينه استقبل ألد أخصامه التاريخيين.